سورية

اطمأنوا لوعود واشنطن المضللة وضربوا عرض الحائط بالجهود الروسية … نزعات متزعمي «قسد» و«مسد» تنسف الحوار مع دمشق

| حلب- خالد زنكلو

بدافع الأحلام الانفصالية والاستئثار والاستفراد بثروات مناطق نفوذهم شمال وشمال شرق سورية عبر استغلال وجود الاحتلال الأميركي فيها، وضع مسؤولو ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» وذراعها السياسية ما يسمى «مجلس سورية الديمقراطية- مسد» الحوار مع دمشق على رف الإدارة الأميركية التي لا تعير اهتماماً لتقدمه ونتائجه بعد أن اتخذت قراراً، كما يبدو، بإبقاء الوضع في تلك المناطق على ما هو عليه، على الأقل في المرحلة الحالية.

وبضرب المتزعمين الجهود الروسية، التي علقت الآمال واسعة على جولتين من مفاوضاتها مع «مسد» في موسكو منذ أيلول الماضي، أعاد هؤلاء سيرتهم الأولى بوضع العربة أمام حصان الحوار مع الحكومة السورية عبر الشروط المسبقة التي كانوا يطالبون بإزالتها، بزعم أنها لا تنسجم مع مقدمات الحوار الذي ارتقب طويلاً لإيجاد حل دائم لأهم جزء من الجسد السوري النازف.

ورأى مراقبون للوضع في مناطق سيطرة ما تسمى «الإدارة الذاتية» الكردية، لـ«الوطن» أن تصريحات متزعم «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة التنفيذية لـ«مسد» إلهام أحمد في الاجتماع السنوي لـ«الإدارة» السبت الماضي في الرقة، صعدت من مواقفهم المناهضة للحكومة السورية والرافضة للحوار معها، ونسفت الآمال التي كانت معقودة على الوساطة الروسية في تفعيل الحوار.

وأوضح المراقبون، أن حديث المتزعمين عن حوار من دون شروط لم يكن جدياً، في انتظار انكشاف موقف الإدارة الأميركية من الغزو التركي ومن انسحاب جيش الاحتلال الأميركي من مناطق شرق الفرات، وليضعوا شروطا مسبقة للحوار لا تتواءم مع الثوابت الوطنية للدولة السورية، وليقعوا في فخ ومتاهة التطمينات الأميركية المؤقتة والمتبدلة بتبدل مصالح واشنطن في المنطقة والعالم، فأداروا ظهرهم للحليف الموثوق روسيا الساعي إلى إيجاد مخرج وحل مستدام لمستقبل «الإدارة الذاتية»، والتي ما زالت تضع أجندتها الانفصالية في مقدمة اهتماماتها واعتباراتها السياسية في علاقاتها مع الخارج، ومنها بعض العواصم الأوروبية.

وأشاروا إلى أن متزعمي «قسد» و«مسد» أضاعوا مجدداً بوصلة تحقيق تقارب مع الحكومة السورية، بدا أنه في متناول اليد مع ازدياد حدة تهديدات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان باحتلال مناطق هيمنتهم، قبل أن تنكفأ المساعي الروسية إلى مربعها الأول، مع تصعيد المواقف والتصريحات الأخيرة لهؤلاء وانجلاء رغبة الإدارة الأميركية بابقاء الوضع على ما هو عليه شرق نهر الفرات، في ظل عدم وجود توافق مع الكرملين بخصوص مستقبل تلك المناطق.

ونوهوا بأن المتزعمين تجاهلوا تذبذب الموقف الأميركي وتضحية إداراته المتعاقبة بحلفاء الأمس، وما الساحة والمشهد الأفغاني إلا آخر دليل على ذلك.

ولفتوا إلى أن بقاء جيش الاحتلال الأميركي بين ظهراني مناطق نفوذ «قسد» لن يدوم، وما طلب واشنطن أخيراً منها بالاعتماد على ذاتها سوى مؤشر في هذا الاتجاه عليهم قراءته جيداً قبل أن يغوصوا في متاهة تصوراتهم وطموحاتهم بالانفصال عن الدولة والجسد السوري والاصطياد في ماء مواقف الإدارة الأميركية العكر الرافض لإيجاد حل للأزمة السورية بالتوافق مع روسيا، على الرغم مما أثير عن توافر «غطاء» أميركي للرعاية الروسية في الملف السوري الشائك إبان التسريبات التي صدرت عن المفاوضات السرية بين مبعوثي الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن في جنيف.

وأعرب المراقبون عن اعتقادهم، بأن المتزعمين الأكراد يصرون على ابتزاز الحكومة السورية طالما بقي الاحتلال الأميركي في مناطق سيطرتهم، في مسعى للحصول على تنازلات منها، قدر الإمكان، في أي جولة مفاوضات محتملة معها، متناسين جدية موسكو برعاية الحوار وتعهدها بتقريب الرؤى وجسر الهوة بين مواقف الطرفين. وأشاروا إلى أن استبعاد معبر اليعربية من «الملف الإنساني» للأمم المتحدة، وفق مطالعة أمينها العام أنطونيو غوتيريش الأخيرة في مجلس الأمن، يجب أن يؤخذ بحسبان المتزعمين قبل استمرار رهاناتهم الخاطئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن