كان النحت عنده أشبه بموهبة وهواية تكونت بالفطرة عند رجل لين القلب ينحدر من بيئة مليئة بالتشكيل والفن هي على اصطفافتها تكون هكذا لوحة فنية متربعة على كتف الجبل وتدعى مزرعة «الدريكية» في ريف «بانياس»، من مواليد عام 1962، وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، وقد تفرغ كلياً للنحت منذ العام 1987.
ليغادرنا بعد تعرضه لخثرة في الرئة قبل أن ينجز باقي منحوتاته، عن عمر 59 عاماً، ودّع ازميله ومضى مسرعاً تجاه حياة أخرى تنتظره، كان يعمل دائما على تخليد ذكراه في صخور قد تستطق يوماً عشقه للفن وتروي حكايته ورحلته..
موهبة بالفطرة
هو لم يتلق أي تعليم أكاديمي عندما بدأ النحت، إنما استنبط موهبته بالفطرة اكتشفها مبكراً، وطورها بالجد والممارسة والتفرغ التام، حتى أصبح واحداً من أهم النحاتين على الساحة الفنية والثقافية السورية والعربية.
كما شارك في الكثير من الملتقيات النحتية المحلية والخارجية وحاز عدداً من الجوائز في عدة مسابقات، يفضل خامة الحجر على بقية الخامات ويوضح أن انتماءه لبيئة جبلية تمتاز بصخورها الضخمة والقاسية أثر في توجهه الفني نحو خامة الحجر منذ بداياته وحتى اليوم، مبيناً أن تجربته الطويلة مع الخامة الحجرية أكسبته خبرة وحصيلة مهمة من التقنيات الفنية وساعدته على إنجاز أعمال ضخمة وصعبة خلال الملتقيات النحتية التي غالباً ما تكون مدتها قصيرة نسبياً لا تتجاوز الأسبوع أو العشرة أيام.
جوائز وتكريمات
لم يتأثر بأحد باستثناء النحاتين التدمريين، لكنه كان معجباً بالنحاتين «رودان»، و«مايكل أنجلو»، و«هنري مور»، والفنان «كاندنسكي»، ومع تطور تجربته النحتية وازدياد خبراته، أصبح بفنه يفرض حضوره على الساحة أينما حل، وأصبحت أعماله حاضرةً بقوة في ملتقيات النحت والمسابقات المتنوعة والكتب الضخمة، وأخذ يتلقى الدعوات ويحصد التكريمات والجوائز والدروع والميداليات في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والمناسبات على امتداد الأرض السورية وخارجها، منها ملتقى معرض «دمشق» الدولي في العامين 2002 – 2003، ومهرجان «طرطوس» السياحي الثاني، ومهرجان «المحبة» عام 2004.
علامة فارقة
الكتل النحتية الضخمة من الصخور وجذوع الأشجار علامة فارقة تميز منحوتات الفنان عيسى سلامة فتغريه ليشتغل على مواضيع تناسبها كالنصب التذكارية للشهداء والشخصيات العظيمة في الساحات ما يجعل فنه مرئيا أمام الناس.
النحات سلامة يعشق النحت منذ الصغر ومارس هوايته بأدوات بسيطة وبشكل فطري من دون معلم، مستلهماً من الطبيعة موضوعاته، لافتاً إلى أن أجدادنا السوريين القدماء نحتوا التماثيل وأرّخوا لحياتهم بأعمالهم التي لا تزال باقية في المتاحف لتخبرنا عن حضارتهم العريقة.
لطالما كانت الأسطورة السورية هي هويته الفكرية والنحتية فمن بلادنا انطلقت الأبجدية منذ آلاف السنين وبنيت المعابد والقصور وصنعت السفن معتبراً أن فنوننا المعاصرة امتداد لتلك الحضارة ومن واجبنا أن نجسدها لتبقى رسالة إلى الأحفاد.
وأما عن مكانة المرأة في أعماله فكان النحات سلامة يسعى دائماً لأن يظهرها في أعماله كرمز للمحبة والخصوبة والعطاء لكونها عصب المجتمع والأم والأخت والزوجة والتركيز على جمالها كما فعل الأقدمون الذين جسدوها على شكل عشتار وفينوس وغيرهما.
ويبدو أن تعلقه بأسلوب النحت القديم جعله يظهر أشكال الحيوانات في أعماله وفق دلالات رمزية كالثور الذي يرمز إلى القوة والعطاء، معتبراً في الوقت نفسه أن وجود الكتل النحتية الضخمة في الساحات والحدائق يعطي قيمة جمالية للمكان ويظهر قوة النحات بصياغة سطوحها ليخلد وجود الشخصيات العظيمة في حياتنا اليومية ما جعل منحوتاته تنتشر في ساحات طرطوس وحمص وسواهما احتفاء برموز الوطن والشهادة.
واستخدم سلامة الآلة في قص الأعمال الضخمة ولكنه يعمل يدوياً وبحرفية وإبداع الفنان في التفاصيل الصغيرة، فالآلة تختصر الوقت ولكنها تحتاج ليد خبيرة تديرها وتستخدمها في الوقت والمكان المناسبين.
معارضه
أقام 13 معرضاً فردياً في النحت، شارك في 50 معرضاً جماعياً كما شارك في عشرة ملتقيات، وهو مشارك دائم في معارض وزارة الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين، شارك في ملتقى حوار بين دمشق 2010 وملتقى النحت في طرطوس، وكانت أعماله حاضرة في المؤسسات الحكومية والدوائر الرسمية وبلدان العالم.