رياضة

بعد انقضاء مرحلة الذهاب من التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال … منتخبنا تعارضه الظروف وتفاصيله تكشف المستور في كرتنا

| ناصر النجار

انتهت مرحلة الذهاب من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر 2022 وحل منتخبنا في المركز الأخير بمجموعته برصيد نقطتين من تعادلين وثلاث خسارات، وهي حصيلة منطقية وإن كان طموحنا أكبر من ذلك، مع العلم أنه كان بالإمكان أحسن مما كان.

والتصفيات بشكل عام كشفت أن الكرة الصفراء بعيدة بعد المشرقين عن الكرة العالمية، وأن الغرب العربي أضعف بكثير من الشرق الآسيوي.

إيران تصدرت المجموعة براحة وصدارتها جاءت على أنقاض الفرق العربية التي شاركت ومستواها يدعو إلى الشفقة الكروية، مع العلم أن إيران شاركت بأسوأ نسخة لها منذ عقود ولم تقدم الأداء المنتظر، بل سمعنا عن مشاكل عديدة في خبايا المعسكر الإيراني، وكوريا الجنوبية لم تظهر كما عهدناها مرعبة فكانت ظلاً لكرة تألقت وأرعبت من حولها العرب والعجم.

وفي المجموعة الأخرى لا تختلف الصورة كثيراً فاليابان تلقت الكثير من الصدمات وقد اعتادت في السابق أن تكون في الصدارة والصين أثبتت أنها ناجحة بكل شيء إلا بكرة القدم وبقية الفرق على شاكلة فرقنا ونستثني منهم السعودية وأستراليا وقد كانتا أفضل فرق المجموعة، ومع ذلك فإن المتأهلين لن يكون لهم خبز في المونديال، فالمقدمات تدل على أن النهايات لن تكون سعيدة مقارنة بالكرة العالمية التي تتزعمها القارة العجوز.

والحقيقة التي يجب ألا نغفل عنها أن الكرة في الغرب العربي تعاني الكثير وهي متخلفة كروياً لتخلفها عن الفكر والثقافة الكروية العالمية، لذلك لم نجد المنتخبات العربية تقترب من الأقصى الآسيوي على أقل تقدير وبدأت تتصارع على بطاقة الترضية بحثاً عن أمل لن تناله بالذهاب إلى الملحق الآسيوي الذي سيكون من نصيب كبار القارة الآسيوية.

الواقع المؤلم

المستوى الذي قدمته المنتخبات الأربعة العربية في مجموعتنا كان متشابهاً إلى حد بعيد، ووجه التشابه يكمن في ضعفها وعدم توازنها وبعدها كل البعد عن مستويات المنتخبات القادرة على تحقيق بصمة سواء في هذه التصفيات أو في المونديال إن تأهلت عبر الملحق، وربما كان طموح الكرة السورية أكبر من واقعها لذلك نسترجع كلام مدرب المنتخب اللبناني قبل التصفيات عندما صرح أن نقاط منتخب لبنان مع سورية يجب أن تكون باليد لأنها أضعف فرق المجموعة ونعتقد أن نظرته كانت صحيحة وقد تحقق ذلك بالمطلق في منتصف المشوار.

وربما ونحن نخوض في ثنايا هذه التصفيات فإن المرور على المنتخبات الأخرى قد لا يجدي نفعاً أمام رسم صورة حقيقية لكرتنا المحلية ولمنتخبنا الذي مثلها وفشل بكل التفاصيل كما أخفق في مناسبات غيرها في السابق، لكن ما جعلنا نستعرض ذلك دهشتنا من الواقع العربي الكروي المؤلم ومجمل الأداء الذي قدمته منتخبات عريقة بحجم العراق والإمارات العربية ما يرفع العديد من إشارات الاستفهام حول هذا التراجع المخيف.

