ثقافة وفن

الشعر ديوان العرب

| منال محمد يوسف

الشّعر هو ديوان العرب وهو ذاك المُجلّد المهم الذي ترتقي به عظيم القوافي تتوارد من مُعلّقاته «خير الأخبار والقصص والسوالف» التي قيلتْ في الأسفارِ وفي الترحالِ، ويُضافُ إلى ذلك بأنّه قد يمثل «خيرُ ناقلٍ» لكل ما تتسم به العصور..

وقد نُلاحظ بأن هناك الكثير من الأشعار والقصائد قد حملت أسماء العصور التي قيلتْ فيها ونذكر هنا «العصر الجاهليّ والعصر العباسيّ» وأمثلة كثيرة لا مجال لذكرها الآن ويتحدث الشّعر عن حقبٍ مُتعدّدة الملامح قد تُشرقُ شمسها من خلال هذا الديوان أو ذاك وقد تعاظم «دور الشّعر» على مرِّ العصور وظهر وكأنّه يختزل «تواريخ المجتمعات» ويُشكّل صوتها الناطق النطوق ولسان الماضي الغابر وبالتالي يُشكّل فصاحة كلّ ما مضى ويقولب مُضارع الأشياء الجميلة وما يحصل ضمن «ديوانه الأهم» وبهذا الشكل نرى الشعر وقد تتعدّد أوجه مهامه المختلفة ويأخذ جميل عناوينه من الموضوعات التي يُكتب فيها وبالتالي نقرأ له توصيفات تأتي مُتعددة الجوانب ومُتعددة الأغراض الشعريّة والرؤى الفكرية المُصاغة بأسلوب شعريّ يُبرز دور الشعر وعظيم شأنه المرتجى من هذا النص أو ذاك..

وتتعدد الأسماء والعناوين التي تُسمّى به فمثلاً نذكر «الشّعر الوجداني» الذي يُحادث الذات الإنسانية أولاً ويجعلنا نقف عند مرمى ما نودُّ أن نقوله وأن نفعله حقاً..

فكم منن الأبيات التي تتجلّى بها «روح الحماسة» وقد قيلت لتستنهض «عظيم الهمم» ولتقول كلمتها العُليا، وقد جاءت في إطار الأشعار الوطنية التي باتَ القول في شأنها هو من بديهيات القول تُحفظ وتُردّد ويرامُ بها حال الفخر والمفاخر التي حصلتْ والتي يُرادُ أن تتحقّق في قادمات الأيام..

وكلّ ذلك يؤكد لنا بأن الشعر قد يأتي ويُمثّل «ديوان الأمم» وقاموسهم الفصيح الأهم الذي يختصر حال أمرهم في الماضي البعيد والحاضر القريب.

وهنا لا بدَّ أن نأتي على فكرة «الحداثة في الشّعر» وهذا يعني بأن خط أو مسار الشّعر قد يأتي ويتبدل بحسب معطيات الحداثة الشعريّة التي تطرأ عليه.. وبحسب الفترة الزمنيّة التي يُكتب بها هذا الشّعر أو ذاك..

وهذا بطبيعة الحال يفتح لنا الباب جلياً على دور الشّعر وعظمته ويُبرز لنا المسارات المهمة التي مرَّ بها «الشعر العربي» وبعض التيارات أو المدارس التي جاءت لترتقي بحال الشّعر وتُضيف إليه وإلى أهميته الكبيرة..

وبالتالي تمنحه تلك المكانة العُليا التي يستحق ويجدر بنا أن ننوه إلى أهمية هذه المكانة التي خُلقت للشّعر ليس تكريماً له وإنما تكريم لرسالته الإنسانية ودوره المحوري المهم.

• وإذ كان قديماً يُمثّل «ديوان العرب» فما يزال إلى اليوم يُمثّل ديوانهم الأهم «وبيت قصيدهم» وشراع قولهم البلاغيّ الموّحد..

وما يزال يُمثل المجلّد البلاغيّ الأشهر الذي يجب أن يضمّ جمال اللّفظ ودقة المعنى الشعريّ وأن يتبلور ويُسمّى «الحامل الشرعي لمفهوم الأمر الشعريّ» وجوازم أمره المرتجى وفصاحة أقواله المتوخاة..

هذا الحديث عن الشّعر وفحواه ومحتواه المرتجى يُبين لنا أهميته وبالتالي يُحمّل الشّعر مسؤولية إنسانية تُبين المدى الأبعد للشعر وجوهر الشيء الوجدانيّ والإنسانيّ الذي يجب أن تتمحور حولها كلّ المفاهيم الشعريّة ومن هنا نستقرئ الكثير والكثير عن مفهوم الشّعر بشكله الخاص والعام وعن المنحى الذي يتخذه ليكون مُتعدّد الأهداف الإنسانية لا يقتصر على صياغة البيانات الشعريّة وإنما يتسع ليشمل الفضاء الإنسانيّ الأشمل وهنا نقرأ بأن للشّعر أهدافاً إنسانية نبيلة قد جعلت كلمته هي التي تُسمّى «كلمة الشّعر والقوافي هي الكلمة العُليا» والفحوى البلاغيّ الذي يُكتب به الشّعر ويُمجّد كلامه بحسب المنطق الإنسانيّ والوجدانيّ والفحوى الشعريّ البليغ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن