اقتصاد

أزمة جديدة تنتظر الحكومة التركية في عام 2022.. معدل التضخم الحقيقي ضعف المعلن من مؤسسة الإحصاء التركية … خبراء: إجراءات الرئيس التركي الجديدة للدعم النقدي تدابير مؤقتة لن تساهم في تحسين الليرة والاقتصاد المنهار

| الوطن

عمت تركيا اضطرابات سياسية واجتماعية، خلال عام 2021، بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، القائمة على خفض أسعار الفائدة بهدف زيادة الإنتاج والتصدير، وتخفيض حجم الاستيراد؛ ما أدى إلى تهاوي العملة الوطنية إلى مستويات قياسية.

فقدت الليرة التركية نحو 130 بالمئة من قيمتها، خلال عام 2021، بعد أن خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس، اعتباراً من أيلول الماضي؛ ما نتج عنه تجاوز سعر صرف الدولار الـ18 ليرة.

ويرى محللون اقتصاديون في انهيار الليرة التركية، محركاً للاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال العام، الذي أوشك أن ينتهي.

قال الخبير في العلوم السياسية والاقتصادية، البرلماني السابق أوغوز أويان، لوكالة «سبوتنيك»، «هناك نقطتا تحول في أزمة انهيار الليرة التركية؛ الأولى إقالة رئيس البنك المركزي السابق ناجي أغبال، بعد رفعه أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في آذار الماضي، وتعيين شهاب كافجي أوغلو بدلاً منه، ما أثار أزمة العملة وزيادة أسعار الصرف».

وأضاف: «استقرت أسعار الصرف فترة طويلة بعد قرار رئيس البنك المركزي الجديد، كافجي أوغلو، إبقاء أسعار الفائدة ثابتة وأعلى من معدلات التضخم؛ لكن أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الليرة التركية بدأت بالارتفاع بشكل خطير، بعد تصريح كافجي أوغلو، حول أخذ معدلات التضخم الأساسي بالحسبان، عند تحديد أسعار الفائدة، وخفضها 400 نقطة أساس، من 19 إلى 14 في المئة؛ ما أدى إلى هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية».

وقد أدى ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية إلى زيادة معدلات التضخم أكثر مما هو متوقع، أواخر العام؛ ما «دحض» نظرية أردوغان، القائمة على أن الفائدة المرتفعة هي سبب ارتفاع معدلات التضخم.

ووصل مؤشر أسعار المستهلك إلى 21.31، ومؤشر أسعار المنتج إلى 54.7 على أساس سنوي، في تشرين الثاني الماضي.

وفي هذا الصدد، قال أويان، «إن الفرق بين مؤشر سعر المستهلك والمنتج أكثر من الضعف، وسعر مؤشر المنتج المعلن هو الأقرب للحقيقة؛ ومن الممكن القول إن التضخم المكبوت (المقيد) هو سعر مؤشر المنتج، الذي بلغ 54.7 بالمئة».

وأشار أويان إلى أن المجموعة المستقلة لأبحاث التضخم أعلنت أن معدل التضخم السنوي الحقيقي هو 58.7 بالمئة؛ أي ضعف المعدل المعلن من مؤسسة الإحصاء التركية.

وتوقع ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 30 بالمئة؛ موضحاً بالقول، «في حال أعلنت مؤسسة الإحصاء التركية، في 3 كانون الثاني المقبل، معدل التضخم لشهر كانون الأول، 10 بالمئة، سيرتفع معدل التضخم إلى 30 بالمئة على أساس سنوي؛ وهذا يعني أن مخزون التضخم سينتقل إلى عام 2022».

وتابع، «ينتظرنا عام جديد ترتفع فيه أسعار مؤشر المنتجين أكثر من أسعار المستهلكين، نظراً لانعكاس أسعار المنتجين على المستهلكين. وفي حال ارتفعت معدلات التضخم إلى 30 بالمئة، سيقوم البنك المركزي بزيادة الفرق بين أسعار الفائدة البالغة 14 بالمئة، ومعدلات التضخم المتوقعة؛ وهذا يعني أسعار فائدة سلبية قد يجعل المدخرين يكفّون عن الاحتفاظ بالليرة التركية».

وأعلن الرئيس التركي عن إجراءات جديدة للدعم النقدي، بعد تجاوز سعر صرف الدولار الـ18 ليرة واليورو الـ20 ليرة، اعتبرها الخبراء أنها رفع غير مباشر لأسعار الفائدة، وتدابير مؤقتة لن تساهم في تحسين الليرة والاقتصاد المنهار.

وتتضمن حزمة التدابير، التي أعلنها أردوغان، إطلاق إدارة مالية تتيح تحقيق مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية نفسه، عبر إبقاء الأصول بالليرة التركية، وتحديد سعر صرف طويل الأجل للشركات المصدرة، من خلال البنك المركزي بشكل مباشر، لتجنبها مشاكل تحديد الأسعار.

ويرى الخبير أويان أن هذه التدابير سيكون لها نتائج سلبية على المدى القصير، فضلاً عن أنها لا تستند إلى أي قانون، وتتعارض مع الدستور التركي. وأوضح أن فهرسة الودائع بالعملات الأجنبية، ستعطي نتائج سلبية، كما حصل في فهرسة الديون الداخلية بالعملات الأجنبية منذ عامين؛ وسيزيد العبء على الخزينة بشكل غير طبيعي.

واعتبر أنه كان يجب أن تستند التدابير المعلنة من أردوغان على أساس قانوني، وهو يحمل الخزينة والبنك المركزي هذه المسؤولية الكبيرة؛ ولو استندت على أساس قانوني، وتم تخصيص ميزانية لهذا الأمر في العام الجديد، فهناك فراغ قانوني كبير.

وفي حال قامت الخزينة التركية، التي تجمع الضرائب من المواطنين لتمويل الإنفاق العام، بتحويل الأموال لأقلية من المدخرين الذين سيبقون الأصول بالليرة التركية، سيكون ذلك مخالفاً للمادة 173 من الدستور التركي.

وشهدت تركيا، في عام 2021 ولاسيما نهايته، مرحلةً تدهور فيها توزيع الدخل وانخفض مستوى الرفاهية على أساس سعر صرف الدولار؛ ناهيك عن زيادة مستوى الفقر، بسبب الظلم في توزيع الدخل بالليرة التركية على الرغم من أن النمو الاقتصادي على أساس الليرة.

وتابع أويان قائلاً: «يبدو أن نسبة النمو السلبي، في الربع الثاني من العام الجاري، الذي بلغ 20 بالمئة، قد أنقذ الاقتصاد ظاهرياً من الآثار السلبية لوباء كورونا، في عام 2020؛ لكن لم تستفد الشرائح الواسعة من هذا النمو، ومعدلات البطالة مستمرة في الارتفاع. حيث عشنا مرحلة تحول فيها الفقر إلى جوع بالنسبة لبعض شرائح المجتمع، وأثارت ممارسات وإجراءات الحكومة سخط المجتمع، وكان لها انعكاسات سلبية».

ولفت الخبير التركي إلى أن أزمة جديدة تنتظر الحكومة التركية في عام 2022، مرجعاً ذلك إلى التقلبات في سعر الصرف، وهذا يضع صناع القرار في الاقتصاد والشركات والأسر، في وضع صعب للغاية؛ إذ إن تحديد سعر صرف طويل الأجل للشركات المصدرة، من خلال البنك المركزي، سيخلق مشاكل تتسبب في التشكيك بنظام سعر الصرف العائم.

وأشار إلى أن الحكومة تحاول التمسك بشيء ما، أثناء توجهها للانتخابات المقبلة، وإظهار أنها غير عاجزة وقادرة على إدارة الاقتصاد؛ لكن ستدخل البلاد مرحلة، يتحول فيها الوضع إلى أسوأ مما هو عليه خلال وقت قصير، بينما لا تملك السلطة أدوات أخرى لتستخدمها في المرحلة الجديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن