دمشق تحتضن مؤتمر المدن الصناعية … وزير الصناعة: التكامل الصناعي بين الدول العربية ذات الطبيعة المتشابهة يحقق مردوداً إيجابياً .. وزير الصناعة العراقي لـ«الوطن»: سورية مفصل مهم من مفاصل الاقتصاد العربي
| هناء غانم - تصوير طارق السعدوني
احتضنت العاصمة دمشق أمس أعمال المؤتمر الرابع للاتحاد العربي للمدن والمناطق الصناعية بهدف عرض تجارب الاستثمار الناجحة وحوافزه في المدن والمناطق الصناعية العربية والتكامل الاقتصادي العربي في هذا المجال.
المؤتمر جمع مسؤولين ورجال أعمال ومستثمرين عرباً وسوريين جاؤوا إلى دمشق للاطلاع على التجربة السورية ودور المدن والمناطق الصناعية العربية في إحداث نقلة نوعية في إستراتيجية الصناعة العربية، ودور تكنولوجيا ونظم المعلومات والتقانة وصناعة البرمجيات وإدارة المعلومات في تطوير الأعمال لجذب الاستثمارات ودورها في سرعة وتحسين الأداء.
وزير الصناعة زياد صباغ أكد أنه على الرغم من الحرب الإرهابية التي استمرت لسنوات عديدة وأدت إلى تدمير البنى التحتية والكثير من المنشآت الصناعية، ورغم الحصار الاقتصادي الجائر، استطعنا بفضل الإرادة والتصميم الصمود لتحقيق النصر.
صباغ دعا إلى ضرورة العمل العربي المشترك على أساس المصلحة الاقتصادية وتعظيمها لكل الدول العربية الشقيقة لتحقيق النجاح في التوجهات المستقبلية على أساس تكامل الشركاء واستثمار جميع الجهود في العمل الاقتصادي العربي المشترك، ولذلك لابد أن تتوافق الإرادة السياسية مع متطلبات المصلحة الاقتصادية للشعوب العربية وتتنحى الخلافات السياسية لنجاح تعاون عربي اقتصادي صناعي لمصلحة الشعوب العربية.
وقال الوزير: إن التكامل الصناعي بين الدول العربية ذات الطبيعة المتشابهة، والأهداف المشتركة، يحقق مردوداً إيجابياً وجملة من الأهداف على صعيد القطاعين الخاص والعام، وعلى صعيد الإنسان والتنمية والسياسات التجارية والاقتصادية، وكذلك التشريعات والأنظمة والقوانين المتعلقة بتنظيم نشاط القطاع الصناعي. وأضاف: من النتائج الإيجابية التي يتيحها العمل الصناعي المشترك، تنويع القاعدة الإنتاجية، وتجنب الازدواجية في المشروعات المشتركة، كما يساعد العمل المشترك على تأمين قاعدة صناعية وزراعية، توفر احتياجات مجتمعاتنا ومتطلباتها من سلع استهلاكية وغذائية.
وعن مؤشرات المدن الصناعية في سورية بين صباغ أنه بلغ عدد المقاسم الصناعية والحرفية المخصصة /10769/ مقسماً، على حين بلغت مساحة المقاسم الصناعية والحرفية المخصصة /2812.69/ هكتاراً، وبلغ عدد المنشآت الصناعية والحرفية قيد البناء الفعلي والترميم /2964/ منشأة، فيما بلغ عدد المنشآت الصناعية والحرفية قيد الإنتاج الفعلي /2075/، وبلغ الإنفاق على البنية التحتية والاستملاك /79.39/ مليار ليرة، على حين بلغت الإيرادات الاستثمارية الصافية /113.644/ مليار ليرة، وأمنت /129264/ فرصة عمل، بينما بلغ حجم الاستثمارات /1226.81/ مليار ليرة سورية.
ولفت إلى أن المدن الصناعيّة تعتبر من أهم المشاريع الاقتصاديّة التي تنفّذها الدول لتطوير قطاعها الصناعي بشكلٍ خاصٍ، ومعالجة المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة فيها بشكلٍ عامٍ، وجذب المستثمرين المحليين والأجانب لكونها توفّر البنية التحتية الأساسية لأيّ استثمار كخدمات الطرق والكهرباء، والمياه، وتخفف من نسبة البطالة في المجتمع من خلال توفير فرص العمل، وتقلل من التلوث والضوضاء في المدن، وتسهّل من عملية تقديم الخدمات الصحية والتعليمية للعاملين فيها وتخفض من كلفة الاستثمار فيها من خلال التعاون بين المستثمرين لإقامة الخدمات اللازمة لاستثماراتهم.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد وزير الصناعة والمعادن العراقي منهل عزيز محمود عبد الرحمن الخباز أن سورية تعتبر مفصلاً مهماً من مفاصل الاقتصاد العربي لما لديها من إمكانيات كبيرة جداً وقدرات صناعية كبيرة.
وقال: لكن الوضع الحالي أدى إلى ضرر كبير وشلل ببعض المفاصل، معتبراً أن هذه المؤتمرات مهمة جداً للتواصل بين رجال الأعمال والصناعيين للتقارب الصناعي والتجاري وتبادل المعلومات وتنشيط لعملية الاستثمار، ومن المؤكد أن ذلك سوف يؤدي إلى تطور الحالة الاقتصادية والصناعية في سورية بشكل أفضل.
وأضاف: إن المدن الصناعة العراقية هو موضوع فتي لذلك نعمل على الاستفادة من التجارب الإقليمية كي لا نبدأ من الصفر وجئنا إلى سورية للاستفادة من الخبرات والتجارب الكبيرة في سورية والتي عمرها أكثر من عشر سنوات، كما أننا نبحث عن نوع من التكامل والاستثمار المشترك بين البلدين لتنشيط المدن الصناعية.
الوزير العراقي قال: نسعى إلى التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، واليوم نتحدث عن التكامل الصناعي والصناعة نتائجها اقتصادية وند التكامل الصناعي بطريقة أو بأخرى تلقائياً سوف يكون هناك تكامل اقتصادي، لافتاً إلى أن التكامل الصناعي أساساً يبدأ بتبادل الخبرات والاستثمار المشترك والتصنيع بشكل أو بآخر على مستوى رجال أعمال وصناعيين، وأضاف: كل هذه الأمور مكملة وبالتالي العائد لهذا الموضوع هو اقتصادي لكلا البلدين.
وأوضح أن الحكومة العراقية اليوم تبنت خطاب الالتزام بالمنطقة حيث يكون العراق متزناً وفاعلاً في المنطقة الإقليمية ويحاول أن يحرص على مصالح الجميع، مؤكداً أن سورية جزء مهم وقريبة إلى الشعب العراقي والصناعي السوري أيضاً لهم خبرة باحتياج السوق العراقي لذلك ما نأملة أن تكون هذه الزيارة مثمرة لما يخدم الصناعة السورية والعراقية.
وأشار الوزير إلى أن سورية لديها باع طويل في العديد من المجالات الصناعية ولاسيما الدواء الذي يعتبر غاية في الأهمية بين البلدان وكل الدول تسعى لأن تكون مكتفية دوائياً، وقال: العراق للأسف «متأخر في الصناعات الدوائية وإنتاج السوق العراقية من الدواء لا يغطي أكثر من 15 بالمئة من حاجة السوق والدواء السوري منتج جيد جداً وقبل الحرب كانت سورية تغطي نسبة كبيرة من حاجة السوق العراقية من الدواء، إلا أنه اليوم النسبة قليلة جداً، ونحن اليوم لم نعد نسعى لاستيراد الأدوية فقط بل نسعى لإقامة شراكة حقيقية في تصنيع الدواء مع سورية، موضحاً أنه قد يكون هناك تصنيع مشترك مع أكثر من دولة عربية لأن السوق العراقية واعدة جداً.
ولفت الوزير إلى أن المنتجات السورية من الأقمشة مرغوبة جداً في السوق العراقية، منوهاً بأن السوق العراقي كان مملوءاً بالبضائع السورية لكن اليوم أيضاً السوق تغير بسبب تنافس البضائع من دول الجوار لكن نأمل أن تبقى البضائع السورية الجيدة في السوق العراقية.
ولدى الاستفسار عن التبادل التجاري بين البلدين قال كنا نعاني مشاكل أمنية حول عبور الشاحنات والمنتجات على المعابر بين البلدين وما نأمله أن يكون هناك نوع من تسهيل التبادل التجاري لأننا بحاجة إلى المنتجات السورية وسورية كذلك بحاجة إلى منتجات من إيران.
وحول حركة المعابر قال هناك عمل وجهد كبير في هذا الموضوع على الصعيد الدبلوماسي وهناك نوع من التفاهم في مجال تسوية الأمور الخاصة بالمعابر والشاحنات وكل الأمور المتعلقة بالترانزيت سوف تكون محلولة قريباً جداً على المستوى الحكومي حيث يتم التوصل إلى اتفاق يرضي البلدين.
الوزير الضيف أشار إلى أن التبادل في مجال النفط والطاقة هو ملف شائك حالياً، وقال: لدينا الكثير من المشاكل بهذا الخصوص ويمكن أن نناقش هذا الموضوع على المدى المنظور مع الجهات ذات الاختصاص في وزارة النقل.
وحول إقامة سوق مشتركة بين سورية والعراق قال الوزير العراقي: إن هذا الموضوع يعتمد على الاستقرار ويحتاج إلى مناطق آمنة وبعيدة عن المشاكل لأن الصناعة والتجارة بحاجة إلى استقرار وهدوء والمناطق بين البلدين لا تزال غير آمنة، وأضاف: ونعول على ذلك أمنياً.
وخلص الوزير بالقول إن زيارتنا إلى سورية أثمرت باللقاء مع رجال أعمال وصناعيين من أصحاب الخبرات والمعنيين في الحكومة السورية. ولاسيما في موضوع المدن الصناعية ونحتاج إلى أن نعيد ثقة المواطن بالصناعة وهذا لن يتم إلا باستقطاب الخبرات وتبادل المعلومات والتجارة البينية بين الدول.
وأضاف: إن مستقبل المنطقة العربية لا يمكن أن يتم إلا بالتكامل الاقتصادي والجميع يفكر بالوحدة السياسية علماً أن الوحدة الاقتصادية هي من تقود العالم للوصول إلى بر الأمان.
وبين أن المدن الصناعية واعتماد الرقم والتكنولوجيا أمر مهم وضروري علماً أن التجربة العراقية بالمدن الصناعية حديثة إلا أننا نسعى للاستفادة من التجربة السورية لما فيها من خبرة ليكون العراق لاعباً أساسياً بالمنطقة ويحافظ على التوازن الاقتصادي وأكد أنه بالتعاون والتكاتف نستطيع الوصول إلى ما نسعى إليه مع الأشقاء في سورية.
القائم بأعمال السفارة العراقية بدمشق ياسين شريف الحجيمي قال في تصريح خاص لـ«الوطن» إن افتتاح وإشهار المؤتمر الرابع لاتحاد المدن الصناعية العربية في دمشق هو خطوة مهمة للقاء الوفد العراقي مع نظائره من الصناعيين السوريين بغرض بدء التعاون والاستثمار في العراق.
مؤكداً أن هذا المؤتمر الذي أقيم على أرض الياسمين سورية وبمشاركة العراق بوفد عالي المستوى يؤكد أن سورية سوف تعود أقوى مما كانت عليه سابقاً وأن ما مر على بلدينا سورية والعراق من ظروف الحرب مع الإرهابيين ومع داعش، قد أنتج بلدين قويين وأنتج حكومات تسعى بكل جد لغرض أن تطور الوضع الاقتصادي والصناعي لأجل حصول التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.
وأضاف: إن وجودنا كوفد عراقي في سورية للاستفادة من تجربة المناطق والمدن الصناعية التي سبقتنا إليها سورية كما أن إقامة هذا المؤتمر في هذه الظروف التي مرت فيها سورية يشكل نجاحاً للجهود السورية بقيادة رئيسها. الذي حرص على أن تعود سورية أقوى مما كانت عليه سابقاً.
وأكد أن التعاون الاقتصادي سيتم بأوسع الأبواب مع الأشقاء العرب. وهناك اتفاقات حصلت من أجل فتح المعابر أكثر والتعاون في مجال الاستيراد والتصدير بين البلدين.
بدوره تحدث رئيس اتحاد الصناعات العراقي عادل عكاب حسين عن أهمية الاستثمار بالمدن الصناعية باعتبارها تستقطب العديد من الاستثمارات وتنطلق المشاريع لتطوير الخدمات الأساسية التي تسهم بتحسين مستويات المعيشة وتعيد تخطيط المدن والتوسع الحضاري والتطوير العمراني لافتاً إلى أن بلادنا بحاجة ماسة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وقال: لذلك نحن نحتاج إلى التعاون المشترك لتبادل المواد الأولية ونصف المصنعة وغيرها ضمن سلسلة التطوير لما فيه مصلحة البلدين.
وأشار إلى أهمية العمل على جودة المنتج وربط مخرجات الإنتاج مع بعضها لكسب الأسواق العربية مشيراً إلى أن الرافعة لأي اقتصاد بالعالم هي الصناعة.
رئيس الائتلاف الدولي للمدن الذكية الدكتور طلال أبو غزالة ذكر بدوره أن تحول المدن والمناطق الصناعية إلى مدن ذكية بات ضرورة في ظل التطور التكنولوجي والتحول إلى الإنتاج الصناعي المعرفي الذكي والاقتصاد والحكومة الذكية منوهاً بأهمية انعقاد المؤتمر في دمشق. مطالباً بإحداث هيئة مختصة تعنى بالتحول الرقمي لأن المستقبل للحكومة الذكية وهذا لن يتم إلا بالتنسيق مع جميع الجهات لأن هناك تغيراً جذرياً قادماً.
رئيس المكتب الإقليمي للصناعات الجلدية في الأردن نصر أحمد الذيابات قال لـ«الوطن»: جئنا إلى سورية للمشاركة مع الاتحاد العربي للمدن الصناعية الموجودة بمجلس الوحدة الاقتصادية. لنلبي دعوة أشقائنا في وطننا الثاني سورية ولاسيما بعد الحرب الإرهابية على سورية.
وأشار إلى أن سورية ستعود أقوى وهذا المؤتمر هو بداية انطلاقة جديدة للتعاون العربي المشترك. ولإقامة صناعات عربية مشتركة.
مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين دياب أكد لـ«الوطن» أن انعقاد هذا المؤتمر في سورية مهد الحضارات يعتبر أمراً مهماً لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب لتطويرها وخاصة أن هذا جاء بالتوازي مع صدور قانون الاستثمار 18 الذي أعطى حوافز خاصة للقطاع الصناعي.
ونوه بالتسهيلات المقدمة من خلال إصدار إجازة الاستثمار متضمنة كل الرخص والموافقات وذلك خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهر مبيناً أن التوجه الحكومي اليوم هو لدعم القطاع الصناعي والمدن الصناعية والمناطق الصناعية الموجودة في سورية.
وتقديم تسهيلات عبر برامج حكومية مختلفة، بالإضافة إلى المزايا الخاصة التي تمنحها المدن الصناعية، والتسهيلات، بالنسبة للمستثمرين. والتي جاءت ضمن قانون الاستثمار. وقال: نسعى اليوم إلى الإسراع وجذب مشاريع نوعية للاستفادة من الاستثمارات حتى نستطيع التوصل إلى الأهداف الأساسية لقانون الاستثمار.