شهدت الساحة الدرامية هذا العام وجود عدة أعمال درامية مهمة وخاصة السورية والسورية المشتركة حيث قدمت الدراما حكايات قوية قادرة على المنافسة عربياً، كما قدم ممثلوها أدواراً درامية مهمة جداً سواء كانت ضمن الأعمال السورية الخالصة أم المشتركة.
ولم يكن الموسم الرمضاني هو الملعب الوحيد فقط للأعمال الدرامية هذا العام، بل قُدمت أعمال خارج السباق الرمضاني استطاعت من خلاله كسب الرهان على أن الأعمال الإبداعية لا تحتاج لموسم رمضاني كي تنجح، بل إنها قادرة على الوصول إلى الجماهير بكل الأوقات.
«على صفيح ساخن» نسب مشاهدة عالية
وإذا أردنا الحديث عن الأعمال السورية التي نالت أكثر نسب مشاهدة وفق تصنيفات المحطات التلفزيونية، نرى أن مسلسل «على صفيح ساخن» لكاتبيه «علي وجيه» و«يامن الحجلي» قام بعرض قصة مبتكرة وجديدة لم يسلط الضوء عليها من قبل، حيث كتبت حكايته بإبداع وإتقان من الدرجة الأولى، وصنف العمل من المتابعين على أنه عمل مميز وفريد ولكنه موجع بعض الشيء كونه استطاع أن يلقي نظرة على حياة «النباشين» ضمن سياق درامي محكم، لكن العمل لم يخلُ من بعض الانتقادات التي وجهت له، حيث اعتبر البعض أن العمل سلط الضوء فقط على حياة النباشين السيئة ولكنه لم يقدم الحل الأنسب لمعالجة حياة هؤلاء الأشخاص وخاصة الأطفال منهم، إضافة إلى عدم كشفه عن أسباب الفساد التي أوصلت هذه الفئة إلى الأوضاع الصعبة التي تعيشها ضمن أطنان من القمامة.
«٢٠٢٠» نهاية غير مقنعة
أما مسلسل «٢٠٢٠» لكاتبه «بلال شحادات» فقد حقق نجاحاً هائلاً ونسب مشاهدة مرتفعة، كما تفاعل الجمهور وبشكل كبير مع بطليه «قصي خولي» بشخصية «صافي» ونادين نسيب نجيم بشخصية «المقدم سما» المتنكرة بشخصية الفتاة الطيبة «حياة»، ولكن العمل أيضاً لم يسلم من الانتقادات حيث اعتبر الجمهور نهاية العمل كانت غير مقنعة وخاصة أنها كانت نهاية مفتوحة ولم يعرف مصير شخصية «صافي» ما رجح البعض أن العمل له جزء ثانٍ.
من خارج السباق الرمضاني «الهيبة» يحصد نجاحاً وانتقاداً
ومن الأعمال التي لاقت رواجاً عند المتابع ومن خارج السباق الرمضاني كان مسلسل «الهيبة» بجزئه الخامس والأخير من بطولة «تيم حسن» والسنديانة الدمشقية «منى واصف»، ولا يمكن لأحد أن ينكر النجاح المبهر الذي حققه العمل على مدى خمسة أجزاء، حيث أصبح هذا العمل هو حكاية تنتشر في جميع الدول العربية، لكن على الرغم من نجاح العمل إلا أنه واجه انتقادات لاذعة لكون البعض صنفه بأنه يشجع على الفتنة والحروب واستخدام الأسلحة.
الأعمال الدرامية تتجاهل الحلول
وإذا أردنا الحديث عن الأعمال التي ذكرت سابقاً نرى أنها كانت تروي قصصاً وحكايات موجودة في حياة الواقع، لكن هذه الحكايات لم تعرض سوى نماذج قليلة، وتجاهلت أن تسلط الضوء على الأسباب والدوافع التي جعلت الشخصيات البطولية في العمل تتجه نحو التصرفات السيئة أو الخاطئة مثلما صنفها الجمهور.
