في انتظار اجتماع ماكغورك بالمسؤولين الروس الأسبوع المقبل بجنيف … النظام التركي يعوق دخول المساعدات الإغاثية «عبر الخطوط» لمساومة موسكو عليها
| حلب- خالد زنكلو
علمت «الوطن» أن النظام التركي أعاق طوال الشهرين الماضيين دخول قوافل المساعدات الإغاثية الأممية «عبر الخطوط» من حلب إلى منطقة «خفض التصعيد» بإدلب، بهدف مساومة روسيا عليها في ظل التجاذب العسكري والسياسي بين موسكو وأنقرة بما يخص مناطق شمال وشمال شرق سورية، على خلفية التهديدات التركية بشن عدوان لاقتطاع أراض سورية جديدة ودخول روسيا على خط التهدئة للحيلولة من دون ذلك.
وكانت قافلة مساعدات إغاثية تابعة للأمم المتحدة مؤلفة من ١٥ شاحنة عبرت في ٢٠ و٢١ آب الماضي «خطوط التماس» من حلب إلى إدلب عبر ممر ميزناز الإنساني، الذي أنشأته الحكومة السورية مطلع العام الجاري، وذلك لأول مرة بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً في ٩ تموز الفائت يقضي بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية «العابرة للحدود» إلى سورية ولمدة عام من معبر باب الهوى شمال غرب البلاد عند الحدود التركية، على أن يعاد النظر بالقرار بعد ستة أشهر، أي مع مطلع السنة القادمة، من خلال تقويم تطبيقه على الأرض.
وفي التفاصيل، كشف مصدر خاص لـ«الوطن»، أن العديد من المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة بما فيها برنامج الغذاء العالمي (WFP)، كثفت جهودها خلال الشهرين الماضيين لتسيير قافلة إغاثية أكبر من السابقة من حلب إلى إدلب عبر ميزناز إلا أن الطرف الآخر أي «تحرير الشام»، الواجهة الحالية لـ«جبهة النصرة» الإرهابية، وبأوامر من مشغلها نظام رجب طيب أردوغان رفضت دخول القافلة إلى مناطق «خفض التصعيد»، وأصرت على دخول أي مساعدات «عبر الحدود» من «باب الهوى»، وهو ما حدث منتصف تشرين الأول الماضي عندما اجتازت ١٠٨ شاحنات محملة بمواد إغاثية من الأمم المتحدة المعبر الحدودي، الذي تديره ما تسمى «حكومة الإنقاذ» الذراع السياسي للفرع السوري لتنظيم القاعدة، قادمة من تركيا.
متابعون لملف المساعدات الإغاثية الأممية الخاصة بـ«خفض التصعيد» أوضحوا لـ«الوطن» أن موسكو ضغطت خلال الفترة الماضية من عمر قرار تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية «العابرة للحدود» لتحقيق توازن في الآلية واستبدالها بآلية الوصول الإنساني عبر «خطوط المواجهة» وبإشراف الحكومة السورية، بهدف ضمان تسليم ثابت وآمن للمساعدات عبر الخطوط داخل البلاد بهدف تصحيح الخلل القائم في الآلية السابقة، لأن المنطقة التي تستهدفها المساعدات خاضعة لسيطرة «تحرير الشام» المدرجة لدى مجلس الأمن كمنظمة إرهابية ويستأثر مسؤولوها بالحصة الأكبر من المساعدات، لكن الجهود الروسية لم تثمر على أرض الواقع بسبب تعنت النظام التركي بفتح «الممرات الإنسانية» التي رعتها روسيا بالإضافة إلى ضعف التنسيق الروسي الأميركي بهذا الخصوص.
وأشار المتابعون إلى أنه وعلى الرغم من طرح الموضوع للنقاش خلال لقاء مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك بنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف في جنيف منتصف أيلول المنصرم، وذلك بناء على مخرجات قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن في ١٦ حزيران بجنيف، إلا أن النتائج فيما بعد خيبت آمال موسكو بمنح حصة منصفة للمساعدات «عبر الخطوط» مقارنة بنظيرتها «عبر الحدود»، وصولاً إلى الاعتماد الكامل للأولى مستقبلاً.
ولفتوا إلى أن اللقاء المرتقب الأسبوع المقبل، الذي سيجمع ثانية ماكغورك بفرشينين ولافرنتييف في جنيف، لابد أن يخرج بنتائج تصوب عمل آلية المساعدات الإنسانية الأممية إلى سورية قبل موعد حلول الاستحقاق في مجلس الأمن بداية العام المقبل بعد اعتراض وتهديد موسكو بعدم وفاء واشنطن بالتزاماتها حيال ذلك، وبوعود أخرى خاصة بتخفيف قيود «قانون قيصر» المفروض على الشعب السوري ويتسبب له بمعاناة معيشية وضائقة اقتصادية، عدا عن مناقشة مواضيع ذات اهتمام مشترك في مقدمتها استمرارية الالتزام باتفاق «منع الصدام العسكري» بين الشرطة العسكرية الروسية والقوات الأميركية في المناطق التي تسيطر عليها «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية المدعومة من واشنطن شرق نهر الفرات، في ظل احتدام الصراع إثر تهديد النظام التركي بشن عدوان باتجاهها وتعزيز روسيا لوجودها العسكري فيها، بعد دخولها وسيطاً على خط التهدئة.