دعت المنشقين إلى نصفين من الداخل والعرب والأجانب للعودة رويداً إليه والتطبيع معه تدريجياً أو كلياً، لكن في النتيجة سيكونون إلى جانبه، والأسباب تكمن في العنوان رغم ما أسقط على وطنه من أزمات مبرمجة، وصلت إلى ذروة العنف ضده وضد شعبه، مرفقة إياها بأبشع أنواع الحصار الاقتصادي على شعبه، لكن وجوده أبقى أضواء الأمل منارة، وإن خفتت إلى حين، ومن ثم تقوّت بثباتها إلى درجة كبيرة مع التقدم في عمليات دحر الإرهاب وبقاء بعضه في مناطق الاعتداء المبرمج عليها.
تحققت الانتصارات على كل ما جرى بفضل المنتصرين الذين أصرّوا على تحقيقها رغم أعتى الظروف التي مروا بها، وكأن الدافع الرئيس لهم وجود قائد متميز، أصرَّ بحكمته واستيعابه للمجريات والأحداث على الانتصار لوطنه وشعبه، صحيح أنه تحمّل كل ذلك نتاج إرادته التي يستمدها من إرادة شعبه في رفضه للخضوع والتبعية ومقاومة كل المشاريع الاستعمارية، بأشكالها القديمة والحديثة والمستحدثة، وإصراره على أنها حرب تمثل مئات المعارك.
نحن المتحركون على جغرافية وطنه، التي من خلالها نؤمن بأن النهاية قريبة لعقد الجفاف والقحط والنكران للفضائل والجمائل، التي شكلت للآخر الموجود في المحيط القريب والبعيد أرقاً دائماً، وكانت سبباً للعمل على تدمير وطن وإسقاط دولة موغلة في أعماق التاريخ، إلا أن الكبرياء السوري المتجسد في شخص الرئيس الأسد وسواد شعبه المؤمن بوطنه وبه أفنيا صورة داحس والغبراء، وأنهيا لغة قابيل وهابيل التي حاولوا إعادتها للوجود أو تصوير اقتتال الإخوة في رواية دوستويفسكي وتحويلهم إلى أعداء، امتداد جدلي أستحضره من ذاك الماضي الموغل في القدم لحاضر يعمل المخلصون من أبناء هذا الوطن على وأده.
مصداقية الأسد تتحدث عن ذاتها منذ وصوله إلى سدة الحكم، لم تتغير مواقفه، فبدا راسخاً حكيماً مؤمناً بشعبه ووطنه، نهض في العقد الأول من حكمه نهوض البنّائين، كيف يحدث هذا من زعيم قائد عربي؟ لم يرُقْ لهم هذا، اخترعوا ما أطلق عليه الربيع العربي، فتصدى لهم بالمنطق والروية مستخدماً إسفنجة الحكماء، فتقدم شعبه وجيشه وأمته حماية ودفاعاً، وكان بينهم يحفزهم عبر كل الوسائل المباشرة وغيرها، واجه أعتى خبراء الغرب في الإعلام، والتقى العديد منهم، وأهمهم أولئك الذين يكنّون العداوة له ولشعبه، حاورهم باقتدار، وتحمل أسئلتهم التي بلغت أعلى درجات الوقاحة، وهنا أكتب بتصرف، وكان من أهمها متى ستستقيل؟ وكانت إجابته واضحة، أنا لا أتمسك بالسلطة، فلدي مهنتي كطبيب، ولكنني لست أنا من يدع القيادة والوطن في خضم معاركه لحظة أن يعود الأمان وندحر الإرهاب، وتعود سورية الوطن والإنسان لحضورها وتألقها، أكون في موقعي الطبيعي بكوني مواطناً عربياً سورياً أولاً وأخيراً، فالقيادة مسؤولية وإنجازات، لا إغراء ولا إغواء.
بشار الأسد مزيج من روح الشباب، وحضور الرجولة، وحكمة الكهولة، وتألق الساسة القادة، لغته مرنة، وصوته جاذب أنيق، متصالح مع وجوده، أغراه فقط الانتصار لوطنه وشعبه والبناء لهما، مؤثراً ذلك على نفسه، ومستفيداً من مهنته الرئيسة كطبيب، التي يستمد منها العون، لأنها لا تدع المريض إلا أن يشفى في مهنته، كرئيس رفض الاستسلام لمن تآمر عليه، وتعهد بالدفاع عن سيادة وطنه واستقلاله ووحدة أراضيه وإعادة بناء ما تهدم بفعل العدوان المتعدد الأشكال بشكل أفضل مما كان عليه.
قرر الأسد خوض معارك الحرية والتحرر الحقيقيين لا الوهميين من اللحظة الأولى لاستلامه مهام مهنته الثانية والدفاع عن حقوق ليس شعبه فقط وحقوق الأمة المستحقة والوقوف في وجه كل ما يغري بهم أعداء الأمة وشعوبها، ومن دون أن يقبل أي تنازل لا أخلاقي، ربما سواد الشعب لا يعرف عن طبيعته، وربما ينجر خلف تلك الميديا المضللة التي ضغطت كثيراً لحرفه عن مساره أو ابتعاده وإصراره على إحداث الانفراج النابع من جوهره وأدبياته، ومعها يستخدم تكتيكاته التي تقع ضمن إستراتيجيته المؤمنة بالثوابت، وتتحرك ضمن المصالح وتحقيق الأفضل رغم كل الظروف، إنه يؤمن بالحق وباستعادة الحقوق، ولا يؤمن بالعداوة لأحد، بل لديه منطق العداوة مع من يعتدي، من يستلب، من يَفسد ويُفسِد.
هذه هي بعض من قراءة في مصداقية الأسد التي قرأتها في شخصية فذّة نادرة، تستحق الوجود والاستمرار، ورغم كل ما يحاك لها فهي منتصرة، لأنها شخصية حق ومتألقة، لأنها تؤمن ليس بسنة جديدة قادمة بعد أيام، بل بالحياة المديدة، للجميع أقول فيها: كل عام وأنتم سيادة الرئيس وشعبنا ووطننا بألف خير.
عندما يصرخ البعض من الساسة العرب والأجانب بصفاقة، فلا تصدقوهم، في سورية وجب علينا أن نسألهم: كيف أنتم كائنون؟ وعلى ماذا تتربعون؟ لو كنتم مكاننا في سورية فهل كنتم تستسلمون؟ أعتقد أنكم فعلتم، لكن نحن والأسد لا.