تذكرت أنني لم أكتب عن الحب والجمال منذ مدة طويلة، فقد انشغلت بمباهج الحياة في بلدي والتي لا تقاربها أي مباهج في أي مكان من هذا الكون الفسيح.
الكتابة عن الحب تتطلب شجاعة خاصة ذلك أن الحب يحتاج إلى مشاعر وأحاسيس جياشة صارت شبه نادرة هذه الأيام، ولا أدري ما إذا كانت هذه المشاعر والأحاسيس قد خضعت للبطاقة الإلكترونية (أي البطاقة الذكية)، فإذا كان الأمر كذلك فقل على الحب السلام.
المهم أننا بالحب، وبالحب وحده، نستطيع التغلب على المصاعب التي تعترضنا يومياً، فحرارة الحب تشعل في العاشقين ناراً لا تخمدها البحار والمحيطات، وهذه النار تغنينا عن المشتقات النفطية كالمازوت والغاز والحطب، وحتى الطاقة البديلة، أي الطاقة الشمسية التي صارت مكلفة للغاية وليس بمقدور العشاق الفقراء الاعتماد عليها، أو استخدامها.
والعشاق يوفرون كثيراً في طعامهم أولاً كي يحافظوا على رشاقتهم ليظلوا محبوبين من الطرف الآخر، وثانياً لأن العشق أصلاً ينسي العشاق الطعام والشراب والآيس كريم والمكسرات!.
ومن فوائد العشق والغرام والهيام أن العشاق ينسون بالمرة أي مشاعر محبطة كالبغضاء والكراهية والأحقاد والانتقاد، لذا يتوقفون فوراً عن انتقاد القرارات الحكومية التي كانوا سابقاً يرونها مجحفة بحق المواطنين، أما اليوم فهم يدافعون عن رفع الأسعار، وقلة الغذاء والدواء وقرب المنية والفناء، فالموت في سبيل المحبوب قمة السعادة، وطبعاً الحكومة تعتبر محبوباً للجماهير الكادحة فهي تكحل حياتها المالحة!
العشاق في الأرض يحملون رسالة الحب والتسامي عن الأمور الأرضية التي يسعى إليها الجشعون – والعياذ بالله- لذا فهم يترفعون عن هذه المباهج الأرضية مكتفين بروعة الحب والتغني بأشعار العشاق وقصص قيس وليلى وروميو وجولييت والعزف على الغيتار تحت شرفة المحبوبة في ليالي الشتاء الباردة، فحرارة الحب تقتل البرد، وهذا النوع من «الطاقة البديلة» مضمون النتائج ومجرب عملياً.
و.. الحب أعمق كثيراً من كل ما تقدم، وهو يقدم خدمات جليلة للحكومة ويسوقها على أساس أنها تعشق المواطنين وتبحث (بسراج وفتيلة) عن كل ما يسعدهم ويوفر عليهم الأموال والمصروفات والاستهلاك، وخاصة المواد التي تدخل تحت تصنيف الرفاهية كاللبن واللبنة والجبنة واللحمة والبطيخ والكرمنتينا والخيار وسواها، فهذه المواد وغيرها من المنتجات هي من حصة أثرياء البلد المشمولين بقرارات بيع المواد المختلفة «بسعر الكلفة»، والغريب أن سعر الكلفة يعني بالسعر السياحي المرتفع الثمن!
هذا عن الحب، فماذا عن السحر والجمال؟
طبيعي أننا عندما نرى الجمال نقف مبهورين والدهشة تعقد ألسنتنا، وهذا جل ما تطلبه الحكومة من مواطنيها الأعزاء، أن يصابوا بالذهول، وتعقد الدهشة ألسنتهم فيلوذوا بصمت القبور كي تواصل حكومتهم تحصيل الضرائب والرسوم لتوفير الرواتب والأجور وتحسين أوضاعهم المعيشية «مية بالمية»..
وهكذا نكون قد خضنا في الحب والجمال ولم يبق أمام الحكومة إلا توفير الظروف للحب واكتشاف الجمال في كل مجال، وأقترح إجراء مسابقات للجمال للنساء والرجال، وللإبل والجمال، وللقطط والكلاب، وللذئب والغزال، تدخل ريوعها إلى بيت المال وتوزع على (أولاد الحلال)!