ثقافة وفن

لمحة تاريخية عن العمارة والعمران لمدينة حمص … في تفاصيله الدقيقة يُبرز تطور الفن بتوالي المراحل التاريخيّة

| سوسن صيداوي

مدينة حمص مدينة وادعة وصفها ابن جبير الأندلسي في رحلته «فسيحة الساحة، مستطيلة المساحة، نزهة لعين مبصرها من النظافة والملاحة، عمارتها تجمع بين الحجارة البازلتية السوداء والكلسية البيضاء، سكانها متنعمون بحس الفكاهة».

هذا ما جاء في مقدمة كتاب (لمحة تاريخية عن العمارة والعمران لمدينة حمص) لمؤلفه د. لطفي فؤاد لطفي الذي جاء في ثلاثة فصول، الأول منها عن المدينة وسورها وأبوابها وأحيائها وشوارعها وأسواقها وسباطاتها، والفصل الثاني عن عمارتها وهندسة دورها وقصورها وخاناتها وحماماتها ومقاهيها، على حين الفصل الثالث والأخير يحكي عن أماكن العبادة وقلعة حمص.

وللمزيد نتوقف عند بعض العناوين في إضاءتنا للكتاب.

نشوء مدينة حمص

أهمية المدينة وقوتها تباينت بتنوع المراحل التاريخية، فتارة تجدها عامرة ومزدهرة وتارة أخرى تصبح المدينة مهملة، ولكنها بدأت كتجمع سكاني بسيط يقيم على تل حمص (القلعة) وكانت الخطوة الأولى في نشوئها هي نزول السكان من التل، وبناء البيوت خارجه في مطلع الفترة الهلنستية، تلاها استقرار دائم خارج التل، وبناء سور ليتحول التل إلى (أكروبول) واستقر الشكل النهائي للمدينة في القرن الثاني الميلادي زمن الأباطرة الحمصيين. ويضيف د. لطفي بأن حمص رُفدت لاحقاً فاتسعت لتأخذ شكل المستطيل يمتد من التل إلى المعبد شمالاً- مكان الجامع الكبير حالياً- ويتجه شرقاً حتى وادي السايح، لينحرف جنوباً نحو مرتفع المريجة، ثم ينعطف نحو الغرب إلى التل. توسعت المدينة في الفترة البيزنطية حيث اقترب شكل المدينة من المستطيل. وكان يحيط بالسور خندق يملأ بالماء(شارع الخندق) الممتد بين باب هود وباب المسدود، وشارع خندق باب السباع، الذي يمتد بين باب الدريب وباب السباع، والخندق الشرقي بين باب الدريب وباب تدمر. ونضيف هنا كيف تحصّنت حمص القديمة بأسوارها التي تحيط بها وارتفعت عن مستوى الأرض سبعة أمتار.

تطورها العمراني

بحسب وصف الباحث د. لطفي فؤاد لطفي، تميّزت مدن بلاد الشام ومن ضمنها حمص بأحيائها المتعرجة والمغلقة، لتعطي للمدينة طابع التلاحم والتمسّك والوحدة، وحافظت بيوتها على فسحة سماوية تتوسط الدار، وباستقلالية تتحقق فيها العناصر الفنية.

متابعاً بأن أعمال البناء وهندستها وتصميمها تتم من معماريين، وكان يسمى أحدهم (معلم السلطان أو بنا أميني) وكان لابد له من الحصول على براءة لممارسة هذه المهنة، والإشراف على أعضائها من (معماريين معلمين، ومن الصناع النحاتين، وكل من يقوم بأعمال البناء) إضافة إلى تنظيمهم والدفاع عن حقوقهم. ويستمد معلم السلطان معرفته ومعايير هذه الصنعة وخبرته المهنية من ممارسته الطويلة التي تلقاها عن أهل الصنعة، وما أضاف إليها من خبرته ومهارته وذوقه الفني، خاتماً هنا د. لطفي «لم يُحتفظ لنا إلا بما تركوه من أثر، من فن معماري، دون معرفة منهم لأن التاريخ يخلد اسم من شيد فقط من الحكام».

في الأبواب

يذكر الوافدي أربعة أبواب دخلها العرب المسلمون وهي: باب الجبل، باب الصغير، باب الشام، باب الرستن. ويضيف المؤلف شرحاً أوفى حول هذا العنوان، الأبواب هي: باب السباع أزيل عام 1925 وكان يقع في الجانب الجنوبي الشرقي من القلعة، ويتجه نحو الجنوب، ومنه يبدأ سور المدينة الجنوبي من جهة الغرب، وسبب التسمية وجود رنك الملك الظاهر بيبرس(لم يعد موجوداً).

باب الدريب: كان يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للسور، ويتجه نحو الشرق ومن موقع باب الدريب يبدأ سور المدينة الشرقي من الجنوب، وموضعه حالياً في وسط الطريق(شارع أحمد الرفاعي) كان فوق ساكفه نحت لحيتان ملتفتان.

باب تدمر: كان يقع في الزاوية الشمالية الشرقية للسور، ويتجه نحو الشرق وفي باب تدمر ينتهي سور المدينة الشرقي في الشمال وموضعه الحالي وسط الشارع المؤدي إلى ساحة باب تدمر الداخلية.

باب السوق: يطلق عليه باب المدينة أو باب الرستن، ويقع في وسط السور الشمالي، وإلى الغرب من الجامع النوري الكبير، ويتجه نحو الشمال.

باب هود: كان يقع في السور الغربي للمدينة وسط الشارع الرئيسي ويتجه نحو الغرب.

الباب المسدود: كان يقع إلى الجنوب من باب هود في السور الغربي للمدينة، ويتجه نحو الغرب.

وأخيراً باب التركمان: كان يقع شمال غرب القلعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن