ثقافة وفن

طلاب معهد صلحي الوادي يتوهّجون إبداعاً في احتفالية عيده الستين … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: تخرّج فيه موسيقيون هم الأفضل عالميّاً

| سوسن صيداوي- ت: طارق السعدوني

الموسيقا غذاء الروح، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها أبناء المعمورة من دون حاجة إلى مترجم. وإن أعددنا أطفالنا بطريقة اعتبرنا فيها أنها علم يجب اكتسابه مثله مثل باقي العلوم، هنا فكر فلذة الأكباد لن يكون فكرها مقولباً أو محدوداً، بل سينطلق أفقاً وإبداعاً لا يمكن أن ينطفئ. وانطلاقاً من هذه الأفكار احتفل نحو مئتي طفل من تلاميذ معهد صلحي الوادي بمرور ستين عاماً على تأسيس المعهد. الأطفال صعدوا على خشبة مسرح الأوبرا في دمشق، وتوالت الأوركسترات التي لاقت بمقطوعاتها المتنوعة كل إعجاب وتشجيع من الجمهور.

في الاحتفالية

تم تنظيم الحفل بالتعاون بين معهد صلحي الوادي مع مديرية التأهيل الفني دائرة المعاهد والموسيقا والباليه بوزارة الثقافة، شارك فيه نحو مئتي تلميذ تنوعوا بين عازفين ومغنِّي كورال.

بدأ الحفل بعزف أوركسترا الكلاسيك للنشيد العربي السوري، ثم عُرض فيلم وثائقي، استعرض بصوره مراحل تاريخ المعهد منذ تأسيسه، وكذلك كل من الإداريين الذين توالوا مع الأساتذة الذين التزموا بتدريب التلاميذ.

هذا وتنوعت فقرات الاحتفالية، بظهور الأوركسترات التي اعتلت الخشبة، وكانت أربع فقرات وهي: أوركسترا الكلاسيك التي تضم خمسين تلميذاً، وكانت تأسست منذ ثمانينيات القرن الماضي، والتي بدأت -بقيادة جورج موسى- بمقطوعة للمؤلف النمساوي «جوزيف هايدن» الملقب بوالد السمفونية لأنه طورها من الشكل القصير إلى الشكل المطول.

تلتها أوركسترا الغيتار التي تأسست عام 2017 بقيادة يزن الجاجة، وعزفت ثلاث مقطوعات موسيقيّة جماعية ومنفردة.

لتعتلي بعدها أوركسترا الموسيقا الشرقية بقيادة مهدي المهدي، والتي قدمت مع كورالها موشحات وأغاني عاطفية ووطنية، ولتستضيف في فقرتها المايسترو عدنان فتح اللـه المؤسس لهذه الأوركسترا والذي كان قد قام بقيادتها في حفل تأسيسها على مسرح مكتبة الأسد الوطنية 2008، مقدماً مقطوعة للموسيقار عمر خيرت.

وأخيراً ليأتي دور أوركسترا الجاز التي تأسست نهاية عام 2019 بقيادة دلامة شهاب، مطلقة حماساً كبيراً بين الجمهور، الذي صفّق مشجعاً للأطفال، خلال أربع مقطوعات متنوعة بين العربية والأجنبية.

والجدير بالذكر أنه في ختام الاحتفالية قامت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح بتكريم الأساتذة الذين لم يبخلوا في عطائهم خلال مسيرة المعهد الطويلة للتلاميذ، وهؤلاء هم من ساهم في إطلاق هذه المواهب بطريقة أكاديمية صحيحة للاختصاص والدراسة في المعهد العالي للموسيقا ومن ثم الامتهان الموسيقي في العالم. الأساتذة هم: الراحل صلحي الوادي مؤسس المعهد ومديره لما يقرب 40 عاماً، سينثيا الوادي من أوائل مدرسي آلة البيانو في المعهد، إذ تسلّمت شهادة الشكر والتقدير ابنتهما ديالا الوادي. وعن تدريس مادة الصولفيج في المعهد، تم تقديم شهادة الشكر والتقدير للأستاذ الراحل خضر جنيد وتسلمتها ابنته رنا جنيد، وأيضاً للأستاذة إلهام أبو السعود. رياض سكر من أوائل طلبة الكمان.

نادية صايغ مدرسة مادة الصولفيج لما يزيد على ثلاثين عاماً. سيلفانا الشطة مدرسة آلة البيانو لما يزيد على سبعة وعشرين عاماً. فيكتوريا صنوبر في تدريس آلة البيانو لما يزيد على سبعة وعشرين عاماً.

عماد السمان مدرس ومؤسس صف الكونترباص منذ عام 1994. وسيم غريواتي مدرس ورئيس قسم آلة الغيتار لما يزيد على 30 عاماً. الأستاذ الراحل مازن صالح مدرس في قسم الغيتار وتسلمت جائزته ابنته جوليا صالح. وأخيراً تم تكريم عبير الجابي المنسقة العامة لنشاطات المعهد لما يزيد على ثمانية وعشرين عاماً.

موسيقا المعهد أكاديميّة

أبدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح في حديثها للإعلام سعادتها بالاحتفالية، موجهة التحية للموسيقي صلحي الوادي الذي أسس هذا المعهد، وواظب على تطوّره حتى قطف ثماره، بتخريج موسيقيين التحقوا في شبابهم بالمعهد العالي للموسيقا، كي يكونوا من أهم العازفين في العالم. وكذلك وجّهت الشكر لنائب رئيس الجمهورية العربية السورية د. نجاح العطار التي كان لها أياد بيضاء على الثقافة السورية بالعموم، وعلى استحداث معاهد موسيقية في معظم المحافظات، رافدة لمعهد صلحي الوادي وسُميّت بأسماء كبار الموسيقيين والمطربين السوريين منها: صباح فخري، فريد الأطرش.

وشددت الوزيرة على نقطة مهمة وهي أن الموسيقا التي يدرّسها المعهد، هي موسيقا ليست نخبوية بل هي موسيقا أكاديمية، مضيفة: «نحن سعيدون بالاحتفال بهذه المناسبة في الذكرى الستين لمعهد صلحي الوادي، هذه الذكرى صحيح أنها مؤثرة جداً في قلوبنا جميعاً، ولكنها الأعز على قلوب الموسيقيين الأكاديميين الذين تتطورا وتقلّدوا مناصب مهمة في الجانب الثقافي ومنهم: ميساك باغبودريان، وعدنان فتح الله، أندريه معلولي وغيرهم. كلّهم شباب دخلوا أطفالاً بسن السادسة إلى المعهد، درسوا فيه لسنوات، ليتأهلوا جنباً إلى جنب العظيم الأستاذ صلحي الوادي». مشددة على أهمية الاستثمار بالأطفال لكونهم البذرة في: الموسيقا، الفن التشكيلي، والأدب… إلخ، لتتابع»، «وإذا أحسنا سقايتها والعناية بها أنبتت ثماراً يانعة، وهذا ما يتجلى بهذا الحفل الذي تحييه أربع فرق عازفوها من الأطفال المبدعين».

وفي الختام وفي تصريحها لـ«الوطـن» وجهت رسالة للتربويين قائلة: «أرجوكم ألا تعتبروا الحصص الدراسيّة للرسم والرياضة والموسيقا بأنها حصص ترفيهية، فهي ليست كذلك بل هي بناء للشخصية، وبناء للفكر وداعم للعلوم، فطفل لا يهتم بالفنون هو بداية لفكر محدود، فالعلم بلا أخلاق لا يمكن الاستفادة منه، بل يأتي بالضرر، لذلك كل هذه الأمور مجتمعة يجب أن ننشئ أبناءنا عليها، وأخيراً وبطبيعة الحال الأسرة هي المسؤولة عن ذلك».

تأسيس ثانوية موسيقيّة

من جانبه أكد مدير معهد صلحي الوادي الموسيقي بريام سويد بأنه في عام 1961 ووفق اللائحة الداخلية لتأسيس المعاهد، هناك فقرة تقضي بإمكانية تحويل معاهد الموسيقا العربية إلى ثانوية، عندما تصل إلى مستوى معين، أسوة بالثانويات المهنية والصناعية. وهذا الأمر هو أمل كبير وحلم أكبر بأن يصبح معهد صلحي الوادي ثانوية موسيقيّة مميزة، مشدداً في تصريحه لـ«الوطـن»: «هذا الأمر هو أمل كبير بالنسبة لنا، ونتمنى في القريب العاجل أن يُعمل به».

وعن الاحتفالية بمرور ستين عاماً على تأسيس معهد صلحي الوادي أضاف: «إن الاحتفال بالمؤسسات هو أمر يجب أن نعتز به، وخصوصاً بأن المعهد يخرّج تلاميذه بشكل متواصل ومن دون انقطاع، رافداً الحركة الموسيقية والمعاهد العليا بتلاميذ مؤهلين جيداً، رغم سنوات الأزمة العشر وبظروفها السيئة، من صعوبات بالحضور لسوء المواصلات وانقطاع التيار الكهربائي، ولكن واجهنا كل التحديات، ومازلنا نسعى جاهدين لتذليل كل الصعوبات بمساعدة وزارة الثقافة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن