سبق أن كتبت مقالاً بالعنوان نفسه نشرته صحيفة «الوطن» بتاريخ 30 آذار 2021 حول ارتفاع الإيجارات بشكل كبير يفوق طاقة المستأجرين الذين هم بمعظمهم من ذوي الدخل المحدود، وذكرت أن إيجار بيت صغير في منطقة شعبية تجاوز ثلاثمئة ألف ليرة سورية في الوقت الذي لا يتجاوز دخل المستأجر مئة إلى مئتي ألف ليرة، وبينت مسؤولية الحكومة ومجلس الشعب في وضع الضوابط اللازمة للجم الارتفاع الجنوني لأسعار المنتجات الزراعية والحيوانية التي لا يرتبط معظم تكاليف إنتاجها بالدولار وكذلك الإيجارات التي لا يجوز بحال من الأحوال ربطها بأسعار صرف الدولار، وتمنيت على السلطة التشريعية والتنفيذية تعديل القانون بما يؤدي إلى عدم ترك تحديد الإيجارات للمالك بشكل مطلق ووضع نسب معقولة لزيادة الإيجارات بما يتناسب مع قدرة المستأجرين.
وعلى ما يبدو أن الجهات المعنية لم تهتم بهذا الموضوع الحيوي والمهم جداً لشريحة كبيرة في المجتمع التي فقدت منازلها بسبب الأزمة التي مرت بها سورية؛ رغم أن السكن لا يقل عن الغذاء والدواء من حيث أهميته في حياة الناس ومعيشتهم وقد يكون الأهم فيها.
وللأسف خلال الأشهر الماضية استمرت الإيجارات بالارتفاع دون ضوابط ودون حسيب أو رقيب، وباتت الناس في مأزق كبير يفوق الجوع والحرمان الذي تعاني منه.
إن معاناة الناس أصبحت تزداد يوماً بعد يوم، ووصلت إلى مستوى غير محتمل، ولا بد من إيجاد وابتكار حلول فعالة لتخفيف معاناة الناس من خلال منع الاحتكار والاستغلال بكل أشكاله، وعدم التراخي في معالجة قضايا الناس بجدية وسرعة.
معظم الشعب السوري أصبح بحالة اضطرته إلى الاستغناء عن الكثير من الاحتياجات الغذائية والصحية، لكنه لا يمكنه التخلي عن سكن يؤويه.
لا بد من تكريس وتفعيل مفهوم التكافل الاجتماعي ليكون الناس عوناً لبعضهم يتقاسمون تداعيات وآثار الأزمة، وهذا يتطلب عملاً دؤوباً تقوم به الحكومة والسلطة التشريعية لوضع السياسات التي تساعد على ذلك وتعديل القوانين بما يؤدي إلى منع الاحتكار والاستغلال وعلى الأخص تعديل قانون الإيجار لمنع ارتفاع الإيجارات الجنوني.
إن هذا الموضوع في غاية الأهمية والخطورة، وعلى الجهات المعنية إدراك ذلك ومعالجته قبل تفاقمه.
باحث ووزير سابق