سورية

طالبت بوقف هذا الانحدار المستمر في مسار عمل المنظمة والشروع بشكل جاد وعاجل في تصحيحه … سورية: أميركا وحلفاؤها حولوا «حظر الكيميائي» إلى أداة للتلاعب السياسي

| وكالات

أكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير ميلاد عطية، أن أميركا وحلفاؤها حولوا المنظمة إلى أداة للتلاعب السياسي أبعدتها عن مهنيتها وبالتالي مصداقيتها، مطالباً بوقف هذا الانحدار المستمر في مسار عمل المنظمة والشروع بشكل جاد وعاجل في تصحيحه للعودة بها إلى تنفيذ ولايتها المناطة بها باعتبارها الركيزة الأساسية والمحايدة لنظام عدم انتشار الأسلحة الكيميائية.
وقال عطية في بيان سورية خلال جلسة افتتاح الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في فيينا أمس، حسب وكالة «سانا»: «إن تحقيق عالمية اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية يمثل خطوة مهمة جداً في ضمان إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة الكيميائية، إلا أن هذا الأمر لن يتحقق من دون إلزام إسرائيل بالانضمام إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبقية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل».
وأعرب عطية عن أسف سورية لأن دولاً راعية لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تعوق أي مسعى لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وذلك من أجل حماية «إسرائيل» وإبقائها خارج أي رقابة دولية على منشآتها النووية والكيميائية والبيولوجية.
وحذر من اتساع رقعة التهديدات الإرهابية الكيميائية وطالب جميع الدول الأعضاء في المنظمة بتعزيز الجهود الدولية لمواجهة هذا التهديد الحقيقي على أمن واستقرار الدول الأطراف.
وأكد عطية، أن سلوك بعض الدول الأطراف في التغطية على جرائم وممارسات المجموعات الإرهابية في سورية قد شجع أولئك الإرهابيين على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين والتحضير لارتكاب جرائم جديدة تستخدم فيها مواد سامة لاتهام الحكومة السورية بها، حيث دأبت سورية في إطلاعكم على استمرار التنظيمات الإرهابية وجماعة «الخوذ البيضاء» الإرهابية بالتحضير لمسرحيات استخدام الأسلحة الكيميائية وخاصة في أرياف محافظات إدلب وحلب وحماة واللاذقية.
وأشار إلى أن سورية انضمت إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في عام 2013 طواعية وبحسن نية إيماناً منها برفض استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظرف، ونفذت بأمانة ومصداقية قرارها السيادي بالانتهاء من الملف الكيميائي السوري وتم ذلك بالفعل خلال وقت قياسي وأنجزت ما لم تنجزه بعض الدول المنضمة قبلها إلى الاتفاقية بسنوات عديدة رغم الظروف الصعبة والمعقدة جداً التي مرت وتمر بها سورية.
وقال: إن ما تعرضت له سورية خلال السنوات الماضية داخل المنظمة أثار تساؤلاً جدياً لدينا حول قدرة المنظمة على الاضطلاع بولايتها بموجب الاتفاقية ومدى قدرتها على الصمود أمام الضغوط التي تتعرض لها من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين.
وأوضح عطية، أن هذا التحدي الجدي لا يخص سورية فحسب بل هو مشكلة عالمية أوسع نطاقاً وذات طابع منهجي لأن المنظمة قد تحولت إلى أداة للتلاعب السياسي أبعدتها عن مهنيتها وبالتالي مصداقيتها، وقال: في ضوء ذلك فإننا نشعر بالقلق البالغ إزاء الحالة التي وصلت إليها الأمور، حيث أصبح مطلوباً وقف هذا الانحدار المستمر في مسار عمل المنظمة والشروع بشكل جاد وعاجل في تصحيحه للعودة بها إلى تنفيذ ولايتها المناطة بها باعتبارها الركيزة الأساسية والمحايدة لنظام عدم انتشار الأسلحة الكيميائية.
وأضاف: مع كل ذلك تجدد سورية حرصها الشديد على متابعة التعاون الإيجابي والبناء مع الأمانة الفنية وكدليل على جديتها هذه رحبت بعقد اجتماع بين الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين مع مدير عام المنظمة بأسرع وقت ممكن لبحث آخر المستجدات المتعلقة بالملف الكيميائي السوري وتجري الآن التحضيرات لعقد هذا الاجتماع.
وتابع: رغم الظروف الصعبة التي تمر بها سورية نتيجة الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية متمثلة بالإجراءات القسرية الأحادية الجانب غير الشرعية المفروضة عليها والتي انعكست بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين السوريين، إضافة إلى تفشي وباء «كوفيد 19» لم تتوقف سورية عن التعاون التام مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأمانتها الفنية وفرقها في إطار تنفيذ التزاماتها.
وأشار عطية إلى أن سورية واجهت حملة غير مسبوقة تاريخياً من التشكيك والاتهامات الباطلة بعدم التعاون مع المنظمة وأمانتها الفنية حيث استبقت بعض الدول نتائج المشاورات الفنية التي لا تزال جارية بين اللجنة الوطنية السورية وفريق تقييم الإعلان مستغلة ما جاء في بعض التقارير المتصلة بالإعلان السوري وتقارير أخرى صدرت عن المنظمة بهذا الشأن رغم تأكيد سورية على أن بعض المسائل الفنية التي تتم مناقشتها بين اللجنة الوطنية السورية وفريق تقييم الإعلان ترتبط بتفسيرات علمية مختلفة وبالتالي هي عملية لا يمكن حسمها بشكل مشوه وانتقائي وعليه لا يحق لأي كان القفز إلى الاتهامات مباشرة حول مسائل لا تزال تخضع للنقاش والبحث.
وأكد أن سلوك تلك الدول يتناقض بشكل صارخ مع نصوص الاتفاقية ومع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وما هو إلا محاولة لتوظيف المنظمة وما تبقى من الجوانب الفنية في الملف الكيميائي السوري لخدمة أغراضها السياسية المتمثلة بممارسة الضغوط على سورية.
وأضاف: لقد بنت بعض الدول الغربية مؤخراً مواقف وأطلقت اتهامات باطلة بناء على معلومات غير صحيحة وردت في بعض التقارير المفبركة أوحت بأن سورية لا تريد عقد جولة المشاورات رقم 25 بين خبراء اللجنة الوطنية وفريق تقييم الإعلان في حين الحقيقة هي أن سورية رحبت بعقد هذه الجولة وأبلغت الأمانة الفنية للمنظمة استعدادها لاستقبال فريق تقييم الإعلان.
وأكد عطية أن سورية عبرت عن استغرابها الشديد من استمرار بعض الدول بتوجيه الاتهامات الباطلة بحق سورية وتجاهل الاعتداء الذي قام به العدو الإسرائيلي على أحد المواقع السورية بتاريخ 8 حزيران 2021 وما نتج عنه من خسائر، كما عبر عن استغراب سورية لعدم إدانة المنظمة وبعض الدول لهذا العدوان أو حتى الإشارة لمن قام به من قريب ولا من بعيد.
وقال عطية: إن عدم ذكر الجهة المعتدية ما هو إلا محاولة مكشوفة للتغطية على الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بل إن هذا الصمت يعد رسالة تشجيعية لإسرائيل للاستمرار في عدوانها على سورية إضافة إلى دعمها اللامحدود للمجموعات الإرهابية التي استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري وارتكبت أبشع الجرائم بحق المدنيين السوريين الأبرياء.
وأكد عطية أن اختبار عمل بعثة تقصي الحقائق ومصداقيتها لا يأتي من خلال الخطابات وعبارات المديح لها بدوافع وخلفيات سياسية بل يجب أن يأتي من خلال التقارير التي أصدرتها أو التي ستصدرها البعثة بشأن العديد من الحوادث التي حققت أو تحقق فيها.
وقال: لقد فشلت هذه البعثة في أكثر من اختبار والأدلة على ذلك واضحة لجميع الدول الأطراف وقد ثبت انحيازها وعدم مهنيتها في أكثر من تقرير أصدرته.
وأوضح عطية أن مثل هذا النهج لن يفضي إلى نتائج واستنتاجات نزيهة وموضوعية ونؤكد في هذا الإطار ضرورة تجاوز البعثة للعيوب المرتبطة بنهج وطرائق عملها واحترامها لأحكام الاتفاقية والالتزام بمعاييرها المهنية ووثيقة الشروط المرجعية التي جرى الاتفاق عليها مع سورية.
وشدد على أن سورية ترى بأنه وبعد كل هذه الفضائح المهنية بات من غير المقبول السكوت على استمرار بعثة تقصي الحقائق بالعمل وفقاً لتلك الطرائق الخاطئة وتؤكد أن من يقف في وجه تصحيحها هي الضغوط الأميركية الغربية وذلك بهدف استخدام التقارير غير الموضوعية لهذه البعثة لاتهام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية والتغطية على جرائم الإرهابيين.
وقال عطية: لا تزال سورية تعتبر قرار إنشاء «فريق التحقيق وتحديد الهوية» منقوص الشرعية لكونه لم يحظَ بالتوافق وإنما بدعم أقل من نصف الدول الأطراف في الاتفاقية ولم يستند إلى أحكام الاتفاقية وشكل سابقة خطيرة عبر تفويض منظمة فنية بمسائل تدخل في صلاحيات واختصاص مجلس الأمن، لهذا فإن سورية إلى جانب دول أخرى لا تعترف بشرعية هذا الفريق وعمله وترفض تمويله ووصوله للمعلومات السرية التي قدمتها السلطات السورية للمنظمة وإلى مجلس الأمن وبالتالي ترفض أي مخرجات صدرت وتلك التي ستصدر عنه مستقبلاً وإنه لمن المضحك حقاً أن تصدر عقوبات بحق دولة طرف تتعاون مع الأمانة الفنية وتنفذ أحكام الاتفاقية.
وأشار عطية إلى سعي الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية مجدداً إلى تسييس عمل المنظمة وزيادة حدة الانقسام فيها من خلال محاولات تمرير مشروع القرار المعنون بـ«تفاهم بشأن استخدام المواد الكيميائية المؤثرة في الجهاز العصبي المركزي في شكل رذاذ لأغراض إنفاذ القانون».
وأضاف: إن مشروع القرار هذا يخالف نصوص اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبهذا الصدد تجدد سورية موقفها الذي أعربت عنه إلى جانب كل من جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الإسلامية الإيرانية في وثيقة العمل التي تضمنت موقفاً واضحاً وصريحاً برفض مشروع القرار المذكور وبالوقت ذاته تدعو سورية جميع الدول الأطراف إلى رفضه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن