رياضة

رفع عدد منتخبات اليورو إلى 24 فريقاً بين السلبي والإيجابي … الشياطين الحمر يعودون وضيوف للمرة الأولى

خالد عرنوس :

على أبواب نهاية عام 2015 تختتم التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس أوروبا (يورو 2016) وهي النسخة الخامسة عشرة للبطولة القارية التي ستشهد مشاركة 24 منتخباً في النهائيات على غرار ما حدث في المونديال بين 1982 و1994 وهو الشيء الذي لم يشهد اعتراضاً كبيراً بين الاتحادات الـ53 المنضوية تحت لواء (اليويفا) على الرغم من الاعتراضات السابقة من الاتحاد الأوروبي بالذات على رفع عدد منتخبات كأس العالم على اعتبار أن البطولات الكبيرة تفقد الكثير من رونقها وإثارتها مع وجود عدد كبير من الفرق والمباريات وبالتالي فإن مباريات كثيرة ستفتقد للحماسة والإثارة وهي طابقية أي إنها لا تليق بسمعة البطولات الكبرى، لكن هذا الأمر ربما مختلف في أوروبا بالذات حيث شهدت التصفيات الأخيرة التي تشهد المشهد الأخير بعد غد الثلاثاء عدداً من المفاجآت الكبيرة التي تنبئ بتغيير (ولو طفيفاً) على خريطة اللعبة في القارة العجوز.

تطورات البطولة
انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية متأخرة عن كل من قارات أميركا الجنوبية وآسيا وإفريقيا وجاءت بداياتها من دون المأمول لقارة قدمت المثل على مستوى بطولات الأندية القارية فاقتصرت على أربعة منتخبات في النهائيات لخمس نسخ كاملة تلعب بطريقة المقص فيما بينها ويلعب الفائزان على اللقب في حين الخاسران يلعبان على المركزين الثالث والرابع قبل أن يطرأ التعديل الأهم بتطوير البطولة بزيادة عدد المشاركين إلى 8 منتخبات وإقامة دور المجموعات الذي أفرز طرفين يتقبلان في النهائي (إيطاليا 1980) ثم أقر دور نصف النهائي منذ فرنسا 1984 وحتى بطولة السويد 1992 وقد ألغيت مباراة الترتيب بطلب فرنسي من المدرب هيدالغو على اعتبار أن الفريقين الخاسرين في نصف النهائي يخوضان مباراة الترضية من دون حافز كبير بعد خسارة الفرصة الأكبر بخوض مباراة التتويج، وفي إنكلترا 1996 تضاعف عدد منتخبات النهائيات لتتسع رقعة المشاركة مع التقدم الكبير الذي حققته كرة القدم في القارة فأصبح 16 منتخباً يلعبون دوراً أول من أربع مجموعات ثم تبدأ مرحلة الإقصاء بربع النهائي ثم نصف النهائي والنهائي، واليوم بعد 56 عاماً على انطلاقتها رفع الاتحاد الأوروبي عدد فرق النهائيات إلى 24 منتخباً بحيث يقام الدور الأول (بطريقة دوري من مرحلة واحدة على ست مجموعات) الذي سيفرز 16 منتخباً (أول وثاني كل مجموعة إضافة إلى أفضل أربعة ثوالث) وتبدأ هذه الفرق أدوار الإقصاء بدءأ من ثمن النهائي ثم ربعه فنصفه وأخيراً النهائي.

منتخبات ضعيفة
ربما لا يكون هذا التوصيف دقيقاً إلا أن الزيادة العددية تفرض إيقاعاً ضعيفاً لبعض المباريات على الصعيد الفني، وقد تابعنا هذا الأمر في بطولات كأس العالم منذ رفع عدد النهائيات إلى 32 فريقاً فقد شهدنا مستويات ضعيفة ومباريات مملة وأخرى طابقية.
هذا الشيء ظهر أيضاً حتى في بطولات اليورو منذ رفع منتخبات النهائيات إلى 16 فتابعنا بعض المباريات التي افتقدت إلى الإثارة والحماسة، ويأتي رفع العدد إلى 24 منتخباً وإضافة دور جديد إلى البطولة ليزيد عدد هذه المباريات بالطبع خاصة إذا ما عرفنا أن المتنافسين في فرنسا يصل عددهم إلى قرابة نصف المنتخبات المنضوية تحت لواء اليويفا، وقد تابعنا في التصفيات الكثير من المباريات الباهتة بين منتخبات الصف الأول والثاني وأخرى من بقية الصفوف.
الوقت والإرهاق
ومن السلبيات أيضاً هو زيادة عدد أيام البطولة لتمتد منافساتها إلى شهر كامل في الوقت الذي تحاول أندية القارة ذات السلطة الكبرى ( من مجموعة الـ14 التي اتسعت رقعتها إلى مجموعة الـ18) تقليص كل الاستحقاقات الدولية التي تحرمها من لاعبيها المحترفين والتي تؤثر فيهم من ناحية الإرهاق والإصابات وكلا الأمرين يضر بمصالح هذه الأندية التي تدفع بمئات الملايين رواتب وأجور لاعبيها وتحاول تجنيبهم كل المشاركات، وقد تابعنا في السنوات الأخيرة حرب هذه الأندية على بطولة كأس إفريقيا وتوقيتها وكذلك صراعها مع الفيفا من أجل تقليص عدد أيام المباريات الدولية حتى جرى الاتفاق على البرنامج الحالي لأيام الفيفا.
وعلى هذا الصعيد يمكن إضافة زحمة جديدة للروزنامة بالنسبة للاعبي الأندية الأوروبية فلا يأخذ لاعبوها قسطاً كبيراً من الراحة وتتأخر استعداداتهم للموسم التالي ولا ننسى ضغط منافسات الموسم الحالي محلياً وقارياً من أجل الاستعداد المبكر للبطولة.
منتخبات جديدة
هذه السلبيات لا يمكنها بحال من الأحوال تغطية بعض الأمور الإيجابية التي تفرزها زيادة عدد المنتخبات لاسيما إذا لاحظنا أن الكرة في القارة العجوز باتت مسألة تجارية بحتة، فالمال يتحكم بأوصال اللعبة وهاهي مباريات البطولات الأوروبية تجني المليارات وبالتالي يرتد جزء كبير منها إلى الاتحادات المحلية فتصب في مسألة تطويرها، فالإيرادات العالية تزيد اطراداً مع زيادة عدد المنتخبات والمباريات، مع زيادة حقوق النقل التلفزيوني والإعلانات وسواها.
وعلى الرغم من أن التصفيات حرمتنا من بعض المنتخبات الكبيرة الثقيلة على صعيد المناسبات الكبيرة إلا أنها عرفتنا أو ستعرفنا بشكل أكبر على منتخبات جديدة سنتابعها للمرة الأولى على صعيد بطولات كأس أوروبا. وقد تأهلت ستة منتخبات للمرة الأولى إلى البطولة هي: ويلز وإيرلندا الشمالية وسلوفاكيا والنمسا وإيسلندا وألبانيا والأخيران لم يسبق لهما الظهور في اليور أو المونديال، وربما يرتفع العدد إلى سبعة في حال نجح المنتخب البوسني في تجاوز نظيره الإيرلندي بالملحق.
وأعادت التصفيات الحالية إلى الأضواء بعض المنتخبات التي كدنا أن نسقطها من قاموس بطولات كرة القدم الكبرى مثل النمساوي الغائب منذ مونديال 1998 وكذلك الإيرلندي الشمالي الغائب منذ ثلاثة عقود، أما المنتخب البلجيكي الذي كان يوماً ما وصيفاً لبطل أوروبا وبعدها ثالث العالم فهاهو يعود بزخم أقوى من تلك الأيام، وسنكون في «الوطن» على موعد للحديث عن هذا المنتخب بالذات وغيره من المنتخبات الواعدة بـ يورو 2016.

أرض الملعب
من الظلم الحكم الآن على التجربة الأوروبية فالنهائيات التي ستقام بفرنسا الصيف القادم، وأرض ملاعب جيرلان وفيلدروم وسان دوني وليل ميتروبول ستحكم على البطولة ومدى نجاح الأمر من عدمه حيث سنتابع 52 مباراة بغياب بطلين (هولندا واليونان) وربما لحق بهما ثالث (الدانمارك) وسنرى مدى قدرة الضيوف الجدد على مجاراة الكبار ومدى تطور بعض المنتخبات التي قلبت الطاولة على البقية خلال التصفيات.
لكن الطريف بالأمر أن الاتحاد الأوروبي في طريقه إلى تجربة أخرى جديدة في البطولة القادمة عام 2020 حيث ستقام النهائيات في عشرين دولة بحيث تقام كل مجموعة في دولة أو اثنتين ومن يعش يرَ…!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن