انتهت مهلة زراعة الشوندر ولن يزرع سدس المخطط له … اقتراحات بمنح قروض نقدية للفلاحين بضمان المحصول لأن المزارع غير قادر على فلاحة أرضه
| طلال ماضي
انتهت المهلة المحددة لزراعة محصول الشوندر السكري للعروة الخريفية والمساحة المزروعة بلغت 762 هكتاراً من المساحة المحددة 4322 هكتاراً واللازمة من أجل تشغيل معمل شركة سكر تل سلحب من جديد، أي إن المساحة المزروعة أقل من سدس المخطط لها فما السبب؟
الخبير التنموي أكرم عفيف رفع في تصريحه لـ«الوطن» من لهجة التحذير واختصر الواقع بكلمتين «الزراعة تُحتضر» وقال: إن الأراضي الزراعية في سهل الغاب لم تعد صالحة للزراعة، والأعشاب المعمرة ظهرت في أكثر من نصف الأراضي بسبب عدم قيام الفلاحين بالفلاحات العميقة، لافتاً إلى أن الفلاح كان سابقاً يفلح الأرض أكثر من مرة في العام ويتقيد بالدورة الزراعية لكن مع ارتفاع التكاليف لم تعد لديه القدرة على الاستمرار بتخديم الأرض وخاصة أن تكاليف المعيشة أمامه كبيرة جداً، فهو اليوم مطالب بشراء تنكة الزيت بـ250 ألف ليرة، وطن الحطب للتدفئة 350 ألف ليرة، وإذا كان لديه 10 دونمات تكلفة الدونم الواحد 500 ألف ليرة، أي عليه أن يدفع خلال هذا الشهر 6 ملايين ليرة، وما زالت منتجاته لم يصرفها، فمن زرع الدخان حتى اليوم لم يبع موسمه، ولم تقم المؤسسة حتى اليوم بشراء المحصول من المزارعين، فكيف سيمول موسمه ويفلح أرضه؟ ونتيجة عدم توافر السيولة بقيت الأراضي من دون فلاحة.
ودعا عفيف إلى تقديم الحلول الإسعافية بمنح قروض نقدية للفلاحين بضمانة المحصول ولو كانت بفائدة 15 بالمئة بدلاً من 10 بالمئة، معتبراً أن هذا الحل أفضل من الاستدانة من التجار بفائدة كبيرة جداً تصل إلى 60 بالمئة.
وأشار عفيف إلى أن قطاع الثروة الحيوانية ليس بخير حيث تكلفة البقرة في اليوم 25 ألف ليرة بين أعلاف وتبن وأمراض، وسنوياً 9 ملايين، وهي ثمنها بين 3 إلى 4 ملايين ليرة، طبعاً كانت تباع بـ7 ملايين لكن مع كثرة معروض البيع تراجع سعرها، لافتاً إلى أن انخفاض الأسعار في العادة هو مؤشر إيجابي إلى أن الانخفاض ناتج عن الأزمة وليس عن الوفرة، وضعف القدرة الشرائية جعل الناس تحجم عن شراء الحليب ومنتجات الألبان.
مربي الأغنام تيسير عبد الله قال بعت القطيع و«الحمار» وبطلت المصلحة لافتاً إلى أن قطيعه نحو 400 غنمة كان بحاجة يومياً إلى مصروف بقيمة مليون ليرة، وهو غير قادر على الاستمرار بالتربية، بينما مربي الدواجن محسن نور الله اعتبر أن التربية فيها خسارة محققة وهو يعرف أنه يخسر لكنه يربي فقط من أجل استمرار العيش بالدين، والحصول في نهاية الفوج على مبلغ من المال يسد حاجة أولاده، وقال: صحيح أن هذا المبلغ يدور لدى التجار لكنه أفضل من مد اليد للغريب والجميع لا يملك سيولة.
الدكتور المهندس بسام السيد يرى أن تكلفة الزراعة لهذا الموسم كبيرة جداً، صحيح أن الجمعيات تمنح البذار بالدين، لكن مالك الجرار يريد أجرته فوراً وهي مرهقة وكبيرة على الفلاحين، لافتاً إلى أن الكمية المزروعة بالشوندر السكري قليلة جداً ولا يمكنها تشغيل معمل السكر، داعياً إلى إيجاد الحلول الفورية لإنقاذ محصول الشوندر إذا كان هناك من حلول، والعمل على تدارك هذه المنغصات لعودة الفلاحين لزراعة محصول القمح، حيث مساحة سهل الغاب 87 ألف هكتار منها 50 ألف هكتار مخصصة لزراعة القمح بين بعل وسقي ويجب أن تنفذ هذه الخطة تحت أي ظرف كان.
مدير عام هيئة تطوير الغاب أوفى وسوف بين لـ«الوطن» أن جميع المستلزمات مؤمنة من وقود وبذار، وفروع المصارف الزراعية تقوم بواجبها، لكن الظروف المناخية لم تساعد الفلاحين على الزراعة، لافتاً إلى أن المهلة النهائية لزراعة محصول الشوندر كانت حتى 15 شهر تشرين الثاني وتم تمديد المهلة إلى نهاية الشهر لكن المساحة المزروعة مازالت قليلة، والأراضي لم ترو من أجل فلاحتها و70 بالمئة من البذار استجره الفلاحون وبانتظار الظروف المناخية المناسبة، وبالنسبة إلى موسم القمح لم يبدأ بعد، وفي العادة يبدأ في منتصف شهر كانون الأول، البذار مؤمنة وهناك فائض والفلاحون لديهم رغبة بالزراعة لكن الظروف الجوية هي العائق الأساسي أمام الزراعة.
على ما يبدو من تنفيذ الخطة بالنسبة للشوندر أن الواقع لا يسر وتعامي وزارة الزراعة عن هذا الواقع سيقودنا إلى سلة بلا خبز.