«الجدار» عرض بعيد عن التجريد.. يقارب بين الرقص السوري المعاصر والأدب العالمي
| سوسن صيداوي - ت: طارق السعدوني
(لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً…. فالطير يرقص مذبوحاً من الألم). لطالما كان الرقص حالة تعبيرية تعبّر عما يدور في الداخل الإنساني العميق، سواء أكان فرحاً أم ألماً أو حزناً…. إلخ. في موضوعنا نقف عند العرض الراقص (الجدار) الحر باقتباسه عن قصة (الجدار) لجان بول سارتر، الذي افتتح مساء الثلاثاء، وسيستمر حتى التاسع من الشهر الحالي، وجاء برعاية وزارة الثقافة والهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون في دمشق. (الجدار) كريوغراف وإخراج جواد حمزة ورأفت زهر الدين، فكرة وإعداد جواد حمزة. شاركهما الرقص كل من: جودي العلي، عادل سلام، حازم الشعراني، نانسي إسحق، روان الرّحيّة، يوسف إبراهيم، مؤيد شاويش، آية القنواتي، جودي عبيد، غفران حمادة.
فكرة العرض
كما أشرنا أعلاه، العرض الراقص هو اقتباس حر عن قصة (الجدار) لجان بول ساتر، والتي تدور حول (إيباتا) وهو أسير حُكم عليه بالإعدام أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، وتعرض عليه الجهة التي تعتقله أن تُفرج عنه مقابل إخبارهم عن مكان صديقه المقرب (غراي)، ولكنه يحاول تضليلهم بإخبارهم عن مكان وهمي في محاولة منه لتسلية نفسه، وعندما يحين دوره للوقوف أمام الجدار المخصص لعمليات الإعدام، كونه قد فقد الاهتمام بالحياة، يتفاجأ في النهاية بأن المكان الوهمي الذي أخبرهم به قد وُجد فيه (غراي) بالفعل وقد ألقوا القبض عليه وسيتم إعدامه بدلاً من (إيباتا) عند الجدار نفسه.
الرقص غير مفهوم
بينما أخبرنا جواد حمزة الذي هو صاحب فكرة العرض ومن قام بإعداده، وهو راقص باليه ومعاصر ومصمم رقص، درس في المعهد العالي للفنون المسرحية، وخاض عدداً من ورشات العمل مع مصممين وفرق عالمية كما عمل مع فرقة إنانا السورية وفرقة سمة، وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية، علماً أن الرقص التعبيري ليس غريباً عن الثقافة السورية، وحتى خلال سنوات الأزمة ما زال الرقص التعبيري يسير في خط بياني متصاعد، والدليل على ذلك انتشار الفرق الراقصة التي كان لها صدى ليس فقط محلياً بل عربياً، متابعاً في حديثه لـ«الوطـن»: «تم اختيار هذه القصة في محاولة منا لتجريب الجديد، وتقريب مسافة الرقص السوري المعاصر من الأدب العالمي، بهدف صناعة عرض تعبيري بعيد عن التجريد، فالحركات تم تبنيها بناء على الفكرة، فلم يكن هناك أي حركة مجانية، وهنا أحب أن أشير إلى نقطة مهمة وهي، أن المرء بشكل عام يستطيع من خلال الرقص أن يوصل رسالة، وفي مجتمعنا الرقص غير مفهوم، لهذا اخترنا في هذا العرض أن نكون بعيدين عن التجريد حتى نكون مفهومين، وقد أسقطنا العرض على الواقع السوري المعيش، من خلال الصراعات الداخلية التي يواجهها المرء في مواجهة تحديات الحياة، وبأن عليه أن يبقى دائماً مع التيار».
متفائل بالرقص
توقفنا مع رأفت زهر الدين، الذي شارك في الإخراج والرقص بالعرض، وهو راقص باليه ومعاصر ومصمم رقص، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، عمل مع فرقة إنانا، كما شغل منصب أستاذ مساعد في المعهد العالي في قسم الرقص والتمثيل، وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية. وحول فكرة العرض البعيدة عن التجريد واختيار الراقصين وأمور أخرى،
صرح لـ«الوطـن» قائلاً: «وربما من أسباب تراجع الرقص هو عدم الاهتمام بالمسرح بشكل عام، وحتى نقرّب المسافة مع الجمهور قررنا أن يكون العرض بعيداً عن التجريد ويحكي قصة. وبالطبع واجهنا الكثير من التحديات والصعوبات منذ سنة تقريباً كي نصل إلى هذه الفترة التي فيها الكثير من الحماس، للقاء الجمهور الذي نحن بانتظار معرفة انطباعاته، وبالنسبة للراقصين الذين شاركوا معنا في العرض، هم من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، واستمرت البروفات معهم لمدة أربعة شهور، وأخيراً أنا متفائل جداً ما دام هناك من الشباب من يحب الرقص ومن الجمهور من يُسعد بمتابعته».