من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟! … صناعي: بسبب الطاقة وأجور الشحن.. أكاديمي: بسبب وزارة التموين … مدير الأسعار بالتموين: السبب ارتفاع التكاليف محلياً وعالمياً
| هناء غانم
من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟ سؤال يثير الجدل يومياً في الشارع السوري والأسعار لا تزال تأخذ منحنى تصاعدياً من دون حسيب أو رقيب، ويبقى المواطن هو الحلقة الأضعف بانتظار إيجاد السبيل لحل معضلة فوضى الأسعار وتحديد ونسب الأرباح!!
أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها محمد أكرم الحلاق بيّن أن المشكلة الأساسية التي نعاني منها جميعاً كمواطنين وصناعيين وتجار هي ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات والكهرباء التي تعتبر الأساس في ارتفاع الأسعار، وأضاف: الكهرباء مثلاً ارتفعت 10 أضعاف والمازوت 3 أضعاف كل هذا انعكس على تكاليف الإنتاج وبالنتيجة الصناعي يدرس موضوع تكاليف الإنتاج بشكل دقيق جداً لتوفير عناصر التكلفة وتخفيض أسعار البيع لأن الفصل والحكم هو للقدرة الشرائية للمستهلك.
وقال: الصناعي يهمه أن تكون عجلة الإنتاج مستمرة حتى يتمكن من تصريف وتسويق منتجاته لأنه لا يستطيع الاستمرار بتـأمين رواتب العمال إذا لم تستمر عجلة الإنتاج ولو بحدودها الدنيا، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار اليوم ليس بهدف الربح للصناعي إنما بسبب ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، إضافة لارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور الشجن داخلياً وخارجياً، وأضاف: الصناعي يضحي اليوم بنسبة ربحه كي يحافظ على التنافسية بالأسواق،
وأشار الحلاق إلى أن أسعار الطاقة لاعب رئيسي بأسعار التكلفة في معظم الصناعات فمصانع البلاستيك بدأت بتخفيض إنتاجها حتى تقارن مدى انعكاس فاتورة الكهرباء على منتجاتها لأن الكهرباء عنصر أساسي بصناعة البلاستيك بنسبة 100 بالمئة ولا يمكن أن يتوقف، وهدفه في النهاية الحفاظ على التواجد بالأسواق رغم ارتفاع أسعار المواد عالمياً أضعافاً مضاعفة مثل القهوة، الزيوت، الورق…إلخ، وقال: نحن بين مطرقة ارتفاع تكاليف الإنتاج وسندان القدرة الشرائية للمستهلك رغم استقرار سعر الصرف مؤخراً، كما أننا فاقدون للسيطرة على أجور الشحن للحاويات.
بدوره الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة دمشق شفيق عربش أرجع هذه الفوضى في ارتفاع الأسعار إلى القرارات والإجراءات الحكومية، معتبراً أن العجز هو «عجز حكومي»، وأن ارتفاع الأسعار الذي يأتي نتيجة مباشرة وغير مباشرة لها.
وأوضح أن رفع أسعار الكهرباء بنسب تصل تقريباً إلى نحو 700 بالمئة بالنسبة للصناعيين والتجار ذلك بالتأكيد سوف يكون له انعكاس على رفع الأسعار على المواطن والأهم ارتفاع أجور النقل فالحمضيات السورية غير قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع أجور النقل، كما أن أجور الشحن الداخلية تؤثر على ارتفاع الأسعار أكثر من العوامل الخارجية لأن معظم المنتجات المتاحة للمواطن صاحب الدخل المحدود هي منتجات محلية.
وحول ارتفاع الأسعار الخاص بالمواد المستوردة ذكر عربش أنه لاشك أن هناك عوامل خارجية تؤكد أن هناك ارتفاعاً بالأسعار عالمياً وارتفاعاً بتكاليف النقل والمشكلة الأهم بالتوريدات، موضحاً أن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير عالمياً على الأسعار لكن غير المبرر هو ارتفاع أسعار المنتجات المحلية.. علماً أن نقص الإنتاج الذي حصل في سورية خلال الحرب أثر على العرض، ورأى أن الحكومة تغالط نفسها وتعتقد أن الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي «ما زال على ما هو عليه. مبيناً أن أهم أسباب نقص الإنتاج هو شبه الانعدام لوسائل الطاقة من مازوت وغيره للفلاح والصناعي.. إلخ.
عربش أشار إلى أن فلتان الأسواق تتحمل مسؤوليته بشكل أساسي وزارة التجارة الداخلية والفساد الذي ينخر في هذه الوزارة بقسم كبير من مراقبي التموين ما يشرعن للتجار رفع الأسعار بشكل دائم، معتبراً أن المشكلة لا تحل إلا بانطلاق العملية الإنتاجية بتأمين مستلزماتها وحوامل الطاقة اللازمة لها، علماً أن هناك عجزاً شديداً بها، وقال: أعتقد حسب المؤشرات أن الأزمة إلى تفاقم.
ولفت إلى أن البضائع والمنتجات بالأسواق تفقد كثيراً من جودتها رغم أن أسعارها مرتفعة، مؤكداً ضرورة زيادة الرواتب والأجور، وأضاف: لكن هذه الزيادة من دون إجراءات اقتصادية لن تكون مجدية لأنها سوف تتسبب في تآكل القدرة الشرائية.
بدوره مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد إبراهيم أكد لـ«الوطن» أن الوزارة ومديرياتها مستمرة بمتابعة موضوع لوائح الأسعار من قبل دوريات حماية المستهلك، مشيراً إلى أنه يتم تنظيم ضبوط بحق المخالفين وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021.
وقال: إن بعض الأصناف شهدت بالفعل ارتفاعاً ملحوظاً مثل البطاطا بسب عدم توفر إنتاج ولكن مع بداية جني محصول العروة حالياً بدأت الأسعار بالانخفاض التدريجي والتفاح أيضاً هناك انخفاض ملحوظ على أسعاره.. أما الخضار والفواكه فهي تخضع للعرض والطلب حيث شهد بعض أصناف الخضار والفواكه انخفاضاً ملحوظاً مثل البندورة والحمضيات والباذنجان والبصل والثوم والليمون إضافة إلى غيرها من المواد.
أما بالنسبة للمواد المستوردة فأوضح إبراهيم أن سبب ارتفاع أسعارها يعود إلى ارتفاع أسعارها عالمياً وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين الخارجي.
وعن آلية التسعير التي تعتمدها الوزارة قال إنها تتم بناء على التكاليف المقدمة من المستوردين والمنتجين والمؤيدة بالوثائق، ويتم بعدها إضافة هوامش أرباح لكل حلقات الوساطة التجارية، وقال: نحن في الوزارة نعمل بشكل دقيق ومتابعة يومية مع الأطراف المعنية لإزالة أي سبب يؤدي إلى ارتفاع أسعار التكلفة.
وعن ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية قال: هناك ارتفاع بتكاليف التربية الأمر الذي أدى إلى خروج عدد كبير من المربين عن الإنتاج مما انعكس على الكميات المعروضة ولكن الوزارة تسعى بشكل مباشر مع الجهات المعنية لتسهيل الحصول على مستلزمات التربية بالأسعار الرسمية وحسب حاجة كل منشأة وحسب سلم الأولويات.