اقتصاد

في وقت الزمن يساوي فلوس.. المبرمجون السوريون يتدربون في مؤسسات الدولة بفرنكات ويعملون لمصلحة شركات خارجية بالعملة الصعبة

| طلال ماضي

تواجه شركات التكنولوجيا الناشئة في سورية مشكلات قد لا يتخيلها البعض، من ضعف رأس المال العامل لشركاتهم، ومن خدمة الانترنت الضعيفة، ومن فقدان الأدوات من حواسب عملاقة وتجهيزات كمبيوترية وبرامج، إضافة إلى الروتين والترخيص الإداري، وملاحة المالية التي تعاملهم معاملة صناعة الجوارب والعلكة.

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات هناك انتشار مقبول لأعمال التطبيقات الالكترونية وطلب كبير على هذه الاختصاصات حيث لا تكاد تخلو صفحة إعلانات مبوبة من طلبين أو أكثر لمهندسين من ذوي الخبرة وبرواتب مغرية لكنها للأسف هذه الوظائف مفقودة في سورية.

وعلى الرغم من توافر كليات هندسية متخصصة بالمعلوماتية والاتصالات وتقانة المعلومات وهي تخرج سنوياً مئات الطلبة إلا أنه من النادر أن تجد من يملك الخبرة والتدريب يعمل ضمن البلد وإن كان موجوداً داخل سورية فهو يعمل لمصلحة شركات خارجية ويقبض بالعملة الصعبة.

وللأسف إن راتب الموظف المبرمج ومن يعمل في الشبكات وبأي صفة تكنولوجية كان راتبه مثل راتب أي موظف فئة أولى أو زميل مهندس له يحصل على راتبه المقطوع وطبيعة عمل واختصاص فقط من دون أي تعويضات أخرى كما بينت منال الأشهب مديرة الموارد البشرية في وزارة الاتصالات والتقانة.

وأضافت الأشهب: نعاني كثيراً من صعوبة تأمين المهندسين المدربين، وفي حال تم فرزهم من مجلس الوزراء فإنه عند فرز المهندسين تكون الأعداد قليلة جداً ولا تستمر بالعمل بالوزارة بعد أن يتلقوا التدريب ويصبح لديهم خبرة يقدمون استقالتهم ويتجهون للعمل في القطاع الخاص، أو لدى شركات خارجية، أو يسافرون خارج البلد، لكون هذا الاختصاص مطلوباً جداً، ولا يوجد تقدير مادي له في قانون العمل الحالي.

وأشارت الأشهب إلى أن مشاريع الوزارة القائمة حالياً تتطلب عشرات المهندسين من اختصاص معلوماتية، ومن أجل توطين الخبرات يجب وضع أنظمة تعويضات وحوافز واضحة ودقيقة لمنح هذه الخبرات ما تستحقه مقابل الجهد الذي تقدمه، لافتة إلى أن القطاع الإداري ليس له نظام حوافز وسقف المكافآت سنوياً لمن يحصل عليها أقل من 40 ألف ليرة، وهذه الأسباب تدفع من لديه خبرة إلى البحث عن فرصة عمل وتقديم استقالته.

الأستاذة الجامعية اختصاص معلوماتية الدكتورة سيرا أستور قالت في تصريح لـ«الوطن»: على مستوى مهندسي المعلوماتية توجد صعوبة في البلد لاستقطابهم إلى الجامعات خلافاً لبقية الاختصاصات الأخرى، لكون هذه الاختصاصات مطلوبة بكثرة والجميع فتح خطوط عمل خارج البلد ويعملون في جبهة أخرى.

وأشارت أستور إلى أن السوق المحلية بحاجة إلى فرق عمل لمتابعة شركات البرمجة وأعمالهم، وخاصة أننا نتحدث عن تكنولوجيا سريعة جداً في وقت نجد أن الزمن يساوي مالاً وكل تأخير يعني خسارة.

واعتبرت أستور أن تناقص أعداد الخبراء في مجال المعلوماتية في الأسواق السورية يعود إلى أنه لا أحد يعمل ببلاش اليوم وسط الرواتب المتدنية، ومن غير المعقول أن يكون راتب المبرمج في سورية 100 ألف ليرة وخارج سورية أكثر من 5 ملايين ليرة.

ولكون صناعة تطبيقات المعلومات والاتصالات تلعب دوراً في جميع المجالات الاقتصاد السلعي والخدمي وفي مجالات الإدارة الحكومية والخاصة في حياة الأفراد، فإنه يفترض أن يكون لها توصيفها الوظيفي الخاص، وتصنيفها التجاري الخاص، وألا تعامل معاملة صناعة العلكة والجرابات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن