ثقافة وفن

الأدب التوثيقيّ

| منال محمد يوسف

إنّه الأدب التوثيقيّ وجمالية بحره اللامحدود واتساع مداراته التي تُضاءُ «بمشكاة الواقعية» أولاً وأخيراً ويمتثل وكأنّه نسخةً مُصغرةً عن الماضي والحاضر إذ يُكتب بتلك المحبرة التابعة لهما ويصوّر أحداثهما المهمة.
ويضع عظمة منهجيّة الأدب التوثيقيّ بين قابيّ الشيء الموثق شفهياً وعملياً ذاك الشيء الذي يخصُّ الوطن ويرسم ملامحه في الحربِ والسلمِ ويختصر ربّما الشيء المثالي الذي يُراد اختصاره ويُختصر ربّما في عبارة «وثيقة وطن» وثيقة الشرف الأعلى أو «وثيقة الأدب» ونوره الوهّاج..
وهنا يُقصد توثيق الأدب ودوره الريّادي في أرشفة الحدث التاريخي بطريقة السهل الممتنع.
هذه الوثيقة التي يجب أن تُسمّى «وثيقة البقاء الأسطوري ونهجه الأوثق» نهجه الأبقى وأبجدياته التي تُستمد من خلال ما حصل وما يحصل بالفعل.
نهجه الأوفى الذي يحملُ رسالات إنسانية مُشرقة تتجلّى بها نطقُ الأبجدية الأولى، أبجدية الإنسان السّوريّ.
وتمتثل وكأنّها وثيقة الوجود الذي يحفظ وجه التاريخ بكل ما يحتوي، ويُحادث الإشراق ويكتبُ عهود التكوين الأولى بحبر الشيء الأدبيّ وعلائمه التي تُورث للأجيال القادمة يكتبه بحبر الأدب التوثيقيّ الذي يُظهر الدور التوثيقي ويتجلّى بأبعاد مختلفة، وقد تكون هذه الأبعاد قويمة الانتماء لكل ما هو توثيقيّ¡ ولكل ما يضع سرّ عظمته بين قابيّ التوثيق وأحكامه العُليا والمُثلى على حدٍّ سواء.
فالتوثيق يعني التحدث بلغة الأرض وما مرَّ عليها يعني مُصادقة الوقائع التي وقعت حقاً..
فالتوثيق «ضرورة أدبية ووطنية» يجب العمل عليها وبالتالي فهو يعني حفظ وقائع الحرب بلغة توثيقيّة لغة تروي ماضي الأشياء حتى وإن مضى، تجعله مُضارعاً يعيشُ معنا ومع الأجيال.
وفي هذا الإطار المهم يتم السعي لاستثمار كلِّ مشروع أدبي يهدف إلى التوثيق من خلال الأعمال الأدبية والسينمائية وهنا يُقصد بالطبع التوثيق الحقيقي الذي يأتي من الأرض ويتحدّث بلغة الوقائع التي حصلت فعلاً.
وقد تكون وثيقة وطن تخليداً لشيءٍ عظيمٍ بكل جراحاته لشيءٍ يُسطّر حقيقة نورانيّة وحياة خالدة وذاكرة وطن أو وثيقته المُثلى التي تروي قصة الحجر والبشر.
وتمنح الأدب ذلك المُسمّى «وثيقة وتتمة البقاء التاريخي الأزليّ» وتجعله يُمثّل حال الصرخة الوطنيّة بكل أبعاد ونطوق نطقها القويم الذي يظهر في أبهى تجلّياته..
ويُمثّل منهجاً قويماً لا يمكن إلاّ اللجوء إليه وأخذ نبراس العبرة الأدبية التوثيقية التي تحمل تواريخ فعليّة مُثبتة بالأدلة والوقائع الحاصلة فعلاً.
وتوّثق كلّ ما يمكن توثيقه وصياغة مجلّدات عظيمة تؤرّخ لعظمة ما يمكن أن يُقرأ بالفعل..
وهنا يجد القول بأن «الأدب التوثيقي» تتعدّد أنماطه وقد يأتي بطرق مختلفة فنقرأ بعضه في القصة والرواية وكذلك نقرأ فنّ المقالة التوثيقية وكذلك فن الشيء الذي يعتمد على صيرورة الأدب التوثيقي ونهجه الأوثق.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن كلّ «حكاية سورية» يجب أن تُكتب بحبر التوثيق الأدبيّ وجعلها تنبض بروح الحياة وديمومة التوثيق الأدبيّ وفحواه المرتجى.
حيث الرواية التي تُكتب بحبر وديمومة العطاء السّوريّ المتجدد عبر الأزمنة كما تُمثل ثقل التراكم الحضاري ومن هنا نشأت «فكرة مؤسسة وثيقة وطن» فكرة توثيق قصص الحرب ورواياته الواقعية والكتابة بمحبرة الشيء التوثيقيّ الذي يرفدُ «مشروع الشيء التوثيقيّ الريّاديّ».
ويحمي «الذاكرة الأدبية والوطنية من الاندثار» ويُشكّل منهجاً مهماً يُسمّى منهج التوثيق الأدبيّ وذاكرة وطن وفي هذا الإطار تمَ الإعلان عن «جائزة حكايتي» وهذا يدخل في إطار التوثيق الجماعي، التوثيق الذي يعتمد على ذاكرة من عاشوا بكل تفاصيلها.
«التوثيق الشفهيّ الذي يعتمد على بعض الشهادات ويُمثّل حكاية التوثيق الشفهي وأرشفة بعض أحداثه وتواريخه المهمة ويُشكّل ذاكرة حقيقية لكل من يهتم بالتاريخ والتوثيق وقد يُمثل عملاً وطنيّاً توثيقيّاً يصدح فيه «الصوت الأدبي الناطق النطوق» ويُمثّل وثيقة الدّم السّوريّ والبقاء الأسطوريّ، وثيقة التوثيق التاريخي المهم الذي يخصُّ هذا الوطن أولاً وأخيراً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن