ثقافة وفن

«هذي حكايتي» ليست مجرد حكاية إنها «وثيقة وطن» وإنسان … الفائزون في دورتي 2019-2020 بإصدار جديد … توثيق حكايات السوريين وإبداعاتهم والاهتمام بما يكتبون

| سارة سلامة

«وثيقة وطن».. تؤرخ حكايات حرب واقعية يرويها أبطالها مباشرة ضمن جائزة «هذي حكايتي» التي أطلقتها المؤسسة لأفضل قصة واقعية قصيرة للمرة الأولى في عام 2019، ولقيت ترحاباً ونجاحاً ما حدا بالمؤسسة لتجعلها تقليداً سنوياً.

لم تكن قصصا عادية التي نسمعها ويتبادلها الأفراد في حرب عاتية دمرت وشردت وقتلت وجرحت وأفقدت الكثيرين منا وهم أغلى الناس.. إلى روايات الأبطال على الجبهات تحاك بغبرة الزمن يقصها أصحابها ويستعيدون لحظات قاسية ولكنها مرت وتركت أثراً ما فيهم..

حيث وثقت المؤسسة حكايات الفائزين بكتاب يحمل اسم: «هذي حكايتي» يروي قصص الفائزين بين عامي 2019/2020، بعدد صفحات 204 سنسرد بعضاً مما جاء فيها:

توثيق الحرب

من المشاريع التي تعمل عليها مؤسسة وثيقة وطن: مشروع توثيق شهادات الحرب على سورية، ويشمل المشروع توثيق روايات حول مختلف جوانب الحياة اليومية، والمعاناة التي سببتها الحرب لمختلف الشرائح والأعمار والمناطق، وقصص النجاح والبطولة والتعاضد بين مختلف مكونات المجتمع.

كذلك تعمل المؤسسة على مشاريع توثيق التراث الكنسي والتراث السرياني والحرف التقليدية وغيرها من المشاريع التي تحضر لها، وتعمل مؤسسة وثيقة وطن أيضاً على مشاريع بحثية مثل مشروع مبادرة الحزام والطريق نظراً لأهمية هذا المشروع بالنسبة لسورية.

تؤسس وثيقة وطن لهذا العالم باللغة العربية وفق منهجيات بحثية وعلمية معيارية، وتهدف لبناء بنك معلومات سيوضع بين أيدي الباحثين والدارسين المهتمين، ليس فقط لتوثيق التاريخ المعاصر، وكتابة تاريخنا بأيدينا، بل أيضاً لاستشراف مستقبل التطوير والتنمية في سورية من خلاله.

جائزة «هذي حكايتي»

أطلقت جائزة «هذي حكايتي» في اجتماع لمجلس أمناء مؤسسة وثيقة وطن عام 2019، وقد وافق عليها أعضاء مجلس الأمناء لأنها تسهم في إيصال فكرة التوثيق إلى المجتمع وتشجع على فكرة كتابة المذكرات، وهي بالنسبة للمؤسسة أحد الطرق للوصول إلى شهود على وقائع التاريخ المعاصر لسورية، ليتم التواصل وإجراء مقابلات توثيق شفوي معهم.

وتنوعت القصص في مختلف مجالات الحياة الإنسانية، وقد أغنت مساهمات عدد من الجنود هذه القصص ووثقت البطولات والصمود والانتصار وأعطت شهادة من قلب الميدان على المعارك التي فاحت منها أساطير البطولة والتضحية والشهادة، بالمقابل كانت بعض القصص تروي صموداً من نوع آخر، هو صمود ومكافحة الناس للظروف والصعوبات ليتمكنوا من متابعة العمل والنجاح رغم كل الظروف الصعبة التي مروا بها.

وحملت قصص المشاركين جميعهم معاني إنسانية وصوراً حية عن وقائع جرى معظمها خلال سنوات الحرب على سورية، وعكست نتائج ورؤى عن حقيقة الأحداث من الداخل مباشرة من الناس الذين عاشوا سنوات الحرب.

لم تكن القصص الفائزة هي الوحيدة التي حملت كل هذه المعاني، بل إن نسبة كبيرة من القصص كانت مهمة وجيدة، وكان على لجنة تحكيم الجائزة اختيار فائزين من عدد كبير من القصص الفائزة لم تقف اللجنة كثيراً عند جودة اللغة بقدر ما توقفت عند الواقعية ووجود الشاهد ضمن القصة حيث يكون شاهداً على حدث أو مشاركاً فيه، وكانت نسبة القصص التي حققت هذين الشرطين كبيرة.

جميع فئات المجتمع

وقد جاءت القصص في عامي 2019/2020 من عدة محافظات ومن جميع فئات المجتمع: النساء والرجال والأطفال والكبار، وغطت مواضيع تندرج بين المعارك والجبهات وإنقاذ السجلات وإطفاء الحرائق والنزوح المتكرر والنجاح الدراسي أو المهني والفقد والتصميم على البقاء والصمود.

وحملت القصص روايات الأمهات اللواتي حمين عائلاتهن بل ساهمن في إنقاذها، وقصص الرجال الذين ضحوا في سبيل كرامة الوطن، والأولاد الذين تفتحت طفولتهم على الحرب، ومع ذلك صمدوا ونجحوا وتألقوا، والأسرى الذين تحرروا بعد سنوات من المعاناة ثم عملوا من أجل التغلب على آثار الأسر، والجرحى الذين لم تثنهم الإصابة عن متابعة حياتهم بشغف والاجتهاد لرسم طريق جديد يلتقي مع حياة الوطن الحيّ، من خلال توثيق هذه القصص أدركنا بعمق كيف صمدت سورية في وجه أعتى حرب إرهابية يواجهها أي بلد في العالم.

وحافظ المحررون في هذا الكتاب على روح النص الوارد ومفرداته، ولم يتداخلوا إلا في حدود إبراز المعنى باللغة العربية السليمة وبأسلوب الكاتب نفسه لتكون القصة أقرب إلى بساطة الكاتب. فمعظم المشاركين ليسوا من المتمرسين وبعضهم جاءت كتابتهم بالعامية، وأرسل بعضها بتسجيل صوتي، فتم تفريغها وفق كلمات صاحب القصة.

جوائز عام 2019

وكانت جوائز الفئة العمرية الأولى (تحت 20 عاماً) من نصيب «حنين القبة» الذهبية، «مجد الدين عيد» الفضية، و«دانا شاويش» البرونزية.

وفئة (من 20 إلى 30 عاماً) حصدت الذهبية «نجلاء سعيد»، والفضية «رحمة زعموط» والبرونزية «غرام العلي».

وفئة (من 30 إلى 50 عاماً)، حصل على الذهبية «فراس القاضي» والفضية «تامر دباس» والبرونزية «وسيم مصطفى».

أما فئة (فوق الـ 50 عاماً) فكانت الذهبية لـ«محمد شحود»، والفضية لـ«رندة القاسم»، والبرونزية لـ«مارتين تاماس».

من حكايات الفائزين

فئة أولى ذهبية حنين نبيل القبة، ملخص روايتها: «زوجة مقاتل من الجيش العربي السوري برتبة مقدم مظلي يدعى نبيل عيسى القبة يقود حاجز الغزل في مدخل مدينة إدلب وطفلة عمرها 8 سنوات تدعى حنين وطفل عمره 6 سنوات يدعى عيسى.

تشهد الطفلة اقتراب الاشتباكات من قريتها ومع غياب الوالد عن القرية تقوم الأم بترك رسالة تكتشفها الكاتبة «الطفلة» صدفة وتدرك أن والدتها كانت تخشى عليهم من دخول المسلحين قريتهم، يأتي خبر استشهاد والدها ثم يتم إحضاره ملفوفاً بالعلم السوري».

فئة أولى فضية: مجد الدين كمال عيد، ملخص ما جاء في حكايته: «كاتب القصة طفل يتذكر مواهبه في إلقاء الشعر والغناء، وتفوقه الدراسي إلى أن اضطر أهله للنزوح من منطقة سبينة إلى عدرا العمالية، فكان هجوم المسلحين عليها ما اضطرهم للاختباء في الأقبية قبل خروجهم منها إلى نهر عيشة، ورغم ذلك استمر في متابعة الدراسة والتفوق».

فئة ثالثة ذهبية: فراس القاضي: «كاتب صحفي من دير الزور عاش حصار المدينة وعانى مع أسرته مثل جميع المدنيين من صعوبات الحصار، يروي لنا قصته أثناء مغادرة دير الزور مع عائلته خلال الحصار بوساطة طائرة عسكرية، ويصف وقائع انتظار الطائرة وتفاصيل الصعود إليها والخوف خلال الرحلة من استهداف الطائرة حتى وصولهم سالمين إلى دمشق».

«هذي حكايتي» لعام 2020

خضعت قصص عام 2020 أيضاً للتحكيم المستقل، وتم تكريم أفضل 12 قصة ليمنح أصحابها جوائز موزعة على 4 فئات عمرية وبثلاث مراتب لكل منها: ذهبية (400 ألف ل.س)، وفضية (300 ألف ل.س) وبرونزية (200 ألف ل.س). إضافة إلى جوائز تشجيعية أخرى للقصص المتميزة غير الفائزة، والفائزون هم:

فئة أولى ذهبية جوى طلال سليم، فئة أولى فضية عبير رياض أسعد، فئة أولى برونزية فوزي عثمان، فئة ثانية ذهبية علي عاموده، فئة ثانيه فضية محمد علي، فئة ثانيه برونزية سفانة أبو اللبن، فئة ثالثة ذهبية كارولين جوزيف حزكور، فئة ثالثة فضية رياض أحمد، فئة ثالثة برونزية حسان جواد، فئة رابعة ذهبية إسماعيل محمد إسماعيل، فئة رابعة فضية عامر مجيد آغا، فئة رابعة برونزية شكران بلال.

من روايات الفائزين

فئة أولى ذهبية جوى طلال سليم لمحة عن روايتها: «دخل الدواعش القرية وقتلوا الرجال والنساء، واقتادوا الأطفال معهم. تروي الكاتبة هذه التحولات السريعة التي حدثت في حياتها والبقاء في الأسر عاماً كاملاً مع أختها وأخيها، وقد أفرج عنها وعن أخيها في حين احتفظوا بأختها ولم يفرجوا عنها إلا بعد أربع سنوات، كيف عادت إلى حياتها الطبيعية وتفوقت في دراستها. تفاصيل ترويها الكاتبة بعناية تسبر عواطفها وقدرتها الذاتية».

فئة ثانية ذهبية: علي عاموده، في إضاءة على روايته: «التحق بريف حماة في نقطة ساخنة فخيّر واختار أن يثبت في نقطة خطرة استشهد فيها الكثيرون من رفاقه. تعرف إلى بطل كان يؤازره ولا يهاب الموت. لكنه استشهد في الوقت الذي شن فيه المسلحون هجومهم وسقطت عدة نقاط من حوله وذلك حتى وصول النجدة وفك الحصار عن نقطته».

يذكر أن مؤسسة وثيقة وطن انطلقت رسمياً في دمشق بتاريخ 9/6/2016 كمؤسسة سورية غير حكومية وغير ربحية، وهي تعنى بالتاريخ الشفوي، وبحوث التوثيق وإدارة المعرفة.

تعنى مؤسسة وثيقة وطن بالتأريخ الشفوي، وهو علم حديث، الهدف منه استكمال التأريخ المكتوب وإضافة ذاكرة المهمشين والحياة اليومية والأحداث التي لا تذكر عادة في كتب التاريخ الرسمي التي تركز على الأحداث الكبرى السياسية والاقتصادية والعسكرية، فالتأريخ الشفوي هو التأريخ الإنساني بجوانبه الاجتماعية والثقافية إضافة إلى الآثار الاقتصادية والسياسية وكذلك المعرفية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن