فرنسا وألمانيا متمسكتان باستقرار لبنان.. ومصادر : مواقف قرداحي كانت الشرارة التي أشعلت برميل البارود … بوحبيب يدعو السعودية إلى الحوار.. ولقاءات لميقاتي في غلاسكو لبحث الأزمة مع الخليج
| وكالات
سارت قضية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي على طريق التدويل، في محاولة لوضع حد أمام تطور تدهور العلاقات بين دول الخليج ولبنان، بمشهد بات يقر الجميع فيه أن ما يجري هو أكثر من مجرد قضية شخصية تخص قرداحي بعينه، وإنما محاولة لإعادة ضبط إيقاع لبنان بما يتواءم مع مصالح تلك الدول في المنطقة.
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، كثف، أمس الإثنين، من لقاءاته عربياً ودولياً، حيث سمحت له قمة المناخ في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، عقد عدة لقاءات متتالية، بحث خلالها الأزمة الخليجية اللبنانية الأخيرة.
وحسب ما ذكر موقع «النشرة»، أكد ميقاتي، خلال لقائه رئيس مجلس الوزراء الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، على هامش القمة، «حرص لبنان على العلاقة الوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على معالجة أي ثغرة تعتريها بروح الأخوّة والتعاون».
بدوره أعلن رئيس وزراء الكويت، «حرص بلاده على لبنان، وسعيها المستمر لدعمه في كل المجالات، وفي الوقت ذاته حرصها على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي»، مشدداً على أن «لبنان قادر بحكمته على معالجة أي مشكلة أو ثغرة، وسيجد كل الدعم المطلوب من الكويت وسائر الدول العربية».
في السياق، أكد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، خلال لقائه ميقاتي، أنه «سيوفد وزير الخارجية القطري إلى بيروت قريباً، للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان، ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة، ولاسيما معالجة الأزمة اللبنانية الخليجية».
وذكر المكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء اللبنانية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حرص خلال لقائه مساء أمس مع ميقاتي، على تمديد الاجتماع أكثر من مرة رغم انشغالاته، معبّرا عن «تمسك فرنسا باستقرار لبنان السياسي والاقتصادي».
كما عقد الرئيس ميقاتي اجتماعاً مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم إسبانيا المستمر للبنان عبر المجموعة الأوروبية.
من جهتها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لميقاتي «استعداد ألمانيا لدعم لبنان في كل المجالات»، مؤكدة «حرص ألمانيا على دعم استقرار لبنان واستعادة عافيته».
وعلى هامش أعمال قمة المناخ اجتمع ميقاتي مع رئيس أرمينيا أرمين سركيسيان، ثم رئيس قبرص نيكوس اناستاسيادس، ومع ورئيس وزراء ايطاليا ماريو دراغي، كما عقد لقاء مع الامير البير دو موناكو، ومع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، التي أكدت «أن صندوق النقد الدولي عازم على مساعدة لبنان للنهوض من أزمته الحالية»، واعتبرت أن «خطة التعاون التي يجري العمل عليها تشكل فرصة يجب إنجاحها من جميع المعنيين لأنها باب الحل الوحيد المتاح».
على خط مواز، دعا وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب السعودية إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة بين الدولتين.
ولفت بو حبيب في تصريح لوكالة «فرانس برس» إلى أن «المشكلات بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلها إلا بالحوار والتواصل والثقة ولكن ليس بإرادة الفرض وهذا يسري على لبنان والسعودية»، مضيفاً: «لبنان يدعو السعودية إلى حوار لنحل كل المشكلات العالقة وليس الإشكال الأخير فقط لكي لا تتكرر الأزمة ذاتها في كل مرة».
في السياق نفسه، استبعدت مصادر مطّلعة، في حديث إلى صحيفة «الجمهوريّة»، أن «تتمّ قريباً معالجة الأزمة بين دول الخليج ولبنان»، لافتةً إلى أنه «بات ثابتاً أن الموقف الحادّ للسعودية وبعض العواصم الخليجيّة، يتجاوز في جوهره حدود الاعتراض على تصريحات قرداحي».
وأوضحت أن «المواقف الّتي أدلى بها قرداحي، كانت الشرارة الّتي أشعلت برميل البارود، ولكن البرميل ممتلئ أصلاً بالمواد المتفجّرة، وكان يكفي أن يُرمى فيه أي ثقاب حتّى ينفجر»، مشيرةً إلى أن «استقالة قرداحي من عدمها أصبحت مجرّد تفصيل في هذه الأزمة الّتي تمتد خيوطها حتّى مأرب في اليمن»، وكشفت أنه «ليس هناك أي ضمانات بأن الرياض والدول المتضامنة معها ستتراجع عن إجراءاتها التصعيديّة الأخيرة إذا استقال قرداحي».
وركّزت المصادر على أن «هناك انطباعاً لدى بعض المراجع الرسميّة، بأن المستهدف ممّا يجري ليس إقصاء وزير الإعلام فقط، بل الحكومة برمتها، لكن في المقابل يوجد قرار أميركي فرنسي باستمرار الحكومة، الأمر الّذي من شأنه منحها إكسير البقاء، وإيجاد توازن دولي يحميها حتى إشعار آخر، في انتظار مرور العاصفة».
وأدت تصريحات قرداحي حول حرب اليمن إلى أزمة تمثلت في سحب السعودية سفيرها من لبنان، ومطالبة السفير اللبناني بالعودة إلى بلاده، كما أعلنت إيقاف كل الصادرات اللبنانية إليها. وتطورت ارتدادات الأزمة لتشمل عدداً من دول الخليج كالكويت والإمارات والبحرين، التي اتخذت مواقف مشابهة لجارتها، فيما استنكرت قطر مواقف الوزير قرداحي مطالبة بتهدئة الأوضاع و«المسارعة إلى رأب الصدع بين الأشقاء»، أما الخارجية العُمانية فأسفت لتأزم العلاقات بين لبنان وعدد من الدول العربية، مطالبةً الجميع بضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد، الأمر الذي لقي ترحيباً من الخارجية اللبنانية.