اقتصاد

الديون تقطع الحليب عن ألبان دمشق … اتفاق لجدولة الديون القديمة وتسديد أسبوعي لمبقرة الغوطة

| محمود الصالح

كشف رئيس الاتحاد المهني لعمال الزراعة والصناعات الغذائية ياسين صهيوني عن وجود خلل في العلاقة الإنتاجية التكاملية بين محطات الأبقار ومعامل الألبان، تسبب في أضرار كبيرة يتعرض لها العمال في تلك الشركات التي كسبت عبر تاريخها الطويل ثقة المستهلكين نتيجة جودة إنتاجها، وقدرتها على المنافسة في الجودة لأغلب الأسماء التجارية، وذلك في معرض رده على تساؤلات طرحتها «الوطن» حول أسباب توقف محطة أبقار الغوطة عن تزويد شركة ألبان دمشق بمادة الحليب منذ شهرين وحتى تاريخه.

وأشار إلى تشكيل لجنة مصغرة من مجلس إدارتي مؤسستي الصناعات الغذائية والمباقر في عام 2020، أنيط بها تنفيذ توصية اللجنة الاقتصادية التي تقضي بتسليم كامل فائض إنتاج محطات الأبقار في جميع المحافظات إلى شركتي الألبان في حمص ودمشق، وهناك محضر لهذه اللجنة مصدق من وزيري الصناعة والزراعة.

وأضاف صهيوني إنه ووفقاً لهذا المحضر يتم بشكل دوري سبر أسعار الحليب في الأسواق وتحديد سعره وفق الأسعار الرائجة في كل منطقة، لكن للأسف هذا الاتفاق لم يستمر، والآن هناك توقف لتزويد شركة ألبان دمشق بالحليب من محطة أبقار الغوطة في دمشق بسبب وجود مديونية للمحطة على شركة الألبان، وهذا من شانه أن يؤثر في إنتاجية الشركة وبالتالي عدم قدرتها على تنفيذ خطتها الإنتاجية، علماً أن شركات الألبان ملزمة بتأمين منتجاتها لجهات القطاع العام بسعر لا يزيد عن كلفة الإنتاج 5 بالمئة من الكلفة، وبالتالي عدم تسديد تلك الجهات لقيمة ما تستلمه من الألبان جعل الأخيرة عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية ليس فقط تجاه محطة الأبقار، إنما أيضاً تجاه القطاع الخاص الذي يقوم بتوريد الحليب من ريف دمشق إلى شركة الألبان، في وقت تشهد فيه منتجات هذه الشركة إقبالاً كبيراً من السوق من خلال المنفذ الوحيد الموجود في دمشق، الذي تبيع فيه ما يفيض عن الكمية المسلمة للجهات العامة.

وشدد رئيس الاتحاد على ضرورة معالجة هذا الموضوع بشكل كلي من خلال إيجاد صيغة عملية لتسديد قيمة ما يستجره القطاع العام من الألبان بشكل فوري، وكذلك زيادة نسبة الأرباح لتصل إلى الربح التجاري المعمول به تجارياً في الأسواق وهو 25 بالمئة لتتمكن هذه الشركة من إعادة تأهيل خطوط الإنتاج فيها، ومنح العاملين فيها ما يستحقون من تعويضات ومكافآت وضمان صحي وغيره مما يمكن من خلاله تقليص الفجوة بين رواتبهم، وما يتقاضاه أمثالهم في الصناعة نفسها في القطاع الخاص، حيث يصل فارق الأجر بين عامل في تلك الشركات العامة ومثله في شركة خاصة إلى مليون ليرة شهرياً.

وأشار صهيوني إلى وجود خلل أساسي تسبب في كل ذلك تمثل بالسماح لمحطات الأبقار بإقامة معامل لتصنيع الألبان والأجبان فيها كما هو الحال في مبقرتي فديو وجب رملة، وهذه المحطات ليس لديها أي يد عاملة مختصة في هذا المجال، حيث إن ملاك وكوادر تلك المحطات متخصص في مجال تربية الأبقار فقط، والدخول على الجانب الإنتاجي تسبب في خلل كبير، حيث لا تتوافر لدى محطات الأبقار الكوادر الخبيرة في إنتاج الألبان، مما أدى إلى ازدواجية في عملية إنتاج الألبان والأجبان بين وزارتي الزراعة والصناعة، ويفترض إما أن تبقى جميع معامل الألبان تابعة لوزارة الصناعة لكونها الجهة المعنية بالتصنيع من خلال مؤسسة الصناعات الغذائية، أو أن يتم نقل شركات الألبان إلى المؤسسة العامة للمباقر لتوحيد الجهة المعنية بالموضوع.

مدير محطة أبقار الغوطة محمد القادري أكد لــ«الوطن» أن سبب توقف المحطة عن تسليم شركة ألبان دمشق مادة الحليب هو وجود مديونية للمحطة على الشركة لقاء قيمة حليب، والمحطة لديها مصاريف ونفقات يومية وهي بحاجة إلى الأموال لتأمين حاجة القطيع من الأعلاف وغيرها من المستلزمات.

وأضاف القادري: إن إنتاج المحطة الآن يصل إلى 3.3 أطنان يومياً من مادة الحليب ويتم الآن بيعه للقطاع الخاص بسعر 1800 ليرة للكيلو تسليم أرض المحطة، ولا يوجد أي ديون للمحطة على تاجر القطاع الخاص الذي يستجر الحليب.

وعما إذا كان هناك مخبر يتم من خلاله التدقيق في مواصفات الحليب المنتج في المحطة، أوضح أنه حتى الآن لا يوجد مخبر في المحطة ويتم العمل الآن على تأمين جهاز تحليل خلال الفترة القادمة، وتعتمد المحطة على نتائج تحليل المخبر لدى التاجر الذي يستجر الحليب في الوقت الحالي وكذلك قبل شهرين كان يتم اعتماد نتائج تحليل مخبر شركة الألبان للكميات التي تستجرها.

وعن سبب تدني نسبة الدسم في الحليب المنتج في محطة أبقار الغوطة بين مدير عام المحطة أن ذلك يتعلق بطبيعة القطيع الموجود في المحطة والعلف الذي يتم تقديمه لهذا القطيع، حيث كانت نسبة الدسم 2 بالمئة وتم رفعها خلال الشهرين الماضيين إلى 2.5 بالمئة. مضيفاً: تم أمس الاتفاق بين إدارتي المؤسستين على إعادة تزويد شركة ألبان دمشق بكامل إنتاج المحطة من الحليب اعتباراً من الخميس القادم والتوقف عن البيع للقطاع الخاص، بشرط أن تلتزم شركة الألبان بتسديد قيمة الحليب المستجر الآن بشكل أسبوعي، وجدولة الديون السابقة لمدة ثلاثة أشهر، وفي حال عدم الالتزام يتم التوقف عن التزويد بالحليب.

وعلمت «الوطن» من عدد من موردي الحليب من القطاع الخاص إلى شركة ألبان دمشق أن لهم ديونا على الشركة جراء توريدهم للحليب، لكن أياً منهم لم يتوقف عن عمليات التوريد رغم أنهم لا يحصلون على السعر الذي تحصل عليه محطة أبقار الغوطة لمادة الحليب. علماً أن نسبة الدسم في الحليب المنتج في القطاع الخاص في ريف دمشق الذي يتم تسليمه لشركة ألبان دمشق يتراوح بين 3 إلى 3.5 بالمئة.

والسؤال: إلى متى يستمر هذا الوضع من عدم التنسيق وتوحيد اتخاذ القرار؟ ومتى يتم حل مشكلة المديونية المترتبة لمصلحة شركات الألبان على الجهات العامة التي تحتاجها حتى تتمكن من الاستمرار في عملها في توفير هذه المادة الضرورية، التي تمكنت رغم ضعف إمكانياتها من الاستمرار في تحقيق المنافسة في نوعية هذا المنتج الوطني؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن