أرجو من القراء الأعزاء النصيحة بموضوعات على الإعلامي أن يكتبها ويعبر فيها عن قضايا الناس والمشكلات التي يواجهونها في الحياة، شريطة ألا تكون نصائحهم فخاً ينصبونه لي عن غير قصد!.
فالكتابة تشبه السير على حد السيف، وأي خطأ هنا أو غلط هناك قد يودي بالكاتب إلى التهلكة وبئس المصير.
بصراحة أنا في حيرة من أمري، فهل أكتب عن الواقع المعيشي الذي تواجهه معظم فئات الشعب بصبر تارة وتذمر تارة أخرى؟ أم أكتب في الاقتصاد والسياسة والرياضة والفن والأدب وقلة الأدب، فكلها مجالات تفتح لي أبوابها كي أدخل إليها بسلام ويسر وسهولة؟
وعلى ذكر قلة الأدب يقال إن أديباً مصرياً كبيراً كان يقود سيارته «الفولكس فاغن» أي الزلحفة كما يعرفها السوريون، وعندما وقف على الشارة الحمراء وقفت بقربه سيارة «مرسيدس تمساح» وكانت تقل راقصة شهيرة فنظرت إلى الأديب الكبير وقالت ضاحكة: يا أستاذ.. هل لاحظت الفارق بين الأدب وقلة الأدب؟ في إشارة إلى السيارتين وإلى أن الرقص يطعم الكباب والكفتة والكافيار وكل طيبات الدنيا وأن الأدب لا يطعم الأديب حتى «الطعمية»؟!
المهم ملاحظة الراقصة صحيحة تماماً، وكان علي أن أبدأ زاويتي هذه بالحديث عن الأدب وقلة الأدب، لكنني أردت الاستنجاد بالقارئ الكريم كي يقدم لي عناوين عريضة تكون صالحة لزوايا صحفية تشبه «فشة الخلق» وتقدم للمسؤول الذي قد يقرأ كلامي ولو مصادفة باعتباره لا يستطيع إيجاد عشر دقائق من وقته لقراءة ما تكتبه صحافتنا، ويكتفي بما يصله مختصراً جداً له علاقة بمهامه وسلطته!.
كثيراً ما أستشهد في كتاباتي بالأغاني والشعر والموسيقا والأدب، ربما كي أهرب من موضوع شائك أخشى أن يسبب لي مشكلات وعداوات في حال كتب عنه مدحاً أم ذماً، لذا تكون «الهريبة تلتين المراجل» كما يقال، وأنا في غنى عن أي مساءلة بعد هذا العمر المديد!.
ومادمت جئت على ذكر الغناء فأرى أن أطرح سؤالاً بسيطاً: بعيداً غن الأغاني الوطنية الفاقعة التي تسمي الأشياء بمسمياتها وتكون مباشرة أكثر من اللازم، هل هناك أغان تتحدث عن قضايا تهم الإنسان كإنسان من دون النظر إلى جنسه ودينه وبلده وانتمائه؟
لعل أغنية الفنانة اللبنانية كارول سماحة التي تحمل عنوان «بصباح الألف الثالث» تغرد وحيدة في سماء الفن العربي، ودعوني أذكركم ببعض كلماتها.. فهي تتحدث عن الجوع وبكاء ودموع وعن الأطفال المشردين وتدعو إلى إنهاء الحروب تقول:
أنت مين أنا ما بسأل, لكن حسنك قالي مين, ولا بعرف أي لون وأي دين, بعرف أنك خيي خيي بالإنسانية
نريد أغاني عن الإنسان والحريات تدعو إلى إنهاء الحروب والقتل على الهوية والانتماء الديني والوطني والحزبي.. أغاني عن الأطفال المعذبين على كامل مساحة كرتنا الأرضية، فهل من يسمع الصوت ويعمل على تطوير الأغاني والأفكار كي تصبح أكثر إنسانية؟
كل ما تقدم كان مجرد أفكار مبعثرة كل فكرة منها جرّت فكرة أخرى مرتبطة بها، وأنا متمسك بهذه الأفكار وتسلسلها، ولو كانت مبعثرة كالكلمات المتقاطعة!