وإذا قارنا ما نحن فيه من اضطراب وفوضى وسوء إدارة كروية مع الاستقرار الذي تعيشه بقية المنتخبات في مجموعتنا لأدركنا أن ما حققناه يأتي في المكان الطبيعي وهو حصيلة منطقية وضعت كرتنا في حجمها الطبيعي وكانت نتاج الفكر الكروي المتخلف والتخبط العجيب الذي تعاني منه.

ألف محلل

على الصعيد النفسي عاش منتخبنا منذ زمن شتانغه أسوأ وضع نفسي ورافقه تخبط كبير، وزاد من سوء الحالة النفسية المدرب التونسي نبيل المعلول الذي أحدث شرخاً كبيراً في المنتخب فضلاً عن تصرفاته السلبية التي آذت منتخبنا وكرتنا كثيراً على حد سواء، ولم تكن فترة فجر إبراهيم تحت الاختبار الجدي لأن المنتخبات التي واجهها منتخبنا كانت من أسوأ منتخبات القارة وكنا نفوز، إلا أن الرضا عن الأداء كان مفقوداً.

ومن هنا نجد التباين في الآراء والتحليل لأن كل محلل كان يشد طرف الثوب لمصلحته فضلاً عن أن البعض أدار (من وراء الستار) العديد من مواقع التواصل الاجتماعي في غاية سلبية لضرب المنتخب وإهانة مدربيه في حالة لم نكن نشهدها من قبل وهدفت إلى إضعاف عزيمة المنتخب!

وللأسف فإن الكثير من الموتورين هاجموا مدربينا ولاعبينا دون وجه حق، وكل منهم يرشح مدربه المفضل ولاعبه المختار لدرجة وجدنا أننا أمام خيارات عديدة لم نعد نعرف الصالح من الطالح فيها.

والحقيقة التي يجب ألا نغفل عنها أن منتخباتنا جربت العديد من المدربين الوطنيين والعرب والأجانب ولم تفلح في أي مناسبة، وهذا لا يخص المنتخب الأول فقط بل كل المنتخبات الأخرى، والمحصلة التي جنيناها كانت خيبة ترافق خيبة، ولو أننا تعاقدنا مع كبار المدربين العالميين لكانت النتيجة واحدة، فالمسألة في الكرة السورية لم تعد مسألة لاعب أو مدرب فقط.

المسألة مسألة فكر كروي يقودنا إلى الهاوية، وعلينا أن نؤمن بالآية الكريمة (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) لأن تأهلنا إلى المونديال بمنتخب ضعيف وكرة هشة سيجلب لنا الخزي والعار، فالمسألة ليست بالوصول إلى كأس العالم وانتهى الأمر، بل الأهم من ذلك زرع بصمة إيجابية تعلي من راياتنا لا أن تضعها في أسفل السافلين، وهذا لن يتحقق في هذه المرحلة.

منبت ضعيف

على الصعيد الفني فإن لاعبينا جاؤوا من دوري ضعيف وهذه حقيقة مهمة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، فالدوري السوري من أضعف الدوريات العربية وهذا الأمر متفق عليه، وأغلب اللاعبين المحترفين في الدوريات العربية يلعبون بدوري مماثل، واللاعبون الوافدون من أوروبا لم نجد فيهم المحترف القادر على صنع إضافة في المنتخب أو القادر على قلب الوقائع وتغيير النتيجة، ويمكننا في هذا المجال استثناء ثلاثة لاعبين أو أربعة من هذه المعادلة كالسومة وخريبين والمواس.

الدوري الضعيف لا ينتج منتخباً قادراً على مقارعة المنتخبات الكبيرة، وكما وجدنا فقد قتلته الأخطاء الفردية الفظيعة التي تنم عن ضعف في فكر اللاعب وثقافته، وإذا تابعنا المباريات الخمس الماضية لوجدنا أن الأهداف التي تلقيناها كانت من أخطاء ساذجة ارتكبها لاعبون من المفترض أن يمتلكوا الخبرة المطلوبة في هذه المباريات المصيرية والقوية.

ربما شاهدنا هوية جديدة للمنتخب وشخصية جميلة في الكثير من التفاصيل، لكن هذه الأخطاء الفردية أجهزت على كل بذل جهد وعلى كل أمل وأضاعت التعب والتحضير بغمضة عين.

في السنوات الثلاث الأخيرة تمت تجربة أكثر من خمسين لاعباً سواء في المعسكرات أو في المباريات الودية أو الرسمية والحصيلة واحدة والخيارات بقيت قليلة وخصوصاً في خطي الوسط والدفاع.

المسؤولية تتحملها الأندية التي لم تمنحنا المدافع القوي الموهوب وهذه مشكلة عامة في الدوري السوري، ومثل ذلك في خط الوسط والمطلوب دائماً لاعب قادر على فهم مهامه الدفاعية ومهامه الهجومية ومتى يتحرك بكرة أو بغير كرة، والحصيلة التي نخرج منها أن منتخباتنا هي حصيلة كرتنا وحصيلة الدوري ومن غير المعقول أن ننتظر النتائج الرائعة من أوضاع كهذه.

حتى في ملف اللاعبين المغتربين وجدنا غموضاً ولم نفهم شيئاً من هذا الملف وضعنا بين زيد وعبيد وضاعت الحقيقة في التجاذبات بين الأطراف، فهل خسرنا فعلاً لاعبين مهمين، ومن يتحمل التهاون في هذا الملف؟

فوضى واضطراب

يتحمل اتحاد الكرة مسؤولية الفوضى بكرتنا وكان سبباً بعدم استقرار المنتخب مع توالي المدربين، وكان من المفترض ألا يتم إبعاد فجر إبراهيم في الفترة السابقة وخصوصاً أنه تصدر مجموعته ولم يبق من مباريات التصفيات أكثر من ثلاث مباريات منها مباراتان سهلتان، فالتغيير كان بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير، وساهم في تدهور منتخبنا المدرب التونسي المعلول الذي لم يكن أهلاً للثقة فاستغل كورونا واستغل جهل اتحاد الكرة وخرب ما صنعه فجر إبراهيم، واستلم نزار محروس المنتخب على أنقاض خراب السنوات السابقة، ومع أن البعض ظن أنه يملك عصاً سحرية إلا أن الظروف لم تخدمه، وخصوصاً الأجواء غير الصحيحة التي مر بها اتحاد كرة القدم وشهدت الكثير من الأخطاء التي أطاحت به ودفع ثمنها المنتخب الوطني.

أخيراً

نعتقد أننا في مرحلة غير مستقرة مع اللجنة المؤقتة ومع هذا الموسم كله، فلا الدوري منتظم ولا المنتخبات أثلجت صدورنا، والمفترض وقفة مع الذات لدراسة أحوال كرتنا وكشف النقاط السلبية ومعالجتها وتعزيز النقاط الإيجابية ولا نظن أن تغيير المدرب أو طاقمه هو الحل، لأن العلة أكبر من مدرب أو لاعب.

بطاقة المباراة

العراق × سورية: 1/1 عمر السوما د 80.
الملعب: نادي الغرافة في قطر.
التاريخ: الخميس 11/11/2021.
المناسبة: الجولة الخامسة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر.
الحكام: نواف شكر اللـه – محمد جعفر – عبد اللـه صالح (البحرين) الكويتي أحمد العلي حكماً رابعاً.
مراقب المباراة: الطاجيكي داف لا تماند إسلاموف.
مقيم الحكام: الياباني تورو.
المسؤول الطبي: علي حسن الإمام من السودان.
حكم الفار: روبيرت إيفانس من استراليا، والمساعد: أبو البكر الكاف من عمان.

تشكيلة منتخب سورية:
خالد حجي عثمان – عمرو ميداني – مؤيد الخولي (إياز عثمان – إسراء حموية)- خالد كردغلي – ثائر كروما – محمد العنز (كامل حميشة) – أحمد الأشقر – فهد اليوسف – محمود مواس – عمر خريبين – عمر السوما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن