بلغني أن «عبدو المشخصاتي» قبَّل شفتا «وضحة التغلبية» في إحدى لوحاتهِ السينمائية، هاجَت الجموع وماجَت، ما هذا العيب؟ هنا قرَّرَ صاحب الملاحم الثقافية والإنجازات الابداعية أن يرد عليهم، فقلت ولماذا لا أستمع إليه عساني أنا المواطن البسيط أنهل من بحورِ ثقافته.
بدأَ حديثه بطريقةٍ فيها الكثير من التواضع لدرجةٍ اعتبر فيها أن مثلهُ لا تطرح عليه أسئلة كهذه، فعلاً كان من المفترض أن تُطرح عليهِ أسئلة عن البعد الفيزيائي لوجود الثقب الأسود، على الأقل ربما ما كان ليتهرَّب من الجواب بطريقة «مفزلكة»، من هو المجمع ليطرح تساؤلات كهذه؟!
شعرت وأنا أستمع لكلامهِ وكأني في سوق المدينة في حلب عندما تدخل إلى أي محل وتسأل عن السعر فيجيبك البائع «هذا إلك بس بهالسعر»، فلولا وجود هذا المذيعَ الذي خصه بالجواب بيننا، لم يكن المجتمع ليحصل على جواب، حتى أوبرا وينفري كانت ستعود بخفي حنين، فيضيع علينا ذاك العصف الفكري!
بدأ هذا العصف بتحولهِ إلى شخصية «عبدو الشكسبيري» نتيجة لمخزونهِ الثقافي الكبير، لكنه تاهَ عن إيجاد الطريقة المناسبة التي يشرح فيها للناس، يبدو معذوراً، كيف له أن يرى الطريق المناسب للنزول إلى مستوى فهمنا نحن البشر في هذا المجتمع المتخلف، فاعتباراً من اليوم علينا أن نقيس مستوى تخلفنا وتقدمنا بمستوى ما يقدمهُ «عبدو الشكسبيري»، إن أراد أن يُقبِّل علينا أن نُقبّل، في الشارع في الساحات عليكم أن تنادوا «حي على التقبيل»، كي لا نبدو في نظرهِ متخلفين، ومن يخجل من هذا الفعل عليهِ الاستناد إلى نظرية فصل الممثل عن الشخصية لأن من يقوم بالتقبيل هي الشخصية وليس الممثل، هذهِ النظرية التي أطلقها «عبدو الشكسبيري» يجب تدوينها بماءِ الضياع الفكري، وإرسالها إلى جد النجمة الأميركية «شارون ستون» الذي قال بعد فيلمها الشهير «غريزة أساسية»:
لم أدرك أنها نضجت إلا بعد ما شاهدت الفيلم، علينا إخبار جدها بأن من قامت بالمشاهد شبه الإباحية لم تكن هيَ حسب هذهِ النظرية!
«عبدو الشكسبيري» اتهم كل من اعترض بأنه لا يعرف أن الفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وليس من إنتاج داعش، شكرا لله، لكن ألا يرى البعض بأن اختصارهم للأفكار المجتمعية بطرفي داعش أو غير داعش هو «تدعوش» فكري. أما استخدامه لكلمة نابية وعلى الهواء مباشرةً متذرعاً بأن سعد الله ونوس استخدمها بإحدى مسرحياته فهي ستجعلنا نتساءل:
ماذا لو قررت النخب على شاكلته استعمال الكلمات النابية الواردة في كتاب «المستطرف في كل فن مستظرف»؟!
في الخلاصةِ: لستُ ناقداً فنياً ولا يعنيني التعقيب على مشاهد التقبيل أو غيرها، لكن أن يتحول المجتمع السوري إلى «مكسر عصا» يصب البعض عليهِ حممَ عقدهم الشخصية بمناسبة أو غير مناسبة واتهامه بالتخلف هنا علينا ألا نصمت، بل نذكِّر كل من عوَّل على تلكَ الطبقة:
هذه نخبكم المثقفة التي صدعتم رؤوسنا باختصار المجتمع بها.. ونحمد الله أن هناك من انتبه أخيراً بأن هناكَ نخباً حقيقية ومبدعين بدؤوا يظهرون على الإعلام الرسمي كـ«فراس السواح»، لتعلم الأجيال القادمة بأن نخبهم في مكانٍ آخر، ليسوا مجردَ راقصة.. ولا طبال.. ولا عبدو المشخصاتي!