«هذي حكايتي» دورة ثالثة للحكاية الواقعية … د. بثينة شعبان: في كل زاوية وفي كل حيّ وفي كل قرية وفي كل مدينة قصة سورية بحاجة لمن يرويها
| الوطن - تصوير طارق السعدوني
اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة الثالثة من جائزة (هذي حكايتي) التي تنظمها مؤسسة وثيقة وطن، بحضور وزراء الإدارة المحلية حسين مخلوف والثقافة لبانة مشوح والزراعة محمد حسان قطنا والإعلام بطرس حلاق وعضو القيادة المركزية للحزب مهدي دخل الله ورئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية دارين سليمان، وعدد من أعضاء مجلس الشعب، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في دمشق، ونخبة من المثقفين والإعلاميين والمهتمين، تحدثت السيدة الدكتورة بثينة شعبان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة وثيقة وطن عن مشروع المؤسسة فقالت: «بدأنا مشروع توثيق الحرب على سورية كواحد من المشاريع الأخرى، وإذ به ينمو ويكبر من تجارب الناس المعاشة خلال هذه الحرب ليصبح «النساء في زمن الحرب، والأطفال في زمن الحرب، والفن التشكيلي في زمن الحرب، والرياضة في زمن الحرب، والإعلام في زمن الحرب، والتعليم في زمن الحرب والآثار في زمن الحرب».
وأشارت الدكتورة شعبان إلى الحرب مع العدو فقالت: «العدو منشغل بتسجيل الملكية الفكرية لمأكولات طوّرتها جداتنا على مدى قرون وعهود، وأصبحت جزءاً من حضارتنا وثقافتنا المعاشة التي نعتز بها، فبدأنا برنامجاً لتأريخ المأكولات السورية في جميع أنحاء البلاد.. كي لا يتمكن أحد من سرقتها وادعاء ملكيتها» ما يعزز ضرورة التأريخ الشفاهي وتدوينه، وأشارت إلى خطورة ما يفعله الاحتلال التركي من تغيير لأسماء القرى والبلدان كما فعل العدو الصهيوني من قبل» «محاولة لمحو الأسماء العربية التاريخية من الذاكرة واستبدالها بأسماء لا تمت إلى المكان ولا إلى هويته التاريخية بصلة… وخرجنا بفكرة خريطة تفاعلية لكل مدينة وبلدة وقرية وحي في الجمهورية العربية السورية.
وتطرقت الدكتورة شعبان إلى الخطة المستقبلية بعد أن ترسخت قيم مؤسسة وثيقة وطن «اكتشف الباحثون أمرين مهمين: أولهما أننا بحاجة إلى تطوير أدواتنا المعرفية ضمن المؤسسة، وأدوات العمل والبحث والاستقصاء، والأمر الثاني أن المقاربة لتأريخ الروايات الشفوية تحتاج إلى جرأة غير مسبوقة وتفكير نقدي يوغل بعض الشيء في ماضي الأحداث، ويتساءل: لماذا وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه؟!».
وتحدثت السيدة الدكتورة عن الإجراءات التدريبية التي بدأ العمل عليها من ترجمة لكتب متخصصة في التاريخ الشفوي، وإعداد حقائب التدريب، وعقد شراكات فعّالة مع جهات عديدة مثل سلطنة عمان التي تعتني بهذا التراث الشفوي منذ عام 2007، ومعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية لأكاديمية العلوم الروسية، وكشفت الدكتورة شعبان عن أن دورة 2022 ستخصص لطلبة الجامعات السورية بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية.
بعد ذلك تم تكــريم الســيد محمد الشحود مدير السجلات في حمص لمحافظته على السجلات ثم وزعت الجوائز على الفائزين التسعة، وكرّمت لجنة التحكيم، ومجلس الأمناء في مؤسسة وثيقة وطن، والكادر في المؤسسة.
التوثيق والأرشفة
ضمن مشروعها الوطني التوثيقي الذي أعلنته مؤسسة «وثيقة وطن» في ورقة المفهوم أشارت إلى أهمية التوثيق كغاية نهائية «يعدّ التوثيق والأرشفة وبناء قواعد المعلومات أحد أسس بناء الاستراتيجيات المستقبلية لمجتمعات العصر الحديث».
فالتوثيق والأرشفة، وبوعي مطلق أحد أسس المستقبل في العصر الحديث، ودون إهمال الجوانب التدوينية التقليدية المعروفة، فهي موجودة وثابتة ولا نقاش فيها «اكتسبت الذاكرة المدونة سمة الركود بفعل تثبيتها على الحامل الورقي ثم الرقمي لاحقاً، وهي بذلك اكتسبت صفة الديمومة».
وهذا يعني احترام المكتوب المدون، لكن من دون إهمال ما يستلزمه العصر الحديث من التوثيق والأرشفة ليصبح التاريخ مكتملاً.. تقوم رؤية المؤسسة على توثيق التاريخ والذاكرة الشفويين وهذا لا يحل محل التاريخ البحثي القائم على الوثائق والنصوص، ولكن يكمله».
التوثيق والذاكرة
لا يعرف كثيرون معنى التوثيق الشفوي، فهو عملية علمية معقدة، وتحتاج إلى مهارات كبرى، وإلى صبر وفريق عمل، وهذا ما قامت به «وثيقة وطن»، وبقيت تعمل بصمت لسنوات عديدة منذ إشهارها بإنشاء قاعدة بيانات ضخمة وموثقة تهدف إلى:
– توثيق الذاكرة الحية شفوياً وفق منهجية دقيقة.
– حفظ التاريخ المعاصر للأجيال القادمة.
– مدّ الجسور بين أصحاب الذاكرة الحية الراغبين بتوثيق ذاكرتهم.
– فتح الباب أمام أصحاب الروايات الشفوية القيمة لتوثيقها.
– إدخال التاريخ الشفوي إلى المؤسسات الرسمية والخاصة.
– بناء منهجية علمية في التوثيق الشفوي ليوثق به.
-الوصول إلى جمهور واسع يصل إلى المعلمين والمؤرخين.
– بناء أرشيف غني ومتكامل.
– إنشاء قاعدة بيانات للتاريخ الشفوي.
– إدخال التاريخ الشفوي ضمن مناهج التربية والتعليم.
– تأسيس مركز وطني للتاريخ والوثائق الشفوية.
نكتفي بهذه الجوانب التي تعنينا وتعني مراقب التراث الشفوي.
«هذي حكايتي» والذاكرة
تحتاج منا «هذي حكايتي»، فكرةً وجائزةً المزيد من الاهتمام وتسليط الضوء، فهي ليست مجرد فكرة قصة، وإن غابت القصة المدونة الأدبية عن الساحة وقتاً قد يأتي كاتب آخر أكثر عمقاً وقدرة، ولا يخسر الوطن والإنسان شيئاً، لأن الأدب المدوّن يقوم على التخييل، لكن المشكلة الكبرى عندما تموت الحكاية الشفهية أو تتلاشى، أو يغيب شهودها، من هنا تأتي أهمية حكايتي، وأهمية جائزتها فهي بالدرجة الأولى حفظ للذاكرة الوطنية، واحتفاظ بحكايات المهمشين وهم الأبطال الحقيقيون في الحياة.
وما تعيشه سورية اليوم من حرب ودمار يعزز مكانة حكايتي الشفوية، فهذه الحكاية تمثل حياة السوريين ومجريات يومياتهم، وبطولاتهم على أرض الواقع في مواجهة حرب كونية رهيبة تستهدف البشر والحجر والحضارة وكل ما يمكن أن تقابله في طريقها.. ومؤسسة وثيقة وطن إيماناً منها بالحياة الإنسانية طرحت فكرة «هذي حكايتي»، واستلهمت شهادات السوريين الذين واجهوا الحرب والقتل والدمار، وأرفقتها بجائزة لتجعل الرواية للأحداث أكثر إمكانية، وهذا ما كان، وفي السنوات الماضية استطاعت وثيقة وطن أن تجمع مئات الحكايا التي تستحق الوقوف عندها، وآلاف القصص المؤلمة، والأخرى التي تدعو إلى التفاؤل بحياة سورية والسوريين في الغد القادم، وكان نتاج ذلك قد ظهر في الدورتين السابقتين، وها هو يعزز في الدورة الثالثة، وسيستمر من خلال جهود وثيقة وطن والفريق العامل فيها من أجل حفظ تاريخ سورية المعاصر شفاهياً.
سمات «هذي حكايتي»
طرحت مؤسسة وثيقة وطن «هذي حكايتي» منذ البداية وفق رؤية واضحة تحدد المسابقة وهويتها وغايتها، ولابد من تعميم هذه الرؤية.
– الهدف: نشر وتعميق الوعي بالتاريخ الشفوي وإغناء الأرشيف المعرفي بالروايات الشفوية التي تحكي قصص وقائع شهدها كتابها أنفسهم.
– الآلية: تقبل القصص المكتوبة أو المسجلة ضوئياً باللغة العربية، بما لا يتجاوز 1000 إلى 1500 كلمة.
– معايير يجب توافرها:
1- موضوعية سرد الأحداث الواقعية.
2- المغزى الإنساني.
3- في التعبير والصياغة.
وتقسم الجائزة إلى ثلاث فئات تعتمد العمر حتى لا تحرم الشريحة الأكبر من الناس من المشاركة، فهناك قصة للشباب وللرجال ولمن تجاوز سن الرجولة، وهذا يسمح للكبار والمثقفين وغير المثقفين والرجال والنساء بالمشاركة في هذه الجائزة، فقد تأتي القصة الشفاهية المهمة من امرأة غير مثقفة تجاوزت الخمسين.
إنها ذاكرة سورية التي تستحق الاهتمام والتدوين.
الدورة الأولى 2019
الدورة الأولى لجائزة «هذي حكايتي» كانت عام 2019 وفق قرار مجلس الأمناء وقد قدمت آلاف القصص، وكانت النتائج مبشرة لمتابعة المسابقة فقد فاز في الدورة الأولى:
حنين نبيل القبة، مجد الدين كمال عيد، دانا شاويش، نجلاء سعيد، رحمة زعموط، عزام حسين العلي، فراس القاضي، تامر دباس، وسيم فايز مصطفى، محمد جمال شحود، رنده القاسم، مارتن ترمس ترمس.
الدورة الثانية 2020
عقدت الدورة الثانية في أجواء تنافسية عالية أيضاً وبعد التحكيم فاز بالجائزة:
جوى طلال سليم، عبير رياض أسعد، فوزي عثمان، علي عاموده، محمد علي، سفانة أبو اللبن، كارولين جوزيف حزكور، رياض أحمد، حسان جواد، إسماعيل محمد إسماعيل، عامر مجيد آغا، شكران بلال. والفائزون ضمن الشرائح المتعددة للجائزة، وقد قامت مؤسسة وثيقة وطن بطباعة الدورتين في كتاب لائق.
الدورة الثالثة 2021
استمرت وثيقة وطن في دورتها الثالثة، ومن خلال مجلس الأمناء ولجنة التحكيم، والعمل الدؤوب فازت الأسماء التالية:
الفئة الأولى: باسم فطيمة، آية آغا الأيوب، وئام محمد الدخيل.
الفئة الثانية: أسامة الحداد، حاتم إسماعيل سليمان، ديانا خضر السلامة.
الفئة الثالثة: خالد المفلح، ميادة شيبان، محمد عامر المارديني.
وقد تــوزعت أســـماء الفائــزيـن على مساحة القطر، كما كانت الحكايات الكثيرة قادمة من كل مكان في سورية.