رياضة

مؤتمرات الأندية السنوية بين الفائدة ورفع العتب … مشاركات ضعيفة ومناقشات لم تتغير منذ عقود والحلول غائبة

| ناصر النجار

أنهت الأندية الرياضية واللجان الفنية بمختلف المحافظات مؤتمراتها السنوية بحضور خجول وطروحات ضعيفة ومناقشات لم يتغير رتمها منذ أكثر من ثلاثين سنة وبإجابات لم تعد تغني أو تسمن من جوع لعدم القناعة بالإجابات التي كانت تهرب من الحقيقة ولعدم وجود حلول سريعة أو جذرية، وبصريح العبارة استناداً إلى هذه المؤتمرات فإن أنديتنا لن تتقدم قيد أنملة ومستقبلها غير مبشر أبداً.

والمستغرب جداً هذا الحضور المتواضع في المؤتمرات فالأندية الجماهيرية لم تحظ بالحضور المتوقع واقتصر أفضلها على حضور العشرات في حين نجد الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي يدلون دلوهم من بعيد لبعيد، بل إن بعض الأندية فرضت على لاعبيها وكوادرها الحضور تحت التهديد بحسم الراتب الشهري!

هذا في الأندية الكبيرة أما غيرها من الأندية فكان الحضور مخجلاً للغاية، بل إن بعض الأندية عقدت مؤتمراتها بمكان واحد وزمن واحد من أجل تفعيل هذا البند من الأجندة السنوية للاتحاد الرياضي العام.

والأسوأ في كل المؤتمرات بلا استثناء عدم وجود رؤية ووضوح عند أعضاء المؤتمر وكأنهم مدعوون إلى اجتماع غير معروف المعالم، فالغموض كان يخيم على المؤتمرات لأن القائمين على المؤتمرات غيبوا التقارير وبقيت على منصة كبار الحضور!

لذلك قال لنا الكثير من الحاضرين: كيف سنصوت على تقرير المؤتمر والتوصيات الموجودة فيه ونحن لا نعلم ما تحوي هذه الصفحات؟

وحجة الأندية أن طباعة هذه التقارير مكلف، وهي حجة غير مبررة، لأن ما ينفقه النادي، أي ناد (بلا طعمة) على مدار السنة يفوق تكلفة طباعة هذه التقارير مئات المرات، فاعتبروها نفقة كمالية وياليتهم تعاملوا مع كل النفقات بالشعور والإحساس نفسه.

وإذا وافقناهم على أن هذه التكلفة يمكن اختصارها والاستغناء عنها فكان بالإمكان إرسال التقارير لأعضاء المؤتمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليتم الاطلاع عليها ودراستها وتقديم الطروحات وفق ما جاء بها.

الطروحات

أغلب الطروحات التي جاءت بالمؤتمرات كانت واحدة وموحدة، وهذا يعني أن هموم الرياضة في بلدنا معروفة وتعاني منها كل أنديتنا على السواء من دون أي تغيير أو تمييز، وهذه الطروحات لم تتغير منذ ثلاثين سنة، بل إن حدتها زادت ومنغصات الرياضة اتسعت وكبرت، فصار الهم أكبر والحلول تحتاج إلى صدر أرحب.

والغريب أن الطلبات تمحورت حول عدم وجود أحذية رياضية وكرات سلة أو قدم وشباك للطائرة وشباك للمرمى ورايات ركنية وألبسة للتمرين ولوازم ألعاب القوة، فالمصارعون يحتاجون إلى بساط والملاكمون يحتاجون إلى قفازات ولاعبو الريشة بحاجة إلى ريش ومضارب والقائمة تطول من هذه الطلبات!

وإذا كانت الأندية لا تستطيع تأمين التجهيزات والمستلزمات لألعابها الرياضية فلماذا تمارس الرياضة، وهل على اللاعبين تأمين هذه التجهيزات؟

وبعيداً عن التجهيزات فكانت المطالبات بوجود أماكن للتمرين، فالسباحون وجماعة الترياتلون لا يجدون المسابح الخالية، فالمسابح بالصيف مكتظة بالرواد بفعل الاستثمار والمدارس الصيفية، وفي الشتاء من الصعب مزاولة هذه الرياضة بالبرد القارس ومسبح تشرين لا يمكنه تغطية كل النشاطات لكل الأندية، وألعاب القوة تشتكي الصالات ومثلها ألعاب الكرات التي لا تجد الأوقات المناسبة للتمرين وبعض الفرق تتمرن بالتقسيط.

وفي الشق المالي فإن الشكوى من المسائل المالية كبيرة وكثيرة بدءاً من أذون السفر التي لم تعد تكفي شيئاً، والرواتب والأجور هزيلة، والرياضيون وخصوصاً رياضيي ألعاب القوة يصرفون على الرياضة من جيوبهم.

أما التقرير المالي المتعلق بالأندية والموجود بتقرير المؤتمر فهو غير قابل للعرض والاطلاع والنقاش وهو من الخطوط الحمراء، ولا ندري هنا لماذا هذه التورية وإخفاء المعلومات المالية عن أعضاء المؤتمر؟ فهل في الموضوع سر يخشى افتضاحه؟

وعود كثيرة

الأندية كانت تجيب بوعود قادمة متعللة بالإمكانيات المتاحة وهي فقيرة، والكثير من الإجابات كانت غير مقنعة، وعلى سبيل المثال وعد أحد رؤساء الأندية ببناء صالة ستنهي كل منغصات التدريب، هذا النادي بالذات سمعنا منه منذ عدة سنوات أنه أنهى الدراسة الفنية والمعمارية للصالة المفترضة، أين هذه الدراسات وإلى أين وصلت؟ وعلى ما يبدو أن هذه الصالة مجرد وهم وإبرة مخدر للرياضيين منذ هذه السنوات السابقة، ومثلها بما يخص المنشآت كثير ومخجل ذكره.

أما في الرد عن التجهيزات والمستلزمات فسمعنا من أكثر من مؤتمر أن التجهيزات صارت ناراً والحديث في المؤتمرات عن الأسعار دار حول ارتفاع الدولار!

والحقيقة التي يجب عدم إغفالها أن الأندية مقصرة بحق ذاتها، فنحن نعلم تمام العلم أن الأسعار ارتفعت عشرة أضعاف على الأقل، لكن هل رفعت الأندية استثماراتها ضمن هذه النسب والمقاييس؟ لذلك ومن هذا الباب نجد أن أنديتنا دخلت في عجز ما بعده عجز لأنها تساهلت في استثماراتها وتنازلت عن حقها الشرعي فوقعت في حيص بيص، ناهيك عن الفساد المستشري في أغلب المؤسسات الرياضية.

لكن الغريب جاء في مداخلة قيادي بارز في القيادة الرياضية عندما استغرب كل هذه الطروحات وطالب أعضاء المؤتمر بالارتقاء بطروحاتهم! وهنا نسأل: ماذا سيطالب اللاعبون والكوادر بغير التجهيزات وأماكن التدريب؟ هذه همومهم والمنغصات التي تعترض طريقهم اليومي في التمرين والتدريب، ولكننا نسأل: ما مفهوم الارتقاء عند هذا القيادي الرياضي، وكان من المفترض أن يقدم تعريفاً لها وشرحاً مستفيضاً لمعناها؟

أخيراً

المؤتمرات السنوية بما حملت من سلبيات أعتقد أنها كانت خيراً للرياضة لأنها كشفت الواقع الحقيقي لرياضتنا في الأندية واستعرضت كل المعوقات والمنغصات التي تعترضها، وكل هذه النواقص والطلبات صارت بعهدة القيادة الرياضية، ونأمل المعالجة السريعة، وبالفعل مللنا من هذه المؤتمرات المكررة الروتينية، ونأمل من القيادة الرياضية أن تعمل جهدها لحل بعض المعضلات وتصويب بعض الأخطاء من أجل رفعة الرياضة وتطويرها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن