منشآتنا الرياضية بين الإنشاء والصيانة.. حضر الإهمال وغابت الضمانة وملاعبنا أشبه بالمرعى
| مهند الحسني
على الرغم من الجهد الكبير الذي يبذله المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام والمتابعة الحثيثة من أجل ضخ الدماء في النشاط الرياضي، وتوفير متطلباته والتركيز الكبير على الاهتمام باحتياجات المدن والمنشآت الرياضية على امتداد وطننا الحبيب، ورغم الفترة القصيرة نسبياً إلا أن نسبة الإنجاز مقارنة بالزمن تعد قياسية ومبشرة، إلا ملفاً واحداً ما زال عصياً على الحل رغم أهميته والحاجة الماسة لاستخدامه في النشاط الرياضي وتوفير احتياجات الأندية واللاعبين واستقبال تدريباتهم.
حقائق ولكن
لم يشأ القائمون على رياضتنا أن تكتمل فرحة عشاق ومحبي السلة السورية، ولم يرغبوا في أن يكملوا واجبهم وأن يخرجوا عن طقوسهم المعتادة، فإذا كانت العوامل الجوية سبباً في خراب الملاعب العشبية فلا بد حينها أن نجد حجة لسرقة الفرحة من الصالات الخشبية، ولأن صالة حلب العملاقة باتت صرحاً حضارياً كبيراً لمدينة تستحق المزيد والكثير لكونها أحد أهم روافد منتخباتنا الوطنية بجميع الألعاب الرياضية، ولكن الإهمال الممتد من صالة حمص المنارة بأضواء الشمع ولمبات السوزوكي والمدفأة بأنفاس اللاعبين وتصفيق الكفوف، فقد كانت لمسة الصيانة العصماء حاضرة في افتتاح الصرح المنتظر ورافقت الجماهير وحرمتهم الفرحة في أثناء سير مجريات مباراة الاتحاد وضيفه الجيش ضمن مباريات الدوري العام لكرة السلة، فظهرت الصالة كعروس من دون طرحة.
صالة رياضية بهذا البهاء والجمال كلفت المليارات وانتظرها عشاقها لعقود وسنوات طويلة، أخفق مهندسوها وراعوها ومشغلوها في الإقلاع بلوحتها الإلكترونية في موقف لا مبرر له سوى الفشل وعدم القدرة على العطاء، فكانت الصالة كمكوك الفضاء المنتظر الذي غادر منصته باتجاه الأرض بدل السماء.
رجاء ارحموا عقولنا واتقوا اللـه في أموالنا، وابتروا الأيدي الفاسدة وحاسبوا المقصرين وصفقوا للمخلصين.
أموالنا قليلة ورياضتنا فقيرة ولا دماء في عروقها ليمتصه العلق.
ملفات ساخنة
ملفات كبيرة ومشاكل كثيرة بين تكرار صيانة صالة الفيحاء خلال أشهر قليلة من دون بيان أسباب التقصير، وبين منشآت شهيدة في حمص العدية إلى ملاعب الطين والزلق في ساحلنا المعطاء إلى ملاعب الرمال ومدرجات الخراب في المنطقة الشرقية ليصل الإهمال إلى قلعة الرياضة السورية.
أين المحاسبة ومن المقصرون وكيف خلط البعض الرمل بالعجين واللوز والتين على حساب جمهورنا المسكين؟ وإذا كان الفشل الفني عنوان رياضتنا فلا بد أن يكون للمنشآت حصتها من هذا الفشل، ولكن الجهابذة والمخططين غاب عنهم أن بناء الإنسان قد يستغرق عقوداً على حين تتكفل بعض السنوات ببناء المنشآت.
خبيزة وجرجير
لم يتوقف الإهمال والفساد عند حدود اللوحات الإلكترونية في صالاتنا، وإنما هناك مشاهد بتنا نراها في ملاعب كرة القدم يندى لها الحبين من سوء أرضية الملاعب وتحولها إلى شبه مستنقعات يملؤها الوحل، ومن يتابع صفحات أندية دوري المحترفين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يسمع ويشاهد قيمة عقود اللاعبين والمدربين، ومن لا يعرف حقائق الأمور يظن أن الدوري السوري بكرة القدم في طريقه لمنافسة الدوري الإسباني والألماني والإيطالي، ولكن عندما تتابع مباراة واحدة في أي محافظة من المحافظات تشاهد تجاعيد الشيخوخة التي أصابت الملاعب والهضاب والتلال فيما يسمى عشب طبيعي تجاوزاً.
حزينة هي كرة القدم التي تركلها أقدام اللاعبين على ملاعب بهذا السوء، وكاذب من يقول إنه بالإمكان أحسن مما كان، وفاشل من لا يملك الجرأة على محاسبة المتعاقدين المقصرين في تنفيذ عقود صيانة الملاعب.
باقات من النعنع والخبيزة والجرجير والبقدونس نبتت في زوايا الملاعب، ويبدو أن رياضتنا سيكون مصيرها التلف في حال بقيت الأمور على حالها من دون حلول جذرية ناجعة.
خلاصة
اعترفوا بتقصيركم وعقمكم الفني والإداري وتوجهوا لبناء الرياضة من خلال توفير احتياجات منشآتها، وتذكروا بأن كلمة لاعب ملازمة لملعب، وبأن كلمة سباح لصيقة بالمسبح، وبأن غياب المنشآت وتجاهل الفاسدين لن يتقدم برياضتنا قيد أنملة ولا لمسافة جناح فراشة، ترتيب الأولويات من أساسيات النجاح والعمل، ومن يعجز عن تشغيل لوحة إلكترونية لصالة بهذا الحجم والتصميم والأهمية، فليجلس في بيته أو خلف القضبان، لأن مسؤوليته تتراوح بين الفساد والإهمال.