السمنة أغلى من العسل.. المربي يبيع الكيلو بـ10 والتاجر يبيعه بـ25 ألفاً … كشتو لـ«الوطن»: موسم العسل هذا العام كان جيداً والإنتاج وصل إلى 3000 طن
| دمشق - طلال ماضي
من يراقب الأسعار في المتاجر ير أن كيلو السمنة بات اليوم أغلى من كيلو العسل، ومع ذلك ما زالت ثقافة استهلاك العسل غائبة عن موائد أغلبية السوريين، لأن بعض التجار يستغل الفلاح والمستهلك ويبيع من دون حسيب أو رقيب.
إنتاج العسل هذا الموسم كان وفيراً وفق ما أكد عدد من الفلاحين من منطقة سهل الغاب في حديثهم إلى صحيفة «الوطن»، وذلك بسبب توافر المراعي، وزيادة عدد المربين، ودخول فئات جديدة إلى قائمة المربين دفعتها الظروف الحالية للبحث عن عمل آخر وقالوا: إن أسعار المستلزمات مرتفعة جداً، ويباع كيلو العسل للتجار بسعر 10 آلاف ليرة، وبعض العسل الذي يدعي التجار بشأنه أن النحل تغذى على مادة السكر يشترونه بسعر 8000 ليرة أرخص من سعر كيلو الزعتر والسمنة، وأي مادة استهلاكية أخرى.
ولفت الفلاحون إلى أن سعر كيلو العسل على رفوف المتاجر 20 و25 ألف ليرة من دون حسيب أو رقيب، على اعتبار أنه منتج محلي ويخضع للعرض والطلب والجودة، مثله مثل سعر زيت الزيتون يحدده التاجر بعد إجراء تجاربه على المادة، و«يتغنج» على الفلاحين ويشتري بالسعر الذي يرغبه، وخاصة إذا كانت الكمية كبيرة أو الفلاح كان مضطراً للبيع.
المربي يثرب إبراهيم أشار إلى ارتفاع سعر الصندوق الخشبي إلى 200 ألف ليرة، وتكاليف معالجة وأكل كل خلية أكثر من 30 ألف ليرة، غير مصاريف التنقل للخلايا من منطقة إلى أخرى من أجل الرعي نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، وخسارة المربي في حال فقدان أحد الخلايا، ومصاريف العبوات وغيرها، لافتاً إلى أن العمل اليوم أصبح بخسارة لكون المربح الكبير يقطفه التاجر.
وبين الخبير التنموي أكرم العفيف أن الفلاحين يبيعون سعر كيلو العسل بـ10 آلاف ليرة أي أرخص من كيلو «النمورة»، لافتاً إلى توافر إنتاج كبير هذا الموسم وغياب ثقافة الاستهلاك نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى أغلبية المواطنين وخاصة أصحاب الدخل المحدود.
ودعا العفيف إلى ابتكار أفكار تسويقية من قبل المعنيين بتسويق الإنتاج الزراعي وتصنيعه والشركات الصناعات الغذائية، ومحاولة تعليبه بظروف صغيرة بوزن 20 غراماً وبيع الظرف بـ500 ليرة والمتاجرة به مثل البسكوت وأقراص المنكهات الأخرى، عندها سيكون الطلب عليه كبيراً جداً، لأنه لو تم استخدام هذا الظرف ودهنه مع القشطة كسندويشة سيكون أرخص من سندويش البطاطا والفلافل، ويحمل قيمة غذائية عالية، ويشجع المجتمع على تعديل عادته الاستهلاكية لكون المستهلك يمكنه دفع 500 ليرة ثمن الظرف على حين إنه عاجز عن دفع 20 ألفاً ثمن كيلو عسل، معتبراً أن فائض الإنتاج الكبير الموجود اليوم من دون تسويق يشكل خطراً حقيقياً على المربين.
من جهته رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو أكد في تصريح «للوطن» أن موسم العسل هذا العام كان جيداً والإنتاج يتراوح بين 2500 إلى 3000 طن وسعره رخيص مقارنة بباقي السلع ولكن العادات الاستهلاكية محكومة بتدني مستوى الدخل، لافتاً إلى وجود 450 ألف خلية تنتج العسل في سورية.
وأشار كشتو إلى علاقة الاتحاد بالمنتجين والعمل على مساعدتهم وتحسن الإنتاج وإعداد الاتحاد مذكرات إلى المصرف الزراعي ووزارتي الزراعة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك لمعالجة الصعوبات أمام مربي النحل ولمسنا استجابة مقبولة، لكن المشكلة الأساسية تبقى بالتسويق وقلة استهلاك العسل في سورية على الرغم من انخفاض سعره مقارنة بباقي السلع.
وتحفظ كشتو على مصطلح رخيص وغالٍ وقال كيلو العسل بسعر 10 آلاف ليرة على المربي قليل جداً ولا يغطي تكاليف إنتاجه ولو أن سعر الكيلو نفسه للمستهلك فهو أمام ضعف القدرة الشرائية فالناس تراه غالياً.
من الغريب جداً أن تكون جميع الجهود الحكومية منصبة باتجاه الإنتاج وزيادته وعندما نصل إلى هذا الكم من الإنتاج نقف عاجزين أمام تصريفه، وهذا الأمر يتكرر في الكثير من المواد الزراعية ذات الإنتاج المحلي، فهل نحن حقاً لا حول ولا قوة لنا ولا يوجد لدينا أفكار للتسويق، أم إن هذا الإنتاج الكبير آخر هم الجهات المسؤولة.