شؤون محلية

معاناة في الإنتاج وأخرى في التسويق وثالثة في التصدير! … هل تعالج زيارة وزير (التموين) لطرطوس عقبات تسويق الحمضيات؟

| طرطوس - هيثم يحيى محمد

تعتبر زراعة الحمضيات زراعة إستراتيجية لسكان الساحل السوري لكون الأسر التي تعمل فيها تزيد على (55) ألف عائلة ولكون مردودها هو المصدر الوحيد لمعيشتهم وبالتالي فإن أي تقصير حكومي تجاه هذه الزراعة المهمة من حيث مستلزمات الإنتاج والتسويق الداخلي أو الخارجي والأسعار ستكون له انعكاسات سلبية كبيرة على هذه الأسر بشكل خاص وعلى الساحل والاقتصاد الوطني بشكلٍ عام من هذا المنطلق وغيره ينتظر مزارعو الحمضيات وكل المرتبطين بهم وبهذه الزراعة أي إجراء أو قرار تتخذه الحكومة يمنع تراجع إنتاجها ويسهم في إعادة الألق إليها وينعكس بشكل إيجابي على المنتجين والمستهلكين والمسوقين.. وفي السياق نفسه ينتظرون قبل موسم كل عام اتخاذ قرارات جيدة ووضع آليات عمل مناسبة من شأنها تسويق الإنتاج داخلياً وخارجياً بأسعار تناسب المنتج والمستهلك والتاجر والسؤال الذي واجهنا به الكثير من المزارعين أمس وأول من أمس هو: هل يمكن أن تكون زيارة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم لطرطوس مساء الخميس الماضي واجتماعه مع المعنيين بهذه الزراعة وتسويقها قاعدة انطلاق قوية للنجاح في تسويق المحصول داخلياً وصولاً للمناطق التي لا يتم التسويق إليها سواء عبر «السورية للتجارة» التي أعطتها الحكومة سلفة مالية تبلغ حالياً 3 مليارات ليرة لهذا الغرض أو عبر التجار وأسواق الهال؟ وأيضاً في تسويق الفائض من هذا الإنتاج إلى الأسواق الخارجية عبر مصدرين بعد إزالة الصعوبات والعقبات التي تقف في وجههم؟
نترك الإجابة لقادمات الأيام التي ستكشف مدى تطبيق ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات وما تم إطلاقه من وعود في ضوء ما حصل من طروحات خلال الاجتماع الذي ترأسه الوزير في قاعة مجلس المحافظة بحضور محافظ طرطوس ورئيس المكتب الاقتصادي في فرع الحزب ورئيس غرفة التجارة والصناعة وجميع المعنيين بملف تسويق الحمضيات والقطاع التمويني بهدف تسويق الحمضيات والبدء بعمليات الشراء خلال أيام.
هذا الاجتماع الذي سنضع ما جرى فيه أمام الرأي العام وأمام المنتجين والعاملين والمستهلكين بشكل خاص من خلال هذه المادة أرقام في البداية عرض المحافظ صفوان أبو سعدى مذكرة أعدتها المحافظة حول زراعة الحمضيات بشكل عام وفي محافظة طرطوس بشكلٍ خاص وحول أهميتها من النواحي الاجتماعية والاقتصادية حيث ذكر أن المساحة المزروعة بالحمضيات تبلغ 43 ألف هكتار تنتج أكثر من مليون طن من أنظف وأحسن الأنواع لكن هذا الإنتاج تراجع عاماً بعد آخر ليصل هذا الموسم إلى 777 ألف طن فقط (215ألفاً في طرطوس والباقي في اللاذقية) لأسباب تتعلق بقلة المياه وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وانخفاض الأسعار والإهمال من المزارعين مبيناً أن أكثر من (56) ألف أسرة تعمل بهذه الزراعة منها أكثر من (20) ألفاً في طرطوس وأشار إلى أن كيلو البرتقال يكلف المزارع أكثر من 400 ليرة وكيلو الليمون الحامض يكلفه 533 ليرة والمندرين 433 ليرة في أرض المزرعة يضاف إليه تكاليف النقل والعبوات والعمولات متوقعاً تصدير نحو 67 ألفاً للخارج أي نحو 9 بالمئة من كامل الإنتاج ومطالباً بضرورة التدخل الإيجابي من «السورية للتجارة» من خلال الشراء المباشر من الفلاحين بأسعار تغطي التكلفة مع هامش ربح مقبول والتخفيف من الحلقات الوسيطة وإصدار نشرات تأشيرة للشراء ونشرات أسعار للبيع في الأسواق مع التشدد في مراقبتها وتفعيل الاتفاقية الموقعة من قبل المحافظة مع سيباستيبول الروسية.

صعوبات وعقبات
رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمود ميهوب قال: إن موسم هذا العام سيئ بسبب قلة فترات التغذية الكهربائية ونقص مادة المازوت الزراعي وقلة مياه الري وارتفاع تكاليف الإنتاج مشيراً إلى أن العلاقة السابقة مع «السورية للتجارة» لجهة التسويق غير مرضية للفلاحين ومطالباً بوضع أسعار تأشيرية جيدة تراعي وضع المنتجين والتكاليف وأن تقوم المؤسسة بالتسويق بموجبها وتدفع القيمة بسرعة للفلاحين المنتج عماد بركات من قرية يحمور طالب بوضع أسعار تغطي التكلفة مع هامش ربح وأشار إلى معاناة المنتجين بسبب عدم توافر جميع مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعارها كالسماد وغيره وتمنى أن تنجح السورية بتسويق كميات جيدة.
على حين أشار مزارع آخر إلى ما يدفعه الفلاح من تكاليف إضافية عند التسويق منها 7 بالمئة سمسرة وأجور باهظة جداً للشاحنات وثمن العبوات الفارغة (1000 ليرة للعبوة الواحدة) وأجور قبان ومعابر و… إلخ.. وقال عضو مكتب تنفيذي لاتحاد الفلاحين وهو من قرية تركب إن الكثير من الفلاحين بدؤوا بقلع الحمضيات ويبحثون عن زراعات بديلة وهذا أحد أسباب تراجع الإنتاج مؤكداً أن زراعة الحمضيات في خطر إذا لم يحصل الفلاح على سعر مجزٍ لإنتاجه.

معاناة المصدرين
نزار وهو أحد المصدرين إلى دول الخليج ولبنان أشار للمعاناة التي يتعرض لها بسبب كثرة الجهات التي تقوم بتفتيش البرادات المحملة وتكاليف ذلك عليه وطالب بحصر التفتيش بجهة واحدة إضافة للجمارك.. على حين ذكر مصدّر آخر(زياد بلورة) أن قرار المصرف المركزي رقم 1071 الذي صدر في آب الماضي ساهم بتراجع التصدير بنسبة 30 بالمئة وطالب بتدارك الثغرات فيه.. بدوره عدنان ريا صاحب مشغل فرز وتوضيب ومصدّر أكد ضرورة إيجاد أسواق خارجية لتصدير الفائض وأهمها السوق الروسي فهو سوق واعد جداً شرط تأمين خط نقل بحري مباشر بيننا وبين روسيا وتخفيض الرسوم الجمركية عن البضائع التي تدخل تلك السوق وبغير ذلك لن يتمكن المصدرون من منافسة الإنتاج المصري أو غيره في السوق الروسية.
رئيس غرفة التجارة والصناعة مازن حماد طالب الوزير بالموافقة على إصدار القرار المتعلق بإحداث مجلس تسويق الحمضيات الذي شكلته الغرفة منذ بضعة أشهر لما له من أهمية لجهة وضع خطة إستراتيجية للتسويق ومتابعة تنفيذها من جميع الجهات المعنية للسنوات القادمة مشيراً إلى أن المجلس المقترح يضم جميع الفعاليات المعنية بالتسويق كما تحدث عن التكاليف الباهظة التي تضاف على تكاليف الإنتاج بسبب عمليات التفتيش والتنزيل التي تحصل للبرادات التي يتم التصدير عبرها بالصيغة الحالية مطالباً بإيجاد صيغة مناسبة.
من جهته مدير عام «السورية للتجارة» زياد هزاع أكد أن المؤسسة ستقدم للفلاحين كامل الدعم لجهة إلغاء نسبة العمولة في أسواق الهال والنقل بسياراتها وتقديم الصناديق والاستعداد لتسويق أي كمية تعرض عليها مشيراً إلى أن سيارات المؤسسة جاهزة وأنه تم تشكيل لجان لتقوم بتسوق الحمضيات من الحقل مباشرة عبر سياراتها مع تقديم صناديق التعبئة ما يحقق الوفر للفلاح وإلغاء حلقة الوسيط الأمر الذي ينعكس إيجاباً على التسوق ويحقق التوازن بين الفلاح والمستهلك النهائي مضيفاً: إنه سيتم طرح جزء من الكميات في صالات «السورية للتجارة» المنتشرة في مختلف المحافظات والبالغ عددها 1400 صالة مع تخزين كميات أخرى في وحدات الخزن والتبريد التابعة لها ما يؤدي لرفع سعر الحمضيات بالنسبة للفلاح وتخفيض السعر للمستهلك.
الوزير سالم وفي معرض توضيحه لسياسة الوزارة في تسويق الإنتاج ودعم الفلاح ورده على بعض الطروحات أكد أن واجب الوزارة الشراء من الفلاحين مباشرة وعبر الجمعيات الفلاحية بأسعار جيدة لهم وأن تنقل الكميات المشتراة إلى صالات «السورية للتجارة» في كل المحافظات البالغ عددها 1400 صالة وبيعها للمواطن بسعر الجملة وبذلك تتم خدمة الفلاح المنتج والمستهلك ويتم حماية الفلاح من جشع السماسرة وبعض التجار مضيفاً إنه من المعيب أن يضطر الفلاح للبيع بسعر بخس ثم يرى إنتاجه يباع للمستهلك بأسعار مرتفعة فهذا قمة الظلم وقال سالم إن المؤسسة ستبدأ بالشراء خلال الأيام القادمة وفق الأسعار التأشيرية التي تم إقرارها في العاشر من تشرين أول الحالي وهي(البرتقال 480 ليرة شراء من أرض الفلاح و516 جملة و625 للمستهلك-الليمون الحامض 640 للفلاح و688 جملة و825 للمستهلك-المندرين 520 للفلاح و559جملة و670 للمستهلك-كريفون 395 للفلاح و422 جملة و510 للمستهلك) وأوضح أن الهدف هو دعم الفلاحين حتى لا يتوقفوا عن الإنتاج وتأمين المادة للمستهلك بسعر مناسب.. ووعد بنقل الموضوعات التي طرحت خلال الاجتماع حول التصدير وتتعلق بوزارات أخرى إلى تلك الوزارات لمعالجتها من قبلها أو ضمن اللجنة الاقتصادية أو مجلس الوزراء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن