ماذا يعني أن تكون دولة زراعية مثل سورية رصيدها من الأسمدة صفر، أو أن يكون سعر كيس السماد من أرض المصرف الزراعي 68 ألف ليرة، وأن تعرض على المصرف الزراعي مناقصة لشراء السماد بثمن غال جداً، ولدينا الذهب الأسود أو الفيرمي كمبوست المنتشر في جميع دول العالم، على الرغم من أن تربية الكمبوست دخلت إلى سورية من قبل عشرات الفلاحين، وهناك عشرات الاختبارات من أساتذة الجامعات على المنتجات وتؤكد مطابقتها للمواصفات، لكن حتى اليوم الحكومة لم تنقب عن هذا الذهب أو تعترف بنتائجه، على الرغم من أنه من المشاريع التي تحقق الثراء السريع ويصنف من ضمن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر.
الدكتور في قسم الاقتصاد الزراعي بجامعة دمشق ثائر برهوم اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن حل مشكلة حاجة سورية من السماد لا تحتاج إلى وقت طويل، لكونه يوجد عدد كبير من المربين تنتج وتبيع الفيرمي كمبوست، وفقط هم بحاجة في عملهم إلى تنظيم وتبني هذا المشروع من الحكومة، وتقديم الدعم اللازم له، من أجل تنظيم عملية التربية وضبط معايير الجودة للمنتج، مشيراً إلى أن ثمن الدودة اليوم 200 ليرة وكيلو الفيرمي يباع بين 1500 و2000 ليرة وهذه التربية منتشرة في جميع دول العالم مثل إيران ومصر ودول الخليج وجنوب إفريقيا وفي الدول الأوروبية داعياً إلى الاستفادة من التجربة المصرية في إيجاد الإطار القانوني والتشريعي للتربية لكونها تربية آمنة ومنتجها صحي، لافتاً إلى أن نقاط ضعف تربيته تتركز حول توافر الخبرة في تأسيس المشروع لدى انطلاقته وهذا يمكن الاعتماد على خبراء أسوة بالاعتماد على أطباء بيطريين في تربية الأغنام والأبقار، بالإضافة إلى التوسع في انتشار التربية وتبنيها من الجانب الرسمي للتشجيع على انتشارها بشكل أوسع، وتلبية حاجة البلد من السماد العضوي الذي أثبت أنه أقل نسبة من الملوثات ومشبعاً بالنتروجين أكثر من المواد العضوية قبل عملية التحلل باستخدام الديدان.
وبين برهوم أن استخدام الفيرمي كمبوست آمن وصحي وتربية الديدان تحتاج إلى تكاليف بسيطة وعائدها كبير جداً، ويحقق الثراء بسرعة من إنتاج الفيرمي ومن تكاثر الديدان، لافتاً إلى أنه قام بدراسة جدوى اقتصادية وتبين أن فوائده اجتماعية في تأمين فرص عمل للعائلات الريفية، وخاصة من ذوي الإعاقة، أو بعض كبار السن، ويحقق منفعة اقتصادية كبيرة، وهو ما أطلق عليه بالذهب الأسود منذ قبل الميلاد.
حسان خليفة الرجل الستيني الذي أدخل أول مزرعة لتربية الديدان إلى سورية يقول لـ«الوطن» اشتغلت في شركة أجنبية عندما كنت في الكويت في هذه المهنة منذ عام 1980، ومن ثم عملت في هذه المهنة في العراق واطلعت على تجربة تربيته في إيران، وحاولت أن أجلب معي من إيران 200 كيلو من الديدان لكن على الحدود منعونا من إخراجها لكونهم يعتبرونها ثروة، كما حاولت أن أجلب معي من العراق أيضاً لم يمنحونا الموافقة.
وأشار خليفة إلى أنه وبعد عودته إلى سورية وعودة الأمان إلى ريف دمشق قام بإنشاء مزرعته في مدينة سقبا وكانت البداية بـ150 كيلو من الديدان وبعض الشرانق في عام 2019، واليوم لديه أكثر من 1.5 طن من الديدان وإنتاجه كل 6 أشهر حوالي 20 طناً من سماد الفيرمي كمبوست، لافتاً إلى زيارة مزرعته من العديد من أساتذة الجامعات من كلية الزراعة وإجراء العديد من الاختبارات والأبحاث على منتجه، وكانت النتيجة أنه من أفضل المنتجات.
وقال خليفة انتشرت تربية الديدان في سورية خلال الفترة الأخيرة في جميع المحافظات وهناك العديد من المهندسين الزراعيين يتواصلون معي وأشرف على مزارعهم وهم ينتجون الفيرمي ويبيعونه في قراهم ويستخدمونه في مزارعهم، لافتاً إلى أنه في حال تم توفير ظروف العمل الأفضل خلال فترة قصيرة فستكون سورية مستغنية عن شراء السماد الكيماوي واعتمادها سيكون على السماد العضوي.
وبين خليفة إلى أنه شارك في معرض الباسل للإبداع والاختراع مع المهندسة صفاء شحود وحصل على المركز الأول في قسم الكيمياء، داعياً إلى تبني صناعة الكمبوست كسماد عضوي بديلاً عن استيراد السماد الكيماوي لكون فوائد السماد العضوي كبيرة على الأرض والمنتجات.
فهل سنشهد توطين تربية الديدان وقيام الحكومة بتبني هذا المشروع لإغلاق ملف استيراد السماد الكيماوي وتوفير قطع أجنبي على البلد وإنتاج منتجات زراعية صحية.