طهر التراب
إسماعيل مروة
ينتاب المرء إحساس غريب وهو يرى مدينته تنتهك، أرضه تغتصب، أرضها تفرش ذات فجر، ذات مساء لتفرد روحها للأغراب، لا تملك أن تفعل شيئاً حيال ذلك، ترى ألأنها عاجزة، أم لأن ابنها هو العاجز عن رد الانتهاك والاغتصاب عنها؟
لماذا يحمل فعل الانتهاك والاغتصاب هذه الحاسة المؤلمة؟
ألا يمارس كل منا فعل الانتهاك بشكل من الأشكال؟!
سواء ملك قراراً أم لم يملك يتقلب العابد على سرير الأرق، يلتحف السماء، يفترش الأرض، وأحياناً يفترش ما لا يفترش، يكاد ينغرس في الأرض، يريد أن يغور في حبات التراب، وهو يقتله اليقين أن سماءه وأرضه عرضة للاغتصاب قد يحدث، قد لا يحدث! لكن الأرق لا يفارق إحساس المدنف الذي قتله الجبن، ويتظاهر بأن الطهر لا يغادر أرضه وسماءه!
يود لو أنه انزرع في كل تفصيل
يتمنى أن يستوعب كل شامة ما ظهر من الشامات وما خفي!
الشامات تغلبه في الوطن الممدد!
كتب على الوطن أن يبقى ممدداً، وألا يملك القدرة على مغادرة المكان، ليس بإمكان الوطن أن يختبئ أن يرحل، أن يبتعد، فيبقى ممدداً يهتز مع كل انفجار، يستقبل نشوة العهر من القادم من المجهول!
ملك القوة
ملك سنداً يؤكد ملكيته
لذا يسرح في جنبات الوطن المكلوم
لا يشعر الدمع المنهلّ على جدران الوطن وجنباته
يدعوه فلا يملك إلا الاستجابة.. إنه الممدد على الدوام!
لك الله يا وطناً لا يملك إلا أن يكون حفرة انفجار لعهر قادم من كل مكان!
تأخر القدر
العابد ضعيف، لا يملك غير الدعاء
سلاح عاجز لإنسان أعجز
والسماء تمطر قيحاً نتناً
والأرض تنبت شوكاً
لا البحر يغسل عهر القادم
لا الجبل يعطر بأنسامه صفة القادم
يرقب الوطن البعيد البعيد من شرفة مدماة
دم هنا.. روح ثكلى هناك.. دمار في كل الوجود
بقي كل شيء… فهل يجدي أن يظن العابد طهر التراب؟!