ثقافة وفن

إطلاق العرض الخاص الأول لفيلم «الإفطار الأخير» .. العثور على حكاية «الحب في الحرب» ضمن عوالم إنسانية عميقة

| وائل العدس - تصوير طارق السعدوني

ضمن احتفالية يوم الثقافة السورية، أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الخاص الأول من فيلم «الإفطار الأخير» من تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد وبطولة عبد المنعم عمايري وكندا حنا إلى جانب ممثلين عدة، علماً أن هذا الفيلم حصل مؤخراً على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته السابعة والثلاثين.

وعادةً ما تحظى أفلام عبد الحميد بإقبال الجمهور وبجوائز المهرجانات ليكون الفنان الشامل صاحب التجربة الفريدة في عالم الإخراج السينمائي لما اتسمت به أعماله من بساطة وعفوية ومقاربة حكايات الناس البسطاء بتفاصيلها المغرقة، إضافة إلى تميزه بقدرته على الدمج بين الكوميديا والتراجيديا في آن معاً، وقد كان أحد المكرمين الستة في أيام الثقافة السورية.

بين الواقع والخيال

يبدأ الفيلم بحالة رومانسية لأسرة تعيش حياة مهددة، صوت الانفجارات هو الأعلى، يبث الفزع والخوف في قلب الزوجة العاشقة التي تشعر بقرب رحيلها فتدعو زوجها لإفطار أعدته وتخشى أن يكون الإفطار الأخير، وتسأله ماذا سيفعل لو ماتت اليوم؟ أيتزوج غيرها؟ وتوصيه لو حدث أن يتزوج «جومانة»!

كل هذا والزوج لا يأخذ كلامها على محمل الجد ويضيق صدره بما تقول، حتى تحدث الفاجعة ويعود إلى بيته بعد يوم عمل مرهق فيجدها قد ماتت إثر انفجار، تنقلب حياته رأساً على عقب، وتطارده روح زوجته في كل مكان حتى يقترب من الجنون، ويقرر لينهى تلك الحالة أن ينفذ وصيتها ويتزوج «جومانة»، ليبدأ حياة جديدة مع أنثى تحبه، ليصالح الحياة من جديد، لكن أعداء الحياة يفجرون سيارته لتحترق ويلحق بزوجته الحبيبة.

يترنح الفيلم بين الواقع والخيال بإيقاع رتيب لم يفلت منه كل عناصر الفيلم إلا أداء الممثلين ويعود بنا لأجواء الخمسينيات، بمؤثرات بصرية كلاسيكية وتكنيك قديم لتصوير السيارات والشوارع.

عوالم عميقة

«الحرب سهل أن تبدأها، صعب أن تنهيها، ومستحيل أن تنساها»، تحت وطأة هذه الفكرة الملتهبة، قدّم القائمون على الفيلم عملهم.

وقدّم الفيلم عوالم إنسانية عميقة حول فقدان الأشخاص والأماكن بسبب الحرب لتلعب الذاكرة لعبتها في استحضار من غاب وتعيده إلى الحياة بطريقة لا تخلو من أجواء سحرية.

ويدخل هذا الشريط في نسيج علاقة اجتماعية قوامها ثلاثة شخوص، رجل وامرأتان، ليكونوا محور الأحداث في سلسلة من المواقف المتخيلة والحقيقية على خلفية ظرف الحرب الذي يحيط بكل الشخوص وفي تفاصيل حياتهم اليومية.

في هذا الفيلم نعثر مرة أخرى على حكاية الحب في الحرب، وربما الجملة التالية تعطينا مفتاح الانتباه إلى قصته «أسوأ أنواع الرحيل من رحل عنك ولم يرحل منك»، فالذين نفقدهم في الواقع نحييهم في الذاكرة، كأنما يصرون بظهورهم المتكرر في حياتنا على الإبداع في حياة افتراضية ونحن من مقاعد المتفرجين الهادئة المريحة، نتفرج على السيرورة المضطربة للبشر في محنة الحرب».

ثنائيات فنية

تشبه علاقتا الحب التي عاشها بطل الفيلم عبد المنعم عمايري مع زوجتيه كندا حنا وراما عيسى ثنائيات فنية حققت نجاحاً كبيراً في السينما العربية وتركت بصمة خالدة في قلوب المشاهدين، كالتي كانت فترة السبعينيات والثمانينيات.

كلاسيكية الحب في «الإفطار الأخير» ذكرنا بثنائيات الزمن الجميل، كالتي بين فاتن حمامة وعماد حمدي في فيلم «الخيط الرفيع»، أو تلك التي جمعت فريد الأطرش مع سامية جمال في فيلم «حبيب العمر»، أو الأفلام الكثيرة التي جمعت شويكار مع فؤاد المهندس منها فيلم «مطاردة غرامية»، إضافة إلى يسرا وعادل إمام اللذين اجتمعا في أفلام عدة، وأيضاً سعاد حسني مع حسن يوسف في فيلم «نار الحب».

سحر خالد

في هذا الفيلم، كسبت السينما السورية نجماً سحر المشاهدين بأدائه المقنع، نراه إنساناً نبيلاً ويائساً فترق قلوبنا تعاطفاً وانحيازاً، نحمل أمانيه، ونردد آماله لنفرح لفرحه، ونصدّقه كشخص يجاورنا ويعايشنا ويسكن بيننا.

يملك القدرة على أن يضحكنا ويبكينا، ليبقى في أذهاننا سحراً خالداً، ومثله قليلون، يعيشون في نفوسنا مبهجين وممتعين بجمال مواهبهم، فلا يمحوهم الزمن، ولا ينساهم الوجدان.

لذلك لم يكن غريباً أن يمثل حالة نموذجية لفنان قادر على التنقل بسرعة وخفة وإقناع كمن يبدل ملابسه من دون أن ينتقص من أدائه أي شيء.

إبداع وإقناع

أما كندا حنا التي اعتادت الجماهير إطلالاتها السينمائية وارتبط اسمها بوافر من الأفلام السورية الناجحة، فأغنت دورها وقدّمته بسلاسة وبساطة ويسر من دون تكلف، فأبدعت وأقنعت.

قالوا عن الفيلم

مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين قال لـ«الوطن» إن الفيلم لوحة إبداعية جديدة من لوحات عبد اللطيف عبد اللطيف عبد الحميد، فيلم لطيف ذو بعد إنساني عميق، شكّل بداية انعطاف المؤسسة بالابتعاد عن المباشرة في طرح الحرب على سورية.

وأضاف: يتمتع عبد اللطيف بمهارة مدهشة في التعبير عن أعقد الأفكار والمشاعر بأبسط الأساليب، وفي تجسيد أصعب الحالات الدرامية بأقل قدر من الأدوات والكلمات».

أما مخرج الفيلم فأكد أن «الإفطار الأخير» تميز بالمزج بين الواقع والخيال، مشيراً إلى أن الفيلم أنتج عام 2019 لكن تأخر عرضه بسبب تبعات وباء كورونا.

واستذكر زوجته الراحلة رايسا عبد الحميد التي كانت شريكة في صناعة الفيلم في اختصاص تصميم الأزياء.

بدورها قالت الفنانة القديرة نادين خوري إنني أشعر أني ضعيفة أمام عملقة عبد اللطيف عبد الحميد، هذا الأستاذ الكبير والمبدع في كل أعماله.

وأضافت: استمتعت بالفيلم، وفيه لمسة وبصمة جديدتان، الغريب هو طرح انعكاسات الحرب المؤلمة على النفس البشرية ممزوجة بالطرافة.

وأكد الفنان كرم الشعراني أن المشاركة مع الأستاذ عبد اللطيف عبد الحميد استثنائية وفخر كبير، لأنه فنان قدير وكبير في عالم السينما، وبيّن أن الشخصية جديدة ومختلفة عن كل الشخصيات التي قدمها سابقاً.

وأخيراً أوضح الفنان ماجد عيسى أن أي مشاركة مع الأستاذ عبد اللطيف عبد الحميد مميزة، مبيناً أن الشخصية جديدة عليه، وأن المشاركة أمام فنان كبير كعبد المنعم عمايري أضافت الكثير وتعلم منها كماً هائلاً من المعلومات والملاحظات بحب وعفوية.

أبطال الفيلم

عبد المنعم عمايري وكندا حنا إلى جانب كرم الشعراني وراما عيسى ويوسف المقبل وماجد عيسى وبيدروس برصوميان ومحمد خاوندي وعبد السلام غيبور، إضافة إلى ضيوف الشرف محسن غازي وناصر وردياني ومحمد شما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن