عربي ودولي

حمدوك وزوجته تحت الإقامة الجبرية.. والبرهان أعلن حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء … انقلاب «العسكر» على «المدنيين» يؤجج الشارع السوداني وضحايا وجرحى في المواجهات

| وكالات

تطورات متسارعة شهدها السودان، على خلفية التوترات السياسية بين «شركاء» السلطة من المكونين العسكري والمدني والتي وضعت البلد أمام ما وُصفه خبراء بـ«أخطر أزمة سياسية وأمنية» منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، وسط قلق وترقب أطراف إقليمية ودولية على اعتبار أن تلك التطورات لا تتعلق بالسودان وحده، بل إن تداعياتها تنتقل لتشكل تهديداً وتحديات متنامية خارج السودان بشكل مباشر وغير مباشر.
وحملت الساعات الأخيرة في السودان تطورات خطيرة، بدءاً بحملة اعتقالات طالت شخصيات سياسية بارزة ووزراء وزعامات حزبية سودانية، وصولاً إلى وضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية، وسط استنفار أمني بالبلاد، على حين تصاعدت ردود الأفعال من القوى والأطراف السياسية المدنية الرافضة لتلك التطورات، الذين دعوا أنصارهم للنزول إلى الشارع، حيث بدأت المواجهات التي أسفرت إلى ساعة إعداد الخبر، إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح ثمانية آخرين من الطرفين.
وأعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال مؤتمر صحفي أمس الاثنين، حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في أنحاء البلاد كافة.
وحسب ما نقل عنه موقع «روسيا اليوم» أكد البرهان، الالتزام التام والتمسك الكامل بما ورد في وثيقة الدستور بشأن الفترة الانتقالية، لكنه أعلن تعليق العمل ببعض المواد، كما أعلن إعفاء الولاة في السودان، متعهداً بمواصلة العمل من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات في البلاد، واصفاً ما يمر به السودان، في الوقت الحالي، بالخطير، في إشارة إلى الانقسام السياسي الحاد الذي شهدته البلاد، خلال الآونة الأخيرة.
وأشار البرهان إلى أن حكومة كفاءات وطنية ستتولى تسيير أمور الدولة حتى الانتخابات المقررة في تموز 2023، مؤكداً أن «حكومة مستقلة ستحكم السودان حتى موعد الانتخابات»، مؤكداً أن «الصراع يهدد أمن وسلام السودان».
وأضاف: «سنخلق بيئة مناسبة للأحزاب السياسية وصولاً إلى الانتخابات»، مشيراً إلى «تعليق عمل لجنة لمكافحة الفساد»، ومشدداً على أنه «ملتزم باتفاق السلام المبرم مع الفصائل المتمردة في جوبا».
وأوضح عبد الفتاح البرهان أنه «سيتم تشكيل برلمان ثوري من الشباب»، مضيفاً: «لا حزب ولا كيان سيفرض إرادته على السودان»، لافتاً إلى أنه «ثمة حاجة للجيش لحماية أمن وسلامة البلاد وفقاً لما ينص عليه الإعلان الدستوري»، ومؤكداً أن «الخلافات بين الساسة والطموح والتحريض أجبرهم على التحرك».
وفي وقت سابق أمس، أصدر مكتب رئاسة الوزراء في السودان، بياناً بشأن الأحداث المتلاحقة التي استفاقت عليها البلاد بعد أسابيع من التوتر والانقسام حول انتقال السلطة، بين المدنيين من جهة، والقيادات العسكرية، من جهة أخرى.
وحسب موقع «سكاي نيوز» أورد البيان أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته، تم اقتيادهما من مقر إقامتهما في العاصمة الخرطوم، إلى جهة غير معلومة من قبل قوة عسكرية، مشيراً إلى أن القوات الأمنية في السودان أقدمت أيضاً على اعتقال عدد من أعضاء مجلس السيادة والوزراء وقيادات سياسية.
وقالت مصادر سياسية إن جنوداً اعتقلوا معظم أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعدداً كبيراً من قادة الأحزاب المناصرة للحكومة، أمس، فيما يبدو أنه انقلاب عسكري بعد توترات دامت أسابيع بين الجيش والحكومة المدنية.
كما اقتحمت قوات عسكرية مشتركة مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين، وذلك وفقاً لوزارة الإعلام السودانية.
وقالت وزارة الثقافة والإعلام على صفحتها بفيسبوك «قوات عسكرية مشتركة، تقتحم مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، وتحتجز عدداً من العاملين».
من جانبها وفي أول تصريح لمسؤول حكومي سوداني إثر التطورات الجارية في البلاد حالياً قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي أمس إن «محاولة أي طرف فرض رؤيته الخاصة تمثل معركة خاسرة»، مضيفة إن الباب ما زال مفتوحاً للحل السلمي عبر الحوار.
وحسب «سكاي نيوز» شددت المهدي على أن الشعب السوداني سيقاوم «بكل الطرق السلمية بما فيها العصيان المدني والنزول إلى الشوارع».
إلى ذلك دعا تجمّع المهنيين السودانيين «الشعب السوداني إلى الخروج إلى الشارع لمقاومة أي انقلاب عسكري»، داعياً أيضاً «لجان المقاومة والقوى الثورية إلى تفعيل شبكة الاتصال الأرضي المجربة».
وخرج آلاف المتظاهرين في العاصمة السودانية الخرطوم أمس، رفضاً للتطورات الجديدة التي حصلت في البلاد، ما زاد من حدة التوتر، واعتبرت «لجنة أطباء السودان المركزية»، في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أن ما تم هو «انقلاب عسكري تم بتخطيط دقيق من قوى الردة»، ورأت اللجنة أن بيان الانقلاب العسكري «كشف بجلاء العداء للثورة ومبادئها وللحكم المدني، ولما تم التوافق عليه في الوثيقة الدستورية».
الصفحة التي وصفت المتظاهرين بـ«الثوار» ذكرت أنه قد «ارتقت روحا ثائرين إثر إصابتهما بطلق ناري بواسطة قوات المجلس العسكري الانقلابي، كما رصد الأطباء عددا كبيرا من الاصابات يتجاوز الثمانين مصاباً»، وفي خبر لاحق ذكرت الصفحة أنه «ارتقى شهيد ثالث بطلق ناري بواسطة قوات المجلس العسكري الانقلابي».
وقبل أيام، جدّدت قوى «إعلان الحرية والتغيير» في السودان دعمها لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، محذرةً من «انقلاب زاحف».
وفي أيلول الماضي، قال مصدرٌ عسكري سوداني إنّ «مجموعة انقلابية في السودان حاولت السيطرة على الأوضاع في البلاد».
ويعيش السودان حالةً من التوتر منذ أن أفسحت محاولة انقلاب فاشلة الشهر الماضي المجال لتراشق حاد بالاتهامات بين الطرفين العسكري والمدني اللذين يفترض تقاسمهما السلطةَ بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن