من دفتر الوطن

إشارات حمراء

| عبد الفتاح العوض

الإشارة الخطرة جاءت من اجتماع رؤساء النقابات مع رئيس مجلس الوزراء، فإن يخش أطباء ومهندسون ومحامون من رفع الدعم عنهم فهذا جرس إنذار عال جداً.. فإذا كانت هذه الفئات لديها معاناة معيشية فماذا يمكن أن نقول عن طبقات اجتماعية أقل عملاً وأقل دخلاً في المجتمع.
تمثل هذه الشرائح الطبقة الوسطى في أي مجتمع وليس لدينا أي دراسة يمكن الاعتماد عليها بشكل موثوق عن حجم الطبقة الوسطى في سورية، لكن إن اعتمدنا على المعايير الدولية فسنجد الأرقام كارثية، فحسب تلك المعايير تعتبر الطبقة الوسطى، من يحصل الفرد على دخل يومي يساوي بين 2 إلى 10 دولارات. وما دون ذلك يعتبر من الطبقة الفقيرة وما فوق ذلك يعتبر من طبقة الميسورين.
يمكنكم حساب ذلك على المستوى المعيشي في سورية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المعايير تخص الدول النامية، على حين يعتبر عشرة الدولارات هو خط الفقر في الدول الغنية و13 دولاراً في الولايات المتحدة الأميركية.
ثمة معايير أخرى حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.. متوسط الإنفاق على سلة السلع الرئيسة… لكن كيفما حسبتها وعلى أي مذهب فالنتيجة واحدة….. الطبقة الوسطى تذوب.
لا نتحدث هنا عن شعارات الدور الذي تقوم به الطبقة الوسطى في المجتمع ففي هذا الوقت يعتبر الحديث النظري خارج السياق الطبيعي لبلد يعيش ويعاني آثار حرب طويلة وحصاراً قاسياً يطول كل شيء.
لكن موضوع الدعم ليس جديداً، قبل الحرب بسنوات كان الحديث عن توزيع الدعم على مستحقيه، الآن اللهجة صارمة أكثر والاتجاه إجباري نحو ذلك وبشعارات اقتصادية وأخرى اجتماعية.
هذه الطرق في مقاربة الدعم ما زالت «ترقيعاً بترقيع»… فالكل يعلم أن خلق أسعار مختلفة لأي سلعة هو الباب الواسع لدخول أنماط من التلاعب والفساد وكل المجتمعات مبدعة في القدرة على التحايل وخاصة في الأزمات.
لكن أن تصبح الطبقة الوسطى بل كبار الطبقة الوسطى في حاجة للتحايل فإن المسألة لم تعد اقتصادية فحسب.
القيم المجتمعية ترقص على أنغام الاقتصاد… من المعروف أن إنفاق الأغنياء كما سماه علماء الاقتصاد هو «الإنفاق الجاهي» إنفاق الاستعراض، على حين الطبقة الوسطى كما سماها أرسطو «طبقة العقلاء» لا تظلم الفقراء ولا تحسد الأغنياء.. في الحالة التي لدينا ثمة تغير جوهري في المجتمع… فالحصول على الدعم هو ورقة «فقر حال» وكان حتى الفقراء يتجنبون الحصول عليها، الآن قسم كبير من الطبقة الوسطى تخشى ألا تحصل عليها من خلال استبعادها من الدعم. وتبدي حرصاً على استمرار الحصول على الصدقات الحكومية.
ماركس يقول: تســـــتطيع المجتمعات أن تطرح فقط على نفسها الأسئلة التي تستطيع الإجابة عنها.
ماذا بعد؟ هل نستطيع الإجابة عن هذا السؤال؟

أقوال:
• إن المجتمع الذي لا يعاني من الفقر الشديد، ولا يعاني من الثروات الهائلة، سيكون لديه دائماً كُل المبادئ النبيلة. أفلاطون
• على المرء أن ينتبه جيداً أنه لا يمثل ذاته فحسب، بل الطبقة أو الفئة أو الوظيفة التي ينتمي إليها، وسوف ينسب كلامه وسلوكه إلى هذه الفئة. جان بول سارتر
• إن مهمتي ليست أن أغير العالم، ولكنني أحاول أن أدافع عن بعض القيم التي دونها تصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها. ألبير كامو

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن