تهرول واشنطن لإقحام أوكرانيا في حرب مباشرة مع روسيا.. لعلها تكون كبش فداء ملائم لافتعال أزمة مع الأخيرة ما يعطي فرصة لأميركا بالتسلق نحو قمة صراع القوى في محاولة لاستعادة أمجاد لطالما حققتها بالحروب المباشرة أو بما يعرف بالحروب بالوكالة.
الهدف الجلي من التجييش والضخ الإعلامي الأميركي والغربي الكبير حول هجوم روسي وشيك على أوكرانيا هو اتخاذ الأراضي الأوكرانية ساحة للحرب التي ستنجر إليها أوروبا ما يؤدي كما يأمل بايدن لزعزعة استقرار الأمن الإقليمي لموسكو وإزاحتها ولو مؤقتاً من الصراع الأميركي الصيني وخاصة أن الدوريات الروسية الصينية قد بدأت في المحيط الهادي.
التاريخ الأميركي البعيد والقريب حافل بالتخلي عمن تدعي حمايتهم أو دعمهم، الأمر الذي أيقظ الحكمة في أدمغة أصحاب القرار في كييف فأدركوا أن واشنطن لا تريد صراعاً محدوداً بل تريدها حرباً شاملة فوق أراضيها الواقفة أصلاً على شفا حفرة انقلاب ضد الرئيس فلاديمير زيلينسكي كنتيجة لتردي الأوضاع المعيشية داخل البلاد، فما كان من مجلس الأمن القومي الأوكراني إلا أن أعلن وبشكل مفاجئ في السادس والعشرين من الشهر الجاري أنه لا يرى أي تهديد روسي على حدود أوكرانيا، ناهيك عن أن موسكو أعطت إشارات واضحة بأن أي هجوم على الدونباس سيعني بالتأكيد القضاء على أوكرانيا كدولة.
وعلى الرغم من تذبذب الموقف الأوكراني ومحاولة بث أجواء من التهدئة مع روسيا لم تتوقف أميركا عن اختبار صبر روسيا وجاهزية أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الروسية حيث قدم وزير الدفاع الروسي «سيرغي شويغو» في الثالث والعشرين من تشرين الثاني الجاري خلال مباحثاته مع نظيره الصيني «وي فنغ» بيانات جديدة عن طلعات الطيران الإستراتيجي الأميركي بالقرب من حدود بلاده التي ازدادت مرتين ونصف مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
ولكن بحسب آراء الخبراء العسكريين فإن الطلعات بعيدة كل البعد عن التدريبات الروتينية وأبرز هذه الآراء هو رأي الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات التابع للكيان الإسرائيلي ياكوف كيدمي الذي قال على هواء قناة «سولوفييف لايف يوتيوب» إن لهذه المناورات كلها هدفين رئيسيين، من وجهة نظر عسكرية بحتة. الأول: تطوير عمليات قواتهم، من الاستطلاع بالأقمار الصناعية إلى أنظمة الاتصالات والمراقبة الأرضية؛ والثاني هو فحص وحساب وفهم كيفية عمل منظوماتنا المضادة، وكيف يستجيب العدو لذلك، وهو يقصد بالعدو هنا روسيا في هذه الحالة.
وهذا الكلام فيه الكثير من الدقة من الناحية العسكرية لذلك أسرعت موسكو بالإعلان عن منظومة الدفاع الجوي المتطورة «إس 550» والتي أكد مصدر عسكري روسي أن هذه المنظومة قادرة على إسقاط مركبة الفضاء الأميركية «إكس-37» وتدمير الرؤوس الحربية النووية للصواريخ العابرة للقارات.
روسيا دائماً تسبق المخططات الأميركية المعادية لها بخطوة وهو فرق واضح إلى حد كبير خاصة في القدرات العسكرية الروسية وعلى هذا الأساس تقوم واشنطن بتطوير قدراتها لتجاري بها التطورات العسكرية الروسية فهل ستلحق بها أم إن هناك أشواطاً قد قطعت والمسافة باتت طويلة..؟