قضايا وآراء

المستقبل والاستفادة من اقتصاد المعرفة

| بقلم قحطان السيوفي

يشهد العالم اليوم تحولات عديدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية نتيجة ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتصبح المعلومات العنصر الأساس في الاقتصاد القائم على المعرفة Knowledge Based Economic الذي يقصد به أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، بالاعتماد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة.

اقتصاد المعرفة هو الاقتصاد القائم على فهم أكثر عمقاً لدور المعرفة ورأس المال البشري وعلى الاستخدام الأمثل لتقنيات التكنولوجيا الرقمية والاتصالات وتوظيف المعرفة كمكون أساس في العملية الإنتاجية.

كان أول من أعلن مصطلح اقتصاد المعرفة العالم بيتر دركر في عام 1993، لتصبح المعرفة المصدر الرئيس للاقتصاد.

هنـــاك تســــميات عديـدة أطلقت علـى اقتصـاد المعرفـة مثـل اقتصـاد الإنترنت، الاقتصاد الرقمـي، السـبراني، الافتراضـي، الاقتصــاد الإلكترونــي.

اعُتبر علم الاقتصاد المعرفي فرعاً من علم الاقتصاد الذي يستخدم تقنيات المعرفة لإنتاج فائدة اقتصادية وتطبيق الإجراءات اللازمة لتطويرها وتحديثها.

ويعتبر التعليم في مجتمع المعلومات هو مفتاح المرور لدخول عصر المعرفة وتطوير المجتمعات، هذا الاقتصاد مرتبط بمفهوم مجتمع التعليم الذي يتيح كل شيء فيه فرصاً للفرد، ليتعلم كي يعرف وكي يعمل.

في حين كانت الأرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم، وأصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات.

وصار للذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال أو المواد أو العمالة.

وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر الآن 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وجدير بالذكر أن 50 بالمئة من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يوجد عدد من القوى الدافعة الرئيسية يساعد على تطوير التجارة والقدرة التنافسية الوطنية في ظل اقتصاد المعرفة وهي:

• العولمة.

• الأسواق والمنتجات أصبحت أكثر عالمية.

• ثورة المعلومات جعلت نحو 70 في المئة من العمال في الاقتصادات المتقدمة هم عمال معلومات information workers.

انتشار شبكات الحاسوب والإنترنت جعل العالم قرية واحدة ساهمت هذه القوى في توسع الإنتاج الدولي بتحفيز من العوامل التالية:

• تحرير السياسات وتلاشي الحدود بين البلدان، وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات.

• المنافسة المتزايدة.

من خصائص اقتصاد المعرفة.

1 – الابتكار.

2 – نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الأكاديمية وغيرها لمواكبة ثورة المعرفة المتنامية.

3 – التعليم أساسي للإنتاجية والتنافسية الاقتصادية.

يتعين على الحكومات العمل على إدماج التكنولوجيات الحديثة في العمل.

4- البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات تسهل نشر وتجهيز المعلومات وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.

5- حوافز تقوم على أسس اقتصادية قوية لتوفير كل الأطر القانونية والسياسية لزيادة الإنتاجية والنمو.

إن من أهم البدائل المطروحة لتحسين إيرادات الدول النامية هو تحويل الاقتصاد النامي إلى اقتصاد معرفي للتوسع في استخدام التكنولوجيا، وإصلاح التعليم، ولا يمكن أن ندخل بوابة اقتصاد المعرفة من دون تعليم تقني وأساسي جيد، وتوافر الإنترنت كحاضن للمعلومات، وأكبر أوعية تداول المعلومات واستخدامها ونشرها اليوم، يتم تصنيف الذكاء الاصطناعي والليزر والهندسة الوراثية على أنها تمثل تكنولوجيا المنفعة العامة التي تنطوي على عديد من التطبيقات عبر نطاق واسع من الاستخدامات في مجالي الإنتاج والبحوث.

من ناحية أخرى ضرورة الاهتمام بالجامعات ومراكز الأبحاث والهيئات التعليمية والتقنية للمساعدة في تطوير الخدمات الإلكترونية والتقنية والاستثمار فيها والاستفادة منها عند اتخاذ القرار.

كما أن رفع نسبة الاستثمارات في البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات، هي نقطة تحول في المجالات المعرفية والتقنية.

بالنسبة لآثار التقدم التكنولوجي على الفقر وانعدام المساواة؛ يمكن القول إن القفزة التكنولوجیة التي أدت إلى رفع أجور العمال المهرة ساهمت في إيجاد حالة متفاقمة من التفاوتات وعدم المساواة.

إن تقدم اليابان وكوريا على سبيل المثال، اعتمد على التقنية الحديثة واقتصاديات المعرفة، التي أسهمت في تطور ونمو تلك الدول.

على الصعيد العالمي تصنع الصين ما يقدر بـ90 في المئة من أجهزة تكنولوجيا المعلومات في العالم، ما يعني أن الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل متزايد على بنية تحتية عالمية لتكنولوجيا معلومات تصنع في الصين اقتصاد المعرفة، وهذا ما يجب أن تسعى إليه الاقتصادات النامية التي ما زالت تبحث عن نفسها وسط زحمة من التطبيقات البيروقراطية، والمحاولات للوصول إلى مصادر جديدة للدخل.

الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي، أقل من 4 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، والاقتصـادات العربيـة ومنها الاقتصاد السوري، تواجـه بعـض القضـايا المستعصية مثل معـدلات النمـو المنخفضـة، انخفـاضاً فـي التنـوع الاقتصـادي، معـدلات البطالـة المرتفعـة التي تتطلب حلولاً لها تتمثل في اقتصاد المعرفة.

في سورية التي تعاني من الحرب والاحتلال وسرقة ثرواتها من الطاقة والزراعة والعقوبات الاقتصادية الظالمة، لابد من وضع خطة وطنية للبحث والتطوير والابتكار للاستفادة من التكنولوجيا والمعلومات لخدمة الاقتصاد القائم على المعرفة تتضمن برنامجاً وطنياً تنموياً لسورية لما بعد الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن