أوباما دافع عن استراتيجيته ضد الإرهاب.. وبوتين يحرج المضيف التركي بصور تجارة نفط داعش … لا اتفاق روسياً أميركياً في قمة العشرين بشأن الإرهاب أو الحل في سورية
وكالات :
انفضت قمة مجموعة دول العشرين في تركيا بعد أن أضحت المجموعة أوسع منتدى سياسي عالمي، لا اقتصادي فحسب. البيان الختامي أكد هذا التحول. وبعيداً عن اللقاءات الثنائية المكثفة التي عقدت على هامش القمة، خرج الزعماء ليوضحوا مواقف دولهم، وليبوحوا بما تداولوه خلالها، وبالأخص استمرار الخلافات بشأن سبل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أثبتت الأحداث «صوابية» رؤيته حيال الإرهاب وأخطاره، اعتبر أن شن حملة مشتركة بين الجيش السوري والمعارضة السورية ضد داعش يمكن أن يكون أساساً جيداً للتسوية السياسية المقبلة. وكشف أنه قدم لنظرائه خلال القمة، معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب تشمل أشخاصاً في أربعين دولة بينهم أعضاء في «مجموعة العشرين»، وعرض عليهم صوراً فضائية تظهر أبعاد اتجار داعش بالنفط، إلا أنها أحرجت المضيف التركي والطرف الأميركي الذي لا يكل عن اتهام دمشق بالمتاجرة بالنفط مع التنظيم المتطرف!
بدوره، دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إستراتيجيته لمحاربة داعش. أما تركيا فقد تراجعت عن مشروعها التدخل في سورية برياً. وظلت الخلافات بشأن مستقبل الرئيس بشار الأسد قائمة حتى بعد القمة.
البيان الختامي
وصدر البيان الختامي لقمة أنطاليا بعد يومين من الاجتماعات المكثفة، التي هيمنت عليها هجمات باريس، ونتائج اجتماع «فيينا 2» بشأن التسوية السياسية للأزمة السورية.
ووعد قادة المجموعة بتشديد السيطرة على الحدود وزيادة تبادل معلومات المخابرات والتضييق على تمويل الإرهابيين. ودانوا في بيانهم، بحسب ما نقل موقع «روسيا اليوم»، «بأشد العبارات الهجمات الإرهابية البشعة التي ضربت باريس وأنقرة»، واصفين إياها بـ«إهانة غير مقبولة» للبشرية جمعاء، وشددوا على أن «الإرهاب لا يمكن ولا ينبغي أن يرتبط بأي دين أو أمة أو حضارة أو جماعة عرقية».
واعترف البيان بزيادة انتشار المنظمات الإرهابية على مستوى العالم، مشيرين إلى أن «الأعمال الإرهابية تقوض التدابير الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتهدد الجهود الجارية لتعزيز الاقتصاد العالمي وتحقيق التنمية المستدامة».
بوتين
وفي أعقاب مشاركته في أعمال القمة، قال بوتين خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة أنطاليا التركية: «ناقشنا الحاجة إلى تنفيذ القرارات ذات الصلة، المتخذة من قبل مجلس الأمن الدولي، الذي اعتمد بناء على المبادرة الروسية من أجل منع تمويل الإرهاب والحد من التجارة غير المشروعة بالقطع الأثرية، المسروقة من قبل الإرهابيين من الأراضي، التي يستولون عليها».
وأضاف الرئيس الروسي، بحسب موقع «روسيا اليوم»: «عرضت على زملائنا كذلك صوراً من الفضاء والطائرات تبين بوضوح أبعاد تجارة النفط ومشتقاته غير الشرعية، حيث تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مد البصر وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر. ويبدو ذلك كأنظمة أنابيب نفط».
ولفت إلى أن روسيا أظهرت خلال قمة العشرين أمثلة لتمويل الإرهابيين في سورية من قبل أشخاص من 40 دولة، بما فيها دول من «مجموعة العشرين».
من جهة أخرى، دعا الرئيس الروسي إلى وقف النقاشات حول مدى فعالية النشاط الروسي والتحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة داخل سورية، وتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب.
وأضاف بوتين، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية: «لقد تحدثت تحديداً عن هذا الأمر خلال جلسة الأمم المتحدة احتفالاً بعيدها السبعين، والأحداث المأسوية التي تلت ذلك أثبتت أننا كنا على صواب». واعتبر أن «فرنسا هي إحدى الدول التي تبنت موقفاً متشدداً حيال رحيل الرئيس (بشار) الأسد شخصياً. لقد سمعنا مراراً من أصدقائنا الفرنسيين أن حل مسألة رحيل الرئيس الأسد شرط مسبق لأي تغييرات سياسية». وتابع: «لكن هل حمى هذا باريس من اعتداء إرهابي؟ كلا».
وفي اليوم الأول، للقمة بحث قادة دول العشرين مستقبل الرئيس الأسد في العملية السياسية، خلال اجتماع ناقش الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن موفدة الكرملين إلى قمة العشرين سفيتلانا لوكاش.
وأضاف بوتين: «بالنسبة لي لا يجب أن نضع في أولوياتنا مسائل هي بطبيعتها ثانوية! أول ما يجب القيام به هو توحيد جهودنا في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية. ويجب على هذا الأساس الاتفاق على إصلاح سياسي» في سورية.
وأعرب عن استعداد روسيا لدعم المعارضة المسلحة لبدء أعمال عسكرية فعالة ضد المنظمات الإرهابية، وقبل كل شيء ضد داعش. وأشار إلى أن الحرب المشتركة بين الجيش السوري والمعارضة السورية ضد داعش من الممكن أن تصبح أساساً جيداً للتسوية السياسية القادمة. وقال: «يتخيل لي أنه من الممكن أن يصبح ذلك قاعدة جيدة وأساسا جيداً للعمل القادم على ساحة التسوية السياسية».
وبحث بوتين أمس المسألة السورية، مع كل من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الإثنين إن اجتماع الأحد مع أوباما كان بناء لكنه لم يسفر عن انفراجة.
أوباما
من جهته، دافع أوباما عن إستراتيجيته لقتال داعش، بعد أن أقر بتعرض الحرب على داعش لـ«انتكاسات»، معتبراً أنها «تملك أفضل فرصة للنجاح» على الرغم من أنها «ستستغرق وقتاً». وبين بحسب ما نقلت وكالة «رويترز»، أن الولايات المتحدة لم تهون من شأن قدرات التنظيم لكن كان لديها «وعي شديد» عن قدرة داعش على شن هجمات في الغرب، لافتاً إلى أن إيقاف التنظيم أمر صعب لأن التنظيم لا يخوض «حرباً تقليدية».
وبين الرئيس الأميركي في مؤتمر صحفي بعد القمة، أن إستراتيجيته في القتال ضد داعش لا تهدف إلى استرداد أراض يسيطر عليها التنظيم، بل إلى تغيير المعطيات التي منحت «لمثل هذا النوع من الجماعات العنيفة المتطرفة» فرصة الظهور. وتابع: «نستطيع استرداد أراض وما دمنا نحتفظ بقواتنا هناك سنكون قادرين على الاحتفاظ بتلك الأراضي.. لكن هذا لن يحل المشكلة الأصلية المتعلقة بالقضاء على المعطيات التي تفرز هذا النوع من الجماعات العنيفة المتطرفة»، وأكد على مشاركة المدنيين في العراق وسورية لنبذ التطرف الفكري. وشدد أوباما على أن إرسال قوات برية بأعداد كبيرة لقتال داعش خطأ، وأكد أن بلاده ستكثف ضرباتها الجوية على مواقع التنظيم وتزيد تسليح وتدريب القوى المعتدلة في سورية، داعياً الدول إلى زيادة مشاركتها في المعركة ضد المتطرفين. ومن جهة أخرى شدد على أن الرئيس الأسد لا دور له في مستقبل سورية.
وبدوره، أعلن وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو أن قمة العشرين لم تناقش احتمال شن عملية عسكرية برية في سورية وإن تركيا لا تخطط لتقوم بهجوم كهذا بنفسها، لافتاً إلى اتخاذ بلاده تدابير أمنية ضد «داعش»، وقال: «يمكن أن تكون هناك عمليات عسكرية محدودة»، دون الإفصاح عن ماهيتها.
واعتبر أن الرئيس الأسد سيغادر السلطة، وفق التاريخ، والشكل الذي تتوافق عليه الأطراف المعنية، وفقاً لوكالة «الأناضول» التركية للأنباء.