قضايا وآراء

«بلاسخارت» بلا موضوعية وبلا مصداقية

| أحمد ضيف الله

قُبيل الانتخابات النيابية العراقية المبكرة التي جرت في الـ10 من تشرين الأول 2021، كان لافتاً صدور بيان مشترك وقعه وزراء خارجية 12 دولة غربية هي: أستراليا وكندا والدنمارك وفنلندا وألمانيا وإيطاليا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد وبريطانيا وأميركا، في الـ6 من تشرين الثاني 2021، بينوا فيه أنه «تم حشد موارد كبيرة لدعم إجراء انتخابات حرة وعادلة» في العراق، مؤكدين أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق والمُكلفة بدعم المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات «هي الأكبر من نوعها في العالم»!

رئيسة البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات العراقية فيولا فون كرامون، سارعت للقول في مؤتمر صحفي بعد بضع ساعات من إعلان النتائج الانتخابية الأولية: إنه «لا توجد أي خروقات، فيما يخص النتائج»، مؤكدة أن بعثتها المكونة من «أكثر من 100 مراقب و12 خبيراً و59 دبلوماسياً من دول الاتحاد الأوروبي، أدت مهمتها وفق المعايير الدولية المفروضة».
وما إن بدأت مؤخراً التسريبات التي تتحدث عن أن الهيئة القضائية للانتخابات ألغت نتائج نحو 10000 محطة انتخابية لم تُغلق في الساعة السادسة مساء، وتلك التي وجد فيها بصمات متكررة للناخبين! ما يمكن أن يُحدث تغييراً ملموساً في نتائج الانتخابات بسبب الطعون المقدمة، حتى بادرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت بطلب اللقاء مع الأمين العام لـ«حركة عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي في الـ15 من تشرين الثاني 2021، ولاحقاً مع الإطار التنسيقي الذي يضم أغلب القوى المعترضة على النتائج الانتخابية في الـ19 من الشهر ذاته، الذين أوضحوا بحسب بياناتهم، أنهم عرضوا على بلاسخارت «بالتفصيل مجموعة من الأدلة على ما رافق الانتخابات من تزوير وتلاعب فاضح»، كانت مدعمة «بالأدلة والإثباتات على الخلل الكبير الذي رافق العملية الانتخابية والتلاعب الواضح في احتساب النتائج وإعلانها»، مبينين استغرابهم من «صدور بيان مجلس الأمن الدولي بخصوص الانتخابات قبل التصديق على النتائج النهائية» المُرحب بالنتائج، داعين بلاسخارت «لأن تكون طرفاً حيادياً في المشاكل الحاصلة»، مؤكدين «المضي في المسار القضائي في الطعن بهذه النتائج.. وفق جميع الفعاليات التي كفلها الدستور».
جينين بلاسخارت قدمت في الـ23 من تشرين الثاني الجاري إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، لم تلتزم فيها بدورها كممثلة للأمم المتحدة لمساعدة العراق، وإنما تصرفت وكأنها مندوب سامي! دافعة باتجاه استمرار الفتنة التي أشعلها مخدم العملية الانتخابية (السيرفر) الموجود في دولة الإمارات، مشيرة في إحاطتها إلى أن العملية الانتخابية كانت «هادئة وحسنة الإدارة وأظهرت تحسناً فنياً وإجرائياً واضحاً، ومثلت بصفة عامة إنجازاً كبيراً يَحسُن بالسلطات والأطراف العراقية الإقرار به علناً»، معتبرة أن المشاعر والنقاشات تجاهها، أفسحت «المجال أمام دوافع غير ديمقراطية، كالتضليل أو الاتهامات التي لا أساس لها أو الترهيب أو التهديد بالعنف أو ما هو أسوأ»! مؤكدة أن «أي محاولات غير مشروعة تهدف إلى إطالة أو نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات.. عبر الترهيب وممارسة الضغوط، لن تسفر إلا عن نتائج عكسية»، محذرة من «الدخول في هذا المنزلق»، مشيرة إلى أن «المشهد الحالي للعراق محفوف بالمخاطر».
بلاسخارت كذبت على الأمم المتحدة حين قالت: إن لا دليل على تزوير الانتخابات، متغاضية في إحاطتها عما دار في اجتماعاتها الأخيرة مع القوى المعترضة على النتائج، والأدلة الموثقة التي أُطلعت عليها، والتي وعدت بإطلاع المجتمع الدولي عليها، كما أنها لم تشر إلى الغضب الشعبي، ولا إلى شعور شريحة سياسية كبيرة بأن النتائج قد جرى التلاعب بها، وبدت مدافعاً شرساً عن سلامة إجراءات المفوضية وإعلاناتها المتخبّطة!
بلاسخارت، غالباً ما كانت تُنتقد في بيانات رسمية على تدخلها غير المبرر في الشؤون العراقية، وعلق رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي على إحاطتها في تغريدة له في الـ26 من تشرين الثاني الجاري: «سبق وأن شكونا سلوكها وتدخلاتها المرفوضة في الشأن الداخلي إلى الأمين العام للأمم المتحدة.. ندعوها مرة أخرى لإيقاف تلك التدخلات والتركيز على مهامها في متابعة قضايا النازحين ومساعدة العراق على تجاوز محنه».
إحاطة بلاسخارت، وما تتعمد تغييره من حقائق في تقاريرها المرسلة إلى الجهات الدولية ذات العلاقة، يُعد جزءاً من مؤامرة لإقصاء أطراف سياسية على حساب أخرى، ومحاولة لإثارة الفتن، وهو تدخّل فاضح في الشأن الداخلي والسيادي للعراق، وخروج عن مهامها الرقابية للانتخابات، لتأخذ دور المشرف عليها! ما يضعها ضمن دائرة غير المرغوب فيهم في العراق.
جينين بلاسخارت وزيرة الدفاع الهولندية السابقة، كباقي الدبلوماسيين في العراق والمنطقة عموماً، يطلقون تصريحات مستفزة معادية، أملاً في دعم القوى الأميركية والصهيونية ومن يدور في فلكهم، في منصب ومهمة جديدة، ويبدو أن عين بلاسخارت على الأمانة العامة للأمم المتحدة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن