تعمل ما تسمى «هيئة تحرير الشام»، التي يتخذ منها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي واجهة له للهروب من تصنيفه على اللوائح الدولية للتنظيمات الإرهابية، على حشد قواتها، واستقطاب مسلحين وأشخاص جدد، وذلك عقب الانشقاقات التي حصلت في صفوفها في العامين الماضيين.
وأعلنت «تحرير الشام» عن فتح باب الانتساب وتجنيد مسلحين جدد ضمن ما يسمى قوات «العصائب الحمراء» العاملة ضمن مناطق سيطرتها في محافظة إدلب في حملة سمتها «سنشد عضدك بأخيك»، وذلك حسبما ذكرت مواقع إلكترونية معارضة.
وذكرت المواقع أن إعلان «تحرير الشام» جاء بعد الانشقاقات التي حصلت في صفوفها في العامين الماضيين وحصلت على شكل فئة كبيرة من المسلحين التحقت كمجموعات بتنظيم «حراس الدين» المبايع لتنظيم القاعدة المصنف على قوائم الإرهاب.
وتأسس تنظيم «حراس الدين» في أواخر شباط عام 2018، وكان وقتها مليشيا إرهابية ضمن «تحرير الشام»، ولكن بعد أن أعلنت الأخيرة فك ارتباطها عن تنظيم «القاعدة» في حزيران 2016، أعلنت «حراس الدين» انفصالها عنها بسبب ولاء الأخيرة لـتنظيم « القاعدة» وزعيمه أيمن الظواهري.
ثم انضم إلى «حراس الدين» ميليشيات «جيش البادية» و«جيش الساحل» و«سرية كابل» و«سرايا الساحل» و«جيش الملاحم» و«جند الشريعة»، لتتحول بذلك الميليشيا إلى تنظيم لا يُستهان به في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بحماة واللاذقية.
وأشارت المواقع إلى أن إعلان تنظيم «هيئة تحرير الشام»، فتح باب الانتساب وتجنيد مسلحين، جاء عبر منصاتها في تطبيق «تيليغرام»، إضافة إلى لافتات طرقية وزعت في مجمل المناطق والمواقع التي يسيطر عليها التنظيم في محافظة إدلب، موضحة أن الإعلان تضمن رسائل موجهة للالتحاق بـ«العصائب الحمراء» والخضوع إلى دورات عسكرية وأنماط القتال.
وأكد ناشطون مقربون من «هيئة تحرير»، أن الهدف من فتح «باب الانتساب» لـ«الهيئة» مجدداً هو زيادة أعداد ما يسمى «جيش المدرعات»، و«القناصة» إضافة لـ«المدفعية».
وأعلنت «تحرير الشام» في عام 2019 عن تشكيل مجموعات مسلحة وصفتها بالنوعية وسمتها «العصائب الحمراء» وجعلتها مشابهة للقوات الخاصة في الجيوش النظامية.
وأشارت قيادات من «الهيئة» إلى أنها عملت على تنمية تلك التشكيلات عسكرياً ومادياً، إضافة لخضوع مسلحيها لدورات «شرعية» تركز على موضوع الطاعة وعدم رفض أوامر القيادات، حتى تجعل من هؤلاء المسلحين رأس حربة في قتالها مع أي تنظيمات إرهابية وميليشيات مسلحة أخرى منافسة لها، أو حتى مع قوات الجيش العربي السوري.
ونقلت المواقع عن خبير بالتنظيمات «الجهادية» أن هدف «تحرير الشام» من فتح باب الالتحاق والتجنيد بصفوفها، هو تسويق نفسها على أنها جهة معتبرة ومعترف بها شرعياً وشعبياً.
وأشار الخبير إلى أنه من الأهداف الثانوية لـ«الهيئة» من وراء ذلك، تعزيز مسلحيها، حتى تبقى فارضة سيطرتها على محافظة إدلب بشكل خاص وباقي المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية بريف حلب وحماة.
وسبق أن شهدت «تحرير الشام» سلسلة من الانشقاقات نفذها متزعمون وشرعيون أبرزهم، «القاضي» محمود عدنان عجاج، وعصام الخطيب وسمير حجازي الملقب بـ«أبو همام الشامي»، والشرعي الأردني سامي العريدي والشرعيان السعوديان عبد اللـه المحيسني ومصلح العلياني، وأبو اليقظان المصري وابو العبد أشداء، حيث رأى مراقبون أن ذلك يعكس الصراع الداخلي في «تحرير الشام» على الخط العام الذي تسير عليه، بين عصبة متزعمها الجولاني وتيارات متشددة ترفض براغماتيته وسعيه لشرعية خارجية ونزع الصبغة المتطرفة عن خطاب «الهيئة».
وأعلنت «الهيئة» في أيار الماضي عن تأسيس ما يسمى «إدارة التجنيد العسكري» في مناطق تسيطر عليها في إدلب، لتسهيل الانضمام لصفوفها بدل أن تعلن عن دورات انتساب على فترات متباعدة، فوجود ما تسمى «شعب تجنيد» دائمة يبقي الباب مفتوحاً في أي وقت للراغبين بالانتساب، في حين يرى جزء من المدنيين في مناطق نفوذ «الهيئة» في إدلب وريفها أنها تشير إلى إمكانية تجنيد إلزامي في المرحلة القادمة، على غرار ما فعلت ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الموالية للاحتلال الأميركي.
وتعتبر ما تسمى «شعب التجنيد» هي ذاتها مراكز الانتساب السابقة لدى «الهيئة» والتي كانت تعد نقاط استقبال للمسلحين وتوزيعهم على ما تسمى «الدورات الشرعية والعسكرية»، حيث تنتشر هذه المراكز في كل من أريحا وأطمة، وجسر الشغور، في حين تم إعادة تغيير هذه المراكز إلى اسم «شعب التجنيد العسكرية».