ثقافة وفن

التمثيل هو حلمي المتّقد … أحمد قطريب لـ«الوطـن»: ياسر العظمة يمشي بدمي ومتأصل في ذاتي فلا أتكلف بتقليده

| سوسن صيداوي

هل هو أمر سهل بأن يكون في حياتنا شخص من شدّة تقديرنا له، يصبح كالدماء التي تجري في الشرايين، ليصبح مع الأنا شريك النفس وإن صح التعبير شبيهاً للروح. للإجابة «الوطـن» حاورت الفنان أحمد قطريب، الذي اشتُهر بالتقليد للعديد من الشخصيات الفنية المعروفة، وعلى الخصوص في تقليده للقدير ياسر العظمة، الأخير الذي أصبح جزءاً حقيقياً من صوت الشاب وحضوره في كل المناسبات، وحتى إن قابله الناس على الفور يقولون له: (هل لك أن تقلّد لنا ياسر العظمة)؟

في حوارنا تحدثنا مع الضيف عن ظاهرة (ستاند أب كوميدي) وغيابها عن المجتمع السوري، إضافة إلى أسباب ابتعاد الفنان قطريب عن الأجواء، والوقوف عند علاقته بالقدير العظمة، إضافة إلى المزيد من النقاط.

• من دراسة الهندسة الإلكترونية… إلى العمل في مجال المعالجة بالطاقة…. ما الذي جعلك تختار الفن وخصوصاً أنه بعيد تماماً عما ذكرناه أعلاه؟

منذ صغري وأنا أقوم بتقليد الشخصيات وبدأت مع زملائي بالمدرسة، الأساتذة، الجيران، الأهل والأقارب، وبالفعل درست هندسة الإلكترون هنا في سورية، ولكن بعد تخرجي سافرت إلى المملكة العربية السعودية، وأنا أعتبر أن فترة اغترابي وبقائي لوقت كبير مع نفسي، مع اختلاطي مع أناس جدد وثقافات مختلفة، كل ذلك أسهم في اكتشاف ذاتي وموهبتي. وبعد عودتي إلى سورية دخلت مجال الطاقة والعلوم الروحانية، والذي ساهم أكثر في بلورة شخصيتي وتجنبي لكل ما هو سلبي، مع مساعدتي في تشكيل رؤيتي المستقبلية لنفسي، وفي جعل أهدافي تبدو بشكل أوضح. إذاً فكل تلك الظروف مع الدراسات لم تخرج حلمي بالتمثيل من ذهني، إلى أن صعدت على خشبة مسرح إحدى الجامعات الخاصة في سورية في 2011، إذ قلّدت خلال السكيتش الذي قدمته، القدير ياسر العظمة، والداعية المصري عمرو خالد، ونجوم مسلسل «ضيعة ضايعة» وغيرهم. ومنذ أن انتشر مقطع الفيديو على مواقع السوشال ميديا، وتفاعل معه الجمهور، أحسست بأن حلمي بالتمثيل والتقليد لابد أن أسعى إليهما بجدّية أكبر.

• ما أسباب ابتعادك عن السوشال ميديا أو المشاركة بالأعمال الفنية؟

في الواقع أنا مُقل بالتفاعل والنشاط على الفيسبوك أو مواقع التواصل الاجتماعي، ويعود السبب إلى كم أخبار الحزن والبؤس التي تنتشر عبر الصفحات، لهذا وابتعاداً عن الطاقة السلبية أقوم بإغلاق حسابي لأشهر كي لا أتأثر أو أشعر بالحزن والغم. أما بالنسبة لمشاركتي بالأعمال الفنية، في الحقيقة لم أجد فرصة مناسبة تتوافق مع محبة الجمهور لي، وانتظارهم لجديد سأقدمه وعلى مستوى جيد من القيمة الفنية.

• هل البرنامج الإذاعي «سمعوا لهالسمعة» حقق لك حضوراً مطلوباً؟

في الحقيقة ساهم هذا البرنامج بمنحي بطاقة تعريف جديدة لأحمد قطريب، إذ عرّف الجمهور عليّ بطريقة مختلفة، وكان البرنامج كجرعة دسمة من «مرايا» لمدة خمس دقائق، تأتي فقراته بداية بكلام مقفى وفيه من السجع على طريقة أستاذي ياسر العظمة، ومن بعدها فقرة نقدم خلالها أغنية عن الموضوع نفسه، والفقرة الأخيرة حوار بين اثنين. الجمهور أحبّ البرنامج كثيراً، وحتى سُعدت بوجود جمهور سوري مغترب وجمهور عربي تابعنا، لكون الحلقات كانت تُبث أيضاً على الإنترنت. ولكن برنامج «سمعوا لهالسمعة» رغم أنني أحبه كثيراً وأضاف لي، ولكنه ليس المطلوب وخصوصاً بأنني أحب أن أظهر للجمهور كي يتعرفوا إلى شخصيتي بالتمثيل والتقليد.

• برأيك لماذا ظاهرة الـ«ستاند أب كوميدي» مغيّبة في سورية؟… والسؤال الثاني: هل حرية التعبير هي من أحد أسباب عدم انتشارها؟

ربما من أحد أسباب غيابه لكون طبقة كبيرة من الجمهور لا تعرف هذا الفن بمعناه الحقيقي، وخصوصاً أنه وفق منظورهم، هو الوقوف على الخشبة والتهريج قليلاً مع سرد كم نكتة. على حين الـ«ستاند أب كوميدي» هو فن متكامل، والفنان فيه فنان شامل، بمعنى هو قادر على الغناء أو التقليد أو أن يحكي قصة، أو يغيّر في صوته. وإلى هذه المرحلة هذا الفن لم يكتمل لدينا بعد. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال: أكيد حرية التعبير هي من الركائز الأساسية لهذا الفن.

• على سيرة التقليد ألا تخشى من الجمهور أن يقولبك في قالب العظمة ويقارنك به؟

بالفعل هذا ما يحصل، عند لقائي الناس، الكل يطلب مني أن أقلّد الأستاذ ياسر. وحتى عندما أكون في لوكيشن ما، أو ضمن بروفات لعرض مسرحي، الكل هناك يخاطبني باسم الأستاذ العظمة. بالفعل الناس وضعوني في هذا القالب، ولكن وكما أشرت أعلاه، الأستاذ العظمة متأصل في ذاتي لهذا لا أجد نفسي بأنني أقلده.

• أخيراً.. بمجرد نشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وأنت تقلد، يحقق المشهد أعلى مشاهدات… لماذا لم تلجأ للإنترنت كي يكون لك برنامجك الخاص وخصوصاً بأن النظرة اليوم اختلفت وفق ما تحققه المواقع من مكاسب في الشهرة والأرباح.. ما تعقيبك؟

عندما انتشر أول مشهد في عام 2011 على صفحتي، لم يكن للفيسبوك صداه كما اليوم، ومع تقادم السنين تغيرت فعلاً النظرة. وحول هذا الموضوع تواصل معي عدد من الأشخاص كي نقيم منصة على اليوتيوب، وفي الوقت الحالي تم الاتفاق مع شركة لهذا الغرض والفكرة جاهزة وإن شاء اللـه سنبدأ بالتصوير. في الختام لابد من الإشارة إلى أن الاقتراب من هذه الوسائل خطر ويجب أن يتم ضمن ضوابط معينة، وخصوصاً بأن المرء مهما كان لا يمكن أن يسلم منها، فأسماء كبيرة كالأستاذ ياسر العظمة عندما ظهر عبر منصته الخاصة، والراحل صباح فخري لم يسلما من التعليقات والتنمر عبرها، لهذا فما بالكم أنا؟!. لهذا أنا أبتعد وأفكر كثيراً بالخطوة قبل الإقدام عليها، لأن المتابعين ينقسمون بين فئة سطحية وفئة أخرى مثقفة واعية، وأنا أريد أن أعمل للأخيرة حتى لو وجهت لي انتقادا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن