اقتصاد

المشاريع المتناهية الصغر لا معلقة ولا مطلقة تائهة تبحث عن التمويل والتنظيم! … اسمندر: رعاية المشاريع المتناهية الصغر ليست من مهام الهيئة حالياً

| طلال ماضي

يسعى أغلبية الشعب السوري وخاصة أصحاب الدخل المحدود إلى الخروج من دائرة الفقر التي تسببت فيه الأزمة ومواجهة التضخم المالي الحاصل بالبحث عن مصادر دخل إضافية، ومشروع متناهي الصغر يترك تأثيراً إيجابياً في تحسين سبل معيشتهم. وشاهدنا الكثير من أفكار المشاريع المتناهية الصغر، ولعل أغربها تربية الديدان وإنتاج الفيرمي كمبوست «السماد العضوي»: هذه الفكرة التي قد لا تخطر على بال أحد لكنها حصلت على جائزة الباسل للإبداع والاختراع عن قسم الكيمياء، وحصل عليها السيد حسان خليفة ٦٧ عاماً بالتشارك مع المهندسة صفاء شحود، وأثبتت أنها ذات مردود مادي جيد ويطلق عليها في دول العالم «الذهب الأسود».
ومن الأفكار الذهبية التي يبدع فيها الشعب السوري مئات المنتجات التي عرضت في بازار «ألوان سورية» لأصحاب مشاريع متناهية الصغر يبدعون في منتجاتهم التي تعد مرغوبة ومطلوبة من أصحاب الأعمال والمجتمع المخملي، ولها زبائنها الخاصة داخل وخارج سورية، لكونها مشغولة بأيد ماهرة وتحمل قيمة إبداعية وجمالية خاصة.
«الوطن» سألت أصحاب المشاريع المتناهية الصغر المشاركين بالبازار عن أعمالهم حيث أغلبيتهم لم يسمع أو يتلق الدعم، وهذه المشاريع غير منظمة لكونها مقامة في المنازل، لكن أصحابها يملكون الطموح والأمل لأن تخرج هذه المشاريع وتكبر وتنتشر وتشغّل أكثر عدد ممكن من اليد العاملة. الزوجان الكيميائيان المشاركان على طاولة في البازار ويعرضان بعض المنتجات الطبيعية من إنتاجهما، اعتبرا أن الحصول على ترخيص إداري للعمل عمل معقد ومكلف وهما غير قادرين على دفع تكاليفه لذلك يعملان ضمن المنزل ويطمحان إلى توسيع أعمالهما، ولم يتلقيا الدعم من أي جهة ولم يسمعا بالقروض المتناهية الصغر المدعومة بالفائدة وقال الزوج فايز: لا يمكنني الحصول على قرض لكوني لا أملك ضمانات كافية كما هو المطلوب لأي قرض أكثر من 5 ملايين ليرة، وهذا المبلغ الذي يمنح بضمانات شخصية لا يسد مصاريف الحصول على الترخيص فما بالك باستئجار محل وشراء معدات ومواد أولية.
السيدة لبنى التي تقوم بصناعة بعض قطع الإكسسوار من النحاس تقول: زبائني من فئة خاصة ومرتاحة مادياً، وتطلب قطعة مميزة ومربح بعض القطع بين 2 و3 آلاف ليرة، وهو بسيط تجاه الجهد والوقت لإنجازه وتقول: لم أحصل على أي دعم مادي أو غيره ومجمل مبيعاتي تتركز في البازارات. حال المشاركين في البازار مشترك من جهة مطالبهم بفتح قنوات للتسويق والدعم المادي، وعملهم ضمن المنازل ودون تراخيص، والصعوبات في تأمين المواد الأولية، بينما ترى منسقة البازار رنا طباع أن البازار يقدم للمشاركين المنفعة وهم يستفيدون بالتعريف بمنتجاتهم والبيع المباشر، ولو لم يستفيدوا لم تكن تجد هذه المشاركات الواسعة. أصحاب هذه الأعمال وأمثالهم أكثر من 800 ألف منشأة بحسب التعداد الذي أقامته هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويعد الأول من نوعه في سورية والذي أقيم قبل تعديل مجلس الوزراء للحدود الدنيا والقصوى لمعايير تصنيف المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بما ينسجم مع الواقع الحالي لجهة عدد العمال وحجم المبيعات السنوية والموجودات.
ويتمحور التعداد بشكل أساسي حول توفير إطار محدث ومتكامل للمنشآت الاقتصادية، وبهدف حصر القطاع غير المنظم، والوقوف على وضعه الراهن وتمكين إجراء المقارنات المطلوبة، وقياس المؤشرات الاقتصادية، ووصلت إلى نتيجة بحسب رئيس الهيئة إيهاب اسمندر في تصريحه لـ«الوطن» أن معظم المشاريع في سورية هي متناهية الصغر وصغيرة، حيث بلغت نسبة المنشآت متناهية الصغر 65 بالمئة، والصغيرة 30 بالمئة، ومشاريع متوسطة 4 بالمئة. وأشار اسمند إلى أن رعاية المشاريع المتناهية الصغر ليست من مهام الهيئة حالياً، وفي حال تم نقل تبعيتها للهيئة لدينا استعداد وجاهزون لرعاية هذه المشاريع، واطلعنا على تجارب العديد من الدول العربية والأجنبية حول كيفية تنظيم هذه المشاريع وتقديم الدعم لها، لكن نحن كهيئة اليوم لا نشرف على هذه المشاريع هناك جهات أخرى تمنحها الدعم مثل الشؤون الاجتماعية والعمل وبعض الجمعيات الأهلية وصندوق المعونة الاجتماعي وجهات أخرى وتم الترخيص مؤخراً للعديد من المؤسسات المالية المتخصصة بتمويل المشاريع المتناهية الصغر. القانون رقم /8/ لعام 2021 الذي يسمح بتأسيس «مصارف التمويل الأصغر» بهدف تأمين التمويل اللازم لمحدودي ومعدومي الدخل بفوائد 5ر2 بالمئة للقروض قصيرة الأجل، و3 بالمئة للقروض المتوسطة، هذه المصارف حتى اليوم مازالت في طور التأسيس وغير مستعدة للمخاطرة في قروض من دون ضمانات، وهنا عادت المشاريع المتناهية الصغر إلى دائرة التنظيم وهذه المعضلة ما زالت العقبة الأساسية لدى الشاب غدير عيسى الذي حاول الحصول على قرض ولم يتمكن لعدم توافر الضمانات اللازمة.
مدير عام مؤسسة ضمان مخاطر القروض مأمون كاتبة أكد أن المؤسسة لا ترعى المشاريع المتناهية الصغر، والمؤسسة ملزمة بحسب تعليمات مجلس الوزراء أن يكون القرض ضمن المشاريع الصغيرة والمتوسطة حصراً، لافتاً إلى أن التوجه إلى ضمان مخاطر المشاريع المتناهية الصغر يحتاج إلى ضمان كامل المحفظة للبنوك، وعندها يمكن ضمان مخاطر القروض المتناهية الصغر، وهذا الإجراء يحتاج إلى عمل طويل وتعديل قانون المؤسسة، واتفاقيات مع البنوك وبحاجة لوقت طويل. وأشار كاتبة إلى أن المشاريع المتناهية الصغر تحصل على التمويل من مؤسسات التمويل الأصغر بضمانة المجتمع الأهلي، أو بكفالة الكفلاء، وتعاني من تسويق منتجاتها بسبب عدم وجود اسم تجاري لها وصعوبة ترخيص اسم تجاري في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتكاليفه، داعياً إلى إيجاد تسهيلات نحو منتجات المشاريع المتناهية الصغر وتسويقها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن