من دفتر الوطن

أمور صغيرة!

| عصام داري

أحمد اللـه وأشكره على كل ما حصل معي أو حصلت عليه طوال عمري المديد، والله يطول بعمري كي أحصل على المزيد والعديد!.
وأنا لا أطلب عادة الكثير من الأشياء، فقط أرغب في العيش بكرامة ومن دون سؤال أحد من خلق الله، فالتسول لغير اللـه مذلة.
ولأن السيد المسيح قال: «أعطنا خبزنا كفاف يومنا، واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا»، أقول: أعطنا ربطة خبز واحدة في اليوم كفاف يومنا وامنحنا القدرة على الحصول عليها من دون الوقوف على كوة الأفران التي صارت مجمعاً كبيراً للكورونا وكل الأمراض المستوطنة والعابرة للقارات!.
واغفر لنا غضبنا وتعصيبنا عندما تتأخر رسائل الموت البطيء التي تطلب منا بعد جهد جهيد الذهاب إلى زحام جديد للحصول على الرز والسكر وعبوة زيت نباتي واحدة في الشهر تكفي حارة بكاملها والباقي سنتبرع به لبيت مال الدولة لتوزعه بمعرفتها على الفقراء والمساكين وأصحاب الملايين.
اللهم لا أطلب أكثر من حاجة سيارتي لمادة البنزين وحسب ما قرر المسؤولون، أي خمسة وعشرون لتراً كل سبعة أيام، وليس كل ثمانية أو تسعة أيام بحيث أحصل على حقي الذي حددته الجهات المسؤولة وهو200 لتر شهرياً، وليس 75 شهرياً كما هو حاصل اليوم.
اللهم لا أريد أكثر من كيلوغرام واحد من اللبنة في الشهر ومثله من الجبنة والزيتون وضعفه من البطاطا كي أغني مع الصبوحة التي حددت لنا مستوى الفقر بقولها:
قديش متمنية عيش جنبك يا بو الدراويش
تغديني جبنة وزيتون وتعشيني بطاطا
فالحقيقة أنني لا أستطيع براتبي الهائل شراء مكونات غداء وعشاء أفقر فقراء الوطن ومن دون إفطار، لأنني سمعت أن الإفطار ترف لا يجوز للفقراء مجرد الحلم فيه، ولكن بإمكان الجهات المسؤولة السماح للمواطن الحلم بهذه المواد المخصصة لعلية القوم على ألا يزيد الحلم عن مرة واحدة في الشهر مع استلام عبوة الزيت النباتي!.
أمور صغيرة أطلبها ومنها أن تلبي الحكومة حاجة طلاب الوطن من التيار الكهربائي كي يستطيعوا الدراسة والاستغناء عن الشموع ومصابيح الليدات وخاصة أن البطاريات حلقت في الجو ووصل سعر الواحدة بين 180 ألف ليرة ومليون ونصف المليون لا غير!.
أطلب من حكومتي الرشيدة أن تصدر قرارات رفع الأسعار في النهار كي نراها ونتمتع بها وليس في الليل فقد أصبنا بالعشى الليلي والعمى الموسمي وفقر الدم والجيب، ولم يعد لدينا دم نتبرع به للوطن الغارق في الدماء منذ عقد من الزمن.
أمور صغيرة لا غير، وخذوا كل الامتيازات الدنيوية فأنا اكتفيت بوعود الجنة ما بعد الموت، ولله الأمر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن