من دفتر الوطن

المجتمع المتوتر!!

| عبد الفتاح العوض

في حال وجود شخص متوتر ضمن مجموعة فإنه يفرض إيقاعه على المجموعة كاملها، إن كان شخص واحد في مجتمع متوتراً يجعل الآخرين يتصرفون بطريقته فكيف يمكن أن نتحدث عن مجتمع «أغلبية المجتمع» يشعر بالتوتر.

لا أحد منا إلا ولديه تجاربه في العلاقة مع التوتر.. ولا يمكن الادعاء أبداً أن دواعي القلق ليست متوافرة بكثرة منذ عدة سنوات في حياة السوريين.

علماء النفس وهم يتحدثون عن أسباب التوتر يجتهدون في تصنيفها وتحديدها.. نحن لا نجد صعوبة بذلك فأي مواطن سوري تستطيع أن تجد عنده عدداً كبيراً ومتنوعاً من هذه الأسباب.

لكن لفتني تفسير عالم النفس إيريك فروم للتوتر والقلق عند الأفراد.. يذهب «إيريك فروم» إلى أن منشأ القلق يعود إلى اللحظة التي يخرج فيها المرء من طفولته الاعتمادية على والديه إلى العالم، فيواجهه بشكل مستقل بصورة تكشف له عن عجزه أمام ظروف العالم الخارجي.

الذي حدث أن الدولة الأبوية التي عشنا في رعايتها سنوات وسنوات قررت لأسباب منها ما هو موضوعي أن تقلل من «الطفولة الاعتمادية». والمشكلة هو اختيار توقيت يعيش فيه المجتمع حالة من الضعف وقلة الحيلة. بلغة أبسط وأبسط مثل أب قرر أن يقول لأولاده اذهبوا «دبروا حالكم». لا أناقش هنا الدولة الأبوية وواجب التحول عنها، إنما أتوسع أكثر في حالة التوتر في المجتمعات.

ولعل الأفراد وهم يعانون من حالات التوتر والقلق لديهم مذاهب مختلفة بالتعامل معها، ولا أدري كم نسبة السوريين الذين يستطيعون أن ينتصروا على القلق أو يضعوه في سياقه أو حتى يحولوه إلى حالة إيجابية دافعة إلى الأمام.

فلكل منا أسلوبه في مواجهة التوتر، ورغم كل الاختلافات التي تتبدى متنوعة إلا أن الأساس في إزالة أي توتر هو انتهاء أسبابه، وغير ذلك وإن كان مفيداً فليس أمام الإنسان إلا التعايش أو التكيف معه.

الفارق كبير بين التغلب على التوتر بسبب موت أسبابه ومحاولة التفاهم مع أسباب التوتر.

المشكلة الأساس في هذا الموضوع تتعلق بقدرات الفرد؟، لكن ونحن نتحدث عن المجتمع فإن الأمر يأخذ منحى آخر.

وفي حالتنا فإن أسباب التوتر في المجتمع السوري كثيرة لكن في هذه الفترة تطفو على السطح المشاكل اليومية والمعيشية.. وعلينا أن نتذكر كسوريين ولم يمض وقت لننسى أن سنوات طويلة عاشها السوري في القلق على حياته وليس على مستوى حياته!

كيف نواجه التوتر؟ سؤال من الصعب على مثلي الإجابة عنه.

لكن كثيراً من المدارس تعتبر التوتر والقلق قد يكون حالة إيجابية لأنه يجعل من البحث عن حلول للمشاكل بأقصى طاقة. وهو ما نحتاجه… أن نتعلم من الدروس القاسية التي نعيشها فالتوتر إما يجعلنا أسوأ وإما أفضل وما زال بالإمكان أن نختار الأفضل.

نقطة أخيرة.. في أوقات معينة لا نكتفي فيها عند مقاربة أوضاع المجتمع فقط بالمنطق والعقل والمعادلات الرياضية والاقتصادية رغم أهمية كل ذلك.. عندما نصاب بالتوتر والقلق نحتاج للتعاطف ولحديث الأمل وخطة – خطة – للمر الذي يمضي…. وللاستماع لبعضنا.. بحاجة إلى أن نحب بعضنا أكثر.

أقوال:

– العقل القلق ينسج دائرة من المآسي التي لا تنتهي.

– الذين لا يعرفون مجابهة القلق يموتون باكراً.

– عقولنا مخازن كبيرة يجب أن نفرغها كل فترة من الهموم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن