شؤون محلية

كلية طب الأسنان في جامعة دمشق بين ماض من الزمان وآت

| الدكتور عمار مشلح - أستاذ في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق

طب الأسنان وفق ADA هو علم يختص بدراسة وتشخيص ومعالجة أمراض الفم والوجه والفكين والأسنان والأنسجة المحيطة بها والوقاية منها. ويتفرع إلى العديد من الاختصاصات.

أقدم ممارسة مسجلة لطب الأسنان عمرها 14000 سنة وُجدت في إيطاليا لسن تم تنظيفه بواسطة أحجار الصوان.

(حسي رع) في مصر القديمة كان أول من تمت تسميته «طبيب أسنان» في التاريخ.

أشارت شريعة حمورابي في القرن 18 ق.م لعملية خلع الأسنان مرتين في سياق العقوبات.

كتب عدة علماء يونانيين كأبقراط وأرسطو عن طب الأسنان.

من العلماء العرب نذكر (أبا بكر الرازي) الذي تحدث عن تشريح الفكين والأسنان وكذلك الجراح الكبير (أبو القاسم الزهراوي) الذي صمم ورسم العديد من الأدوات الجراحية ولا ننسى ابن سينا الذي وصف العديد من أمراض الفم.

أول كتاب ركز على طب الأسنان فقط هو كتاب

(Buchlein Artzney) والذي كُتب في 1530م.

فكرة التأسيس والانطلاقة

تعود فكرة تأسيس النواة الأولى للكلية إلى عام 1919، وتحققت هذه الفكرة جدياً عام 1921 حيث وافقت مديرية المعارف العامة على تأسيس شعبة لطب الأسنان افتتحت في تشرين الأول من العام نفسه في التكية السليمانية وجعلت مدة الدراسة فيها أربع سنوات ينال الطالب في نهايتها درجة دكتور في طب الأسنان وجراحتها، وقد تخرجت الدفعة الأولى عام 1925.

في عام 1942 انتقلت شعبة طب الأسنان لأحد أبنية المستشفى الوطني وكانت تابعة لكلية الطب وبقي هذا القسم على وضعه حتى عام 1959.

كلية مستقلة

في عام 1959 صدرت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والتي نصت على أن يصبح هذا القسم كلية مستقلة بعد أن توافرت له المؤهلات اللازمة، ساهمت الكلية في تعليم وتدريب طلابها السوريين والذين وفدوا إليها من أنحاء الوطن العربي ليتخرجوا ويمارسوا المهنة.

تأهيل أعضاء الهيئة التدريسية

في المرحلة التأسيسية تم إيفاد المعيدين إلى أمريكا ودول أوروبا ثم أضيف إليها مصر ولاحقاً إلى الاتحاد السوفييتي ودول أوربا ثم تم الإيفاد داخلياً إلى جامعة دمشق أو خارجياً إلى أمريكا ودول أوروبا، وبذلك يمكن القول إن تعدد المدارس العلمية ساهم في رفع مستوى الخريج ورسخ مكانته الرفيعة وزيادة الطلب عليه.

الدراسات العليا

تم افتتاح دبلوم طـب أسنان الأطفال عام 1973/1974 ثم افتتح دبلوم التيجان ثم دبلوم جراحة الفم والفكين ودبلوم تعويضات الأسنان ودبلوم مداواة الأسنان ودبلوم أمراض النسج الداعمة وبالعام 1985/1986 افتتح دبلوم التشريح المرضي وأخيراً افتتح دبلوم الدراسات العليا في طب الفم 2003-2004 ثم إلغاء الدبلوم لاحقاً انسجاماً مع المتغيرات في الساحة العلمية العالمية.

تستقبل الكلية طلاب الدراسات بهذه الاختصاصات ويزيد عددهم حالياً على 600 بينهم أكثر من 100 طالب دكتوراة، إضافة إلى ماجستير التأهيل والتخصص في طب الأسنان التجميلي، ولم تدخر الإدارات العلمية جهداً لدعم الأبحاث وعملت عبر التشبك لربطها بالمجتمع وحاجات الواقع الصحي.

وتم افتتاح البناء الجديد عام 1995، وبهذا تكون الكلية من أكبر وأحدث كليات طب الأسنان ليس في العالم العربي فقط بل في العالم.

تحتوي الكلية على ما يقارب 500 جهاز معالجة سنية، إضافة لعيادات الليزر وزرع الأسنان والمرضى ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تحتوي على مكتبة مميزة و15 مخبراً للتدريب العملي إضافة إلى مخابر الإنترنت والمحاكاة والمجاهز، وتجهيزات أخرى كالأشعة والأوزون وبعض الأجهزة المتعلقة بالتشخيص الرقمي والبحوث العلمية.

تقدم الكلية خدمات نوعية علاجية ووقائية وتشخيصية إضافة لكونها مركزاً تدريبياً وتعليمياً وبحثياً.

تحتوي الكلية على مشفى جراحة الفم والوجه والفكين مجهز بغرفتي عمليات وغرفة للعناية المشددة وغرفة للجراحة الصغرى وحوالي 40 سريراً.

يبلغ عدد طلاب الكلية حالياً 3200 طالب و278 طالباً مستضافاً من جامعة الفرات.

يعمل في الكلية حالياً 82 عضو هيئة تدريسية إضافة إلى عدد من القائمين بالأعمال والمعيدين والمشرفين يتبع للكلية مكتب ممارسة المهنة وهدفه ترسيخ مبدأ ربط الجامعة بالمجتمع والتعليم الطبي المستمر.

التحديات والتطلعات المستقبلية

تواجه كلية طب الأسنان الطلب المتزايد للدراسة فيها مع المحافظة على الجودة والاعتمادية، رغم محددات البنية التعليمية وعدم التزايد المضطرد لأعداد الهيئة التدريسية لمواكبة أعداد الطلاب، الأمر الذي يحتاج إلى مسابقة تستغرق زمناً، وقد لا يتقدم إليها العدد أو الاختصاص المطلوب نظراً للظروف العامة المتعلقة بالحرب أو لأسباب ذاتية بعضها يتعلق بالرغبة لدى حملة الدكتوراه بالسفر أو التدريس بجامعات خاصة.

الطريق الأطول لزيادة العدد هو تعيين المعيدين، وفي ظل ظروف الحرب التي أدت إلى نزيف عدد من أعضاء الهيئة التدريسية فإن عدداً لابأس به من المعيدين الذين أوفدتهم الجامعة خارجياً وأنهوا إيفادهم لم يعودوا إلى جامعتهم التي أوفدتهم ومولت تأهيلهم وهذه قضية خطيرة تسعى الوزارة لمعالجتها!

يواجه مشفى جراحة الوجه والفكين تحدي ندرة اختصاصيي التخدير، وقد بذلت الجامعة جهوداً استثنائية لاستمرار عمله في ظل هذه الظروف نظراً لأهميته البالغة.

واجهت وتواجه الكلية جائحة كورونا من خلال التعليم عن بعد، والتعليم المدمج والعودة للسريريات ضمن اشتراطات ضبط العدوى.

واجهت وتواجه الكلية الحصار الاقتصادي الجائر وهذا أدى إلى غلاء وندرة التجهيزات والمواد الطبية اللازمة لاستمرار العملية التدريسية ما فرض شيئاً من التحدي على عمليات الصيانة ومحاولات التعويض عن أي نقص من دول مؤيدة لسورية كما أن الكادر الفني والهندسي قد طور من مهاراته في محاولة للاكتفاء الذاتي.

واجهت الكلية خلال الحقب الماضية تطور المناهج لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا وقد تغيرت اللائحة التدريسية كلياً ثلاث مرات منذ 1995، وطرأ عليها تعديلات جزئية عشرات المرات لمواكبة التطورات التي حصلت في علوم طب الأسنان، ومن الجدير بالذكر أن كتباً جديدة ملونة قد حلت مكان الكتب القديمة، كما اتجهت الكلية نحو تأليف المراجع إلى جانب الكتب والسماح لأساتذة المقررات بإعطاء نسبة محددة من خارج الكتاب المقرر، ثم اتجهت الكلية نحو الكتاب الإلكتروني الذي يواكب التطور ويلبي سهولة وصول المعلومات.

بات إتقان اللغة الإنكليزية أمراً ملحاً بالنسبة لأستاذ الجامعة مهما كان تخصصه إذا ما أراد أن يكون أستاذاً ناجحاً في عمله، أو محاضراً متعمقاً في مادة تخصصه، أو مشاركاً فعالاً في المؤتمرات والندوات العلمية.

إن الدعوة إلى إتقان اللغة الإنكليزية والتعمق فيها على مختلف المستويات لا يتعارض مع إتقان اللغة العربية واستعمالها في الوظائف الأكاديمية المختلفة، ذلك أن اللغة الإنكليزية تفتح له نافذة للاطلاع على الموضوعات الجديدة في مجال تخصصه وتخرجه من العزلة العلمية.

إن مشكلة إتقان الأستاذ للغة الإنكليزية إذا لم يكن يتقنها، ليست مستعصية على الحل، فتعليم اللغة الإنكليزية لمختلف الفئات والمستويات أصبح ممكناً، حيث تولت الجامعة مهمة إعداد برامج خاصة وتصميم مواد تعليمية تتلاءم مع احتياجات الأساتذة ومستوياتهم المختلفة، أو أن يتبع الأساتذة أنفسهم أسلوب التعلم الذاتي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن