اكتفيت بالانطباعية في لوحاتي … إسماعيل نصرة لـ«الوطن»: راقبت الوجوه في الشارع السوري وصوّرتها دون أي مبالغة
| سوسن صيداوي - تصوير: مصطفى سالم
الأمل بكل شيء، وأن تقدم كل ما هو جميل رغم الواقع المر والسوداوي في مجمل نواحيه، لهو أمر يعبّر عن رغبة في تجميل الحقائق كي يكون من الأسهل تقبّلها. هذا الأسلوب هو ما يسعى إليه الفنان التشكيلي إسماعيل نصرة في النهج الذي يعمل عليه ويقدمه لنا في لوحاته ومعارضه الفردية، والتي عاد إلينا بعد ثلاث سنوات من آخر معرض. عاد مقدما لنا إحدى وأربعين لوحة بقياسات مختلفة ومتنوعة الأحجام: كبيرة، وسط، وصغيرة.
مواضيعها انطباعية لعلاقات ولوجوه من الشارع السوري، إذ نزل التشكيلي إلى الشارع وراقب الملامح وصوّرها.
ولكنه جسّدها لنا جميلة لأن رأيه: بأن الشعب السوري جميل رغم القسّوة ومرارة الظروف التي حاولت أن تشوّه ملامحه. فالحب هو أمل كبير بعلاقة كلّها صدق ما بين الرجل والمرأة، فالأخيرة وفق رؤيته قادرة على الخروج إلى طاقة الأمل ومن وراء القضبان، كما الأم رغم سعيها للتضحية من أجل أبنائها فهي ليست بمقهورة أو بمغلوب على أمرها، بل هي قوية إذ تخرج إلى طاقة النور وليست محبوسة أو مقيّدة ويكبّلها المجتمع بعاداته وتقاليده. كما أن الطفل ولو أنه مشرد إلا أن طفولته جميلة وبروعة محيّاه. صور كثيرة بشخصيات قدمها لنا التشكيلي إسماعيل نصرة.
«الوطـن» التقته في افتتاح معرضه الذي تمّ في صالة عشتار بدمشق، فحاورته حول أعماله التي قدمها بتجربته الجديدة، وحولها نترككم مع المزيد:
الجمال واضح
وفق أفكار وأهواء التشكيلي إسماعيل نصرة يرى بأن الجمال الداخلي لا يمكن أن يشوهه ظرف قاس أو تعب يثقل الروح بسبب الأحوال المكرّبة التي تحلّ بالإنسان، وعلى الخصوص الإنسان السوري والذي لا يزال يعاني من تداعيات الأزمة السورية، وحول هذه التجربة في معرضه الحالي يضيف: «بعد ثلاث سنوات من معرضي السابق، حاولت أن أنظر في وجوه الناس وأرسم. لم أعمل غير ذلك، اكتفيت بالانطباعية في لوحاتي والتي تجلّت بتصوير أمور حياتيّة للعائلات السورية وبأحوالهم، وهناك بعض اللوحات التي تحكي عن العلاقات التي ما زال يغمرها حتى ولو قليلاً من الحب، فأنا لا أعتبر نفسي بأنني قدمت أمرا جديداً سوى أنني راقبت الملامح والوجوه في الشارع السوري، وعدت إلى مرسمي حيث صوّرتها بشكل طبيعي وبلغة بسيطة من دون أي مبالغة.
هذا وأضيف نقطة بأن السوريين جميلون جداً، ولكن ظروفهم التي جارت عليهم غيّرت من ملامحهم الجميلة، ورغم معاناتهم والقساوة التي يعيشونها، لا يمكن رسمهم إلا بطريقة جميلة لأنهم هم في الأساس جميلون.
العبرة بالأمل
صحيح بين الأعمال هناك بعض من الرماديات، إلا أن الأمل هو السيّد في كل المواضيع، رغم شدّة العادات والتقاليد المكبّلة، ورغم التشرّد ورغم الظروف الحياتيّة القاسية، فالأمل هو مفتاح المستقبل الأفضل، وهنا يتابع نصرة قائلاً: «حتى بتجسيد الحب بين الرجل والمرأة لم يكن هناك رمادية، بل كان الأمل هو الحاكم لهذه العلاقة، لأنه في اللوحة هناك دائماً مساحة توحي بالأمل المشرق، والذي دائماً يجب أن يكون هو المحرك والباعث إلى علاقات إنسانية أفضل يحكمها الحب الصافي والنقي».
في الأعمال
المعرض يحتضن إحدى وأربعين لوحة متنوعة الأحجام ما بين الكبيرة والوسط والصغيرة، وبقياسات مختلفة، وهي نتاج لثلاث سنوات، وعن الاختلاف بالأحجام والدقة، أوضح التشكيلي: «أنا أرى بأن اللوحة هي لوحة بقيمتها الفنية، سواء أكانت من الحجم الكبير أو الصغير، فقيمتها تكمن بما هو موجود في الفراغ الداخلي الذي هو المستطيل أو المربع، وليس في المساحة أو في الحجم، والأخير مهما اختلف فيجب أن يكون دقيقاً ومتناسباً، فاللوحة الصغيرة لها نفس أهمية اللوحة الكبيرة، بغض النظر عن الجهد الذي تتطلبه من حيث التركيز والدقة، كما وأعمل عليها بنفس التفاصيل، ولا يزال لديّ النَفس الطويل والصبر كي أعمل على لوحات بحجم صغير، ولهذا تخرج بنفس القيمة الفنية».
التشكيل السوري
في الختام أبدى فناننا التشكيلي إسماعيل نصرة سعادته وإعجابه بما يقدمه الفن التشكيلي السوري من تجدّد وتنوع، فنظرته -كما أعماله- كلّها أمل بتحسّن الظروف المحيطة، قائلاً: «أنا سعيد من الوسط التشكيلي وبتقديره لفني والذي أسعى دائماً أن أقدم فيه كل جديد.
وبالنسبة للحركة التشكيلية السورية، أنا متفائل بها كثيراً ومعجب أيضاً بالفنانين السوريين، سواء الموجودون داخل سورية بلدنا أو من الفنانين الذين ينشرون الفن السوري في الخارج خلال غربتهم. والحمد لله لأن الظروف بدأت تتحسن، مما بدأ يزرع بالنفوس الطمأنينة وبأنّ هناك أملاً يلوّح في الأفق، وهذا يعني بأنه لا يمكن للفنان التشكيلي كحال أي مواطن بأن ينفصل عن واقعه. وأخيراً بما أن الأحوال في تحسّن نحن نعيش على أمل بأن يكون القادم أفضل وحتى في التسويق والترويج للتشكيل السوري في العالم العربي والعالمي».