ممانعة روسية وأميركية.. ودخول واشنطن على خط تل تمر عقد العملية … فرص الغزو التركي لأراضٍ سورية تتضاءل
| حلب- خالد زنكلو
بعد مضي أكثر من شهر على وعيد النظام التركي بشن عدوان على الأراضي السورية شمال وشمال شرق البلاد بهدف اغتصابها، على غرار عملياته العسكرية السابقة، بدا أن فرص تنفيذ التهديدات تضاءلت وأن النظام التركي وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه، فلا هو قادر على تنفيذ العدوان لغياب الضوء الأخضر الروسي والأميركي، ولا هو قادر على سحب تحشداته العسكرية مع ميليشياته التي أدخلها إلى تخوم المناطق التي وضعها في دائرة أهدافه.
ورسخت الإجراءات والتحركات الروسية والأميركية خلال الآونة الأخيرة على الأرض في أذهان أركان النظام التركي أن ممانعة اللاعبين الأساسيين في الشأن السوري لا تراجع عنها، وأنهما لن يسمحا بمقامرة عسكرية تركية في الجغرافيا السورية، التي يتقاسمان النفوذ في مناطقها شرقي وغربي نهر الفرات، ولو من طرف واحد.
متتبعون للوضع شمال وشمال شرق سورية أكدوا لـ«الوطن»، أن موسكو وواشنطن لم تكتفيا في الأيام الأخيرة باقتسام النفوذ المرسوم والقائم منذ تشرين الأول ٢٠١٩ في تلك المناطق، بل اتسمت العلاقة بينهما بالندية، في مسعى لزيادة حضورها العسكري وبتوجيه رسائل إلى نظام رحب طيب أردوغان من مغبة المخاطرة بعمل عسكري دون الرجوع إليهما.
وشددوا على أن جهود روسيا لم تنصب فقط في مساعيها الدبلوماسية كوسيط بين أطراف النزاع لوقف التهديدات والاندفاعة التركية، بل تركزت في زيادة تواجدها العسكري في مطار الطبقة بالرقة ومطار القامشلي بالحسكة وزيادة عدد عناصر شرطتها العسكرية شرق وغرب الفرات وبالقرب من خطوط التماس الممتدة من تل رفعت ومطار منغ العسكري شمال حلب ومنبج وعين العرب بريف المحافظة الشمالي الشرقي، إلى عين عيسى شمال الرقة وتل تمر شمال غرب الحسكة، وعمدت إلى إجراء مناورات عسكرية إلى جانب الجيش العربي السوري بالذخيرة الحية تحاكي صد الهجمات الافتراضية التي قد تحدث في هذه المناطق التي عزز الجيش السوري جبهاته فيها بشكل محكم، ورفع من جهوزيته لمواجهة التحديات المقبلة.
وبينوا أن موسكو لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسمح لتركيا بقطع الطريق الدولي المعروف بـ«M4» والممتد من الحسكة إلى حلب شمال البلاد، منوهين بأن القيادة الروسية لم تتخلَ عن مطلب إعادة الحركة للجزء من الطريق الذي يصل حلب باللاذقية.
وبالنسبة إلى المساعي الأميركية لتثبيت خطوط تماس مناطق شمال شرق البلاد، أشار المتتبعون، إلى بروز معطى جديد أول من أمس على غاية من الأهمية وله ارتدادات كثيرة في ميادين المعركة في حال حدوثها، وتمثل في سعي القوات الأميركية لإنشاء قاعدة عسكرية في تل تمر لردع أي تحرك تركي باتجاهها، بالإضافة إلى استقدام تعزيزات عسكرية جديدة إلى باقي المناطق لتأكيد عدم تخلي واشنطن عن دعمها لـ«قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية الموالية لها، على الأقل في المرحلة الحالية.
وأوضح مصدر ميداني كردي في الحسكة لـ«الوطن»، أن الإجراء الأميركي الأخير انعكس على تقوية عضد «قسد» وذراعها السياسي «مجلس سورية الديمقراطية- مسد»، ولفت إلى أن عدم توجه وفد من الأخيرة برئاسة إلهام أحمد إلى موسكو أمس ليس مرده إلى صعوبات واجهته في طريقه إليها وإنما تريثه في رصد ارتدادات إنشاء قاعدة أميركية في تل تمر بما تمثله من إعادة للزخم الأميركي العسكري في المنطقة.