الانتقادات حالة نجاح أم فشل؟
ونعلم جيداً بأن الانتقادات التي توجه للعمل هي نتيجة المتابعة الحثيثة من الجمهور، وفي بعض الأحيان يعد الانتقاد دليل نجاح أيضاً، وللتأكد من جهة مهنيته فيما إذا كان هدف الأعمال الدرامية بشكل عام هو فقط تسليط الضوء على قضية معينة وتجاهل الحل الذي يعالج هذه القضية. تواصلت «الوطن» مع الكاتب «مؤيد النابلسي»، الذي أكد على أن النقد يوجه لأي شيء، ومن الطبيعي أن يوجه للدراما، مبيناً بأن الظروف المحيطة لها تأثير على الدراما ولا أحد يستطيع أن يصنع عملاً كاملاً متكاملاً، لافتاً إلى أن أي عمل يتعرض للنقد فهو بالتأكيد استطاع أن يحقق نجاحاً لافتاً ما جعل الأنظار تتوجه نحوه.
كما أضاف النابلسي بأن الدراما لا يعد هدفها الأساسي في بعض الأحيان معالجة القضايا، لكنها تقوم بدور جوهري وهو قيامها بتسليط الضوء على قضايا وأفكار يجب أن تعالج ضمن المجتمع، كما أوضح أن الدراما في أحيان أخرى يكون هدفها التسلية ومن الصعب مطالبة جميع الأعمال بأن تقوم بمعالجة المشاكل، لأنه ليس من الضروري أن تكون وجهة نظر العمل هي الصحيحة لذلك من الأفضل أن تقوم الدراما بتسليط الضوء على قضايا متعددة.
«السنونو» خيبة أمل بعد انتظار طويل
وبما أن الجمهور هو الحكم الأول والأخير على أي عمل درامي، فلم يسلم مسلسل «السنونو» للقدير ياسر العظمة من انتقادات الجماهير اللاذعة، التي اعتبرت أن العمل لم يكن وفق المطلوب، خاصة أن العظمة قدم نفسه من خلال هذا العمل بشخصية وحيدة ما جعل الجمهور يطرح مقارنة بين هذا العمل وسلسلة مرايا الشهيرة الذي استطاع من خلالها الفنان «ياسر العظمة» تقديم شخصيات متفردة ومميزة، كما وُصفت أيضاً الحبكة الدرامية بأنها غير متجانسة، ما جعل الكثيرين يشعرون بأن العمل ممل وغير شائق، ولمعرفة السبب الحقيقي وراء عدم نجاح العمل، تواصلت «الوطن» مع الممثل «بشار إسماعيل» الذي كان من المشاركين في العمل، حيث اعتقد إسماعيل أن عملية الإخراج لم تكن بالمستوى المقبول ولم يستطع المخرج أن يجسد الأفكار بالطريقة الصحيحة، مبيناً أيضاً بأن الجمهور بات متعوداً على القدير ياسر العظمة بشخصيات «مرايا» المختلفة وهذا كان له أثر على تقبلهم لهذا العمل، حيث لم يستطع الجمهور أن يفهم المعنى الحقيقي للعمل.
مضيفاً بأن عمل «السنونو» لم يكن يحمل الجرعة الكوميدية العالية التي كان يتوقعها الجمهور، لافتاً إلى أن الفكرة والرسالة الرئيسية للعمل لم تصل حتى مع انتهاء الحلقة الأخيرة، حيث أوضح بأن فكرة النص جميلة واسم السنونو يحمل معنى جميلاً، مبيناً أن طائر السنونو يهاجر في كل موسم شتاء ويعود مع بداية الصيف إلى موطنه الأساسي، وهذا الأمر الذي كان يسعى إليه الفنان ياسر العظمة حينما شبه الشعب السوري المهاجر بطائر السنونو الذي سوف يعود لوطنه بعد سنوات من الحروب والأزمات التي واجهتها سورية.