شؤون محلية

تسوّل «منظم» في حمص … رئيس جمعية أهلية لـ«الوطن»: شبكات تدير وتستغل الأطفال والنساء… وقائد الشرطة يرد: لا صحة لذلك والمعلومات غير دقيقة

| حمص - نبال إبراهيم

تنتشر ظاهرة التسول بشكل كبير في مختلف أنحاء مدينة حمص، وباتت هذه الظاهرة تزداد يوماً بعد يوم وبإمكان أي أحد يجول بالمدينة مشاهدة أعداد المتسولين الذين يتخذون من إشارات المرور وأبواب بعض المولات والجوامع مواقع للتسول بشكل يومي، ما يدل على امتهان هؤلاء للتسول كمهنة وعمل يدر عليهم أرباحاً يومية.

وأكد العديد من المواطنين ممن التقتهم «الوطن» أنهم شاهدوا مراراً وتكراراً أشخاصاً تقلهم سيارة خاصة أو عامة يقومون بجمع ما يحصل عليه المتسولون من الأطفال والنساء من مبالغ مالية يومياً عند وجودهم في مواقع تسولهم إضافة إلى قيام هؤلاء بجمع المتسولين في سيارة عند الانتهاء من التسول أواخر النهار وحتى في ساعات متأخرة من الليل، لافتين إلى أن هؤلاء المتسولين باتوا يحرجون الأهالي ويعتمدون على طرق عدة في تسولهم كالاستجداء بطريقة بشعة ومهينة أو استغلال وجود حالات العجز والمرض للحصول على المال والبعض منهم يعمد إلى التعنيف والتلفظ بكلمات نابية لكل من لم يعطهم المال.

بدوره رئيس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الأهلية التي كانت تستقبل المتسولين بالمحافظة سابقاً الدكتور ماجد شربك أكد لـ«الوطن» أن عملية التسول أصبحت ظاهرة بالمحافظة نتيجة لتزايد عدد المتسولين وأن هذه الظاهرة ازدادت حالياً بشكل كبير وبنسب أكبر مما كانت عليه سابقاً، لافتاً إلى التسول أصبح منظماً بأطفال ونساء يتم تشغيلهم من أشخاص معينين يقومون بجباية ما يجنيه هؤلاء من تسولهم، لافتاً إلى الممانعة التي يبديها الكثير من المتسولين في حال عدم حصولهم على المال.

واعتبر شربك أن هذه الظاهرة أصبحت جريمة منظمة بحق المجتمع وبحق من يتم استغلالهم وأوجدت شبكات منظمة تدير عمليات التسول في المحافظة وتعمل على استغلال الأشخاص ولاسيما الأطفال والنساء على حد سواء، مؤكداً أن نسبة التسول هذا العام زادت بما يزيد على 50 بالمئة على الأقل مقارنة بالعام الماضي، وبات المتسولون موزعين في مختلف أحياء المدينة ومناطقها ويشاهدون وهم يقفون في أماكن معينة بشكل يومي ويقوم أحد الأشخاص بجباية ما يجمعونه من مال كل فترة من الوقت.

وأشار إلى أن الموضوع بات كبيراً ومنظماً وما يتم مشاهدته تسول منظم وأن الأسلوب الذي يستخدمه المتسولون فيه شيء من الوقاحة والتعنيف وقد يتطور إلى التهجم أو الضرب في حال لم يحصل على المال، مؤكداً أن الفقير الذي يحتاج لا يقوم بذلك ولا يلجأ إلى هذه الطرق وإنما يعرف كيف يحصل على المساعدة عن طريق مديرية الشؤون الاجتماعية أو الجمعيات الخيرية.

وحذر شربك من أن هذه الظاهرة المنظمة ستفضي بالنهاية إلى جريمة منظمة واستغلال هؤلاء المتسولين بطرق أخرى قد يكون جنسياً أو سرقة أو جريمة أو غير ذلك، مشدداً على ضرورة تكافل كل جهود الجميع المحلي والأهلي مع الدولة وجميع الجهات الأمنية والشرطية لمكافحة هذه الظاهرة بأي طريقة من الطرق حتى لا تتطور وتتحول إلى جريمة منظمة.

وقال: إننا كجمعيات أهلية جاهزون لتأمين مقر لإيواء واستقبال المتسولين الذين يستحقون ذلك نتيجة الفقر، وتوفير كافة المتطلبات المادية واللوجستية إلا أن باقي الأمور القانونية والسلطوية يحتاج إلى دولة وقرار، مشيراً إلى أنه في ظروف الحرب هناك من يستغل الأزمة فالبعض من التجار استغلها بالغلاء والبعض من الأشخاص استغلها بالتهريب وآخرون استغلوها بالتسول وهذا من أبشع أنواع الاستغلال لأنه يستغل البشر.

وبيّن شربك أن محافظة حمص كانت سابقاً خالية تماماً من التسول والمتسولين، ومضى ما بين 20 إلى 30 عاماً ولم يكن هناك متسول واحد فيها لأنها كانت حالات فردية يتم معالجتها على الفور من الجمعيات الخيرية.

من جهتها بينت مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة سمر مصطفى «للوطن» أنه يوجد لدى المديرية مكتب لمكافحة التسول والتشرد كان يقوم بجولات صباحية ومسائية لرصد تلك الحالات، وأنه تم رصد 116 حالة تسول خلال عام 2020 قبل الماضي وبلغ عدد الحالات التي تم ضبطها حتى نهاية الشهر الثامن من العام الماضي 52 حالة، إلى أن جاء التعميم من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المتضمن متابعة ظاهرة انتشار التسول والتشرد وإيجاد آلية للحد من هذه الظاهرة، وتم خلاله تكليف قيادة الشرطة ضبط المتسولين والمتشردين واقتصر دور المكتب على عرض الحالات التي يتم توقيفها من الشرطة على المحامي العام وعدلية المحافظة وفق الضبوط أصولاً مع استكمال الإجراءات القانونية اللازمة وإعداد تقارير أسبوعية عن الحالات المضبوطة والمحالة إلى دور الرعاية ورفع هذه التقارير إلى الوزارة والمحافظة عن طريق المديرية.

وحول ما إذا كان هناك من يمتهن التسول أو يديرها في حمص أشارت مصطفى إلى أنه ليس لديهم أي معلومات عن هذا الموضوع وأن هناك تناقصاً في أعداد المتسولين العام الماضي مقارنة مع العام قبل الماضي حسب إحصائيات المديرية، لافتة إلى أنه لا يوجد حالياً مركز أو دار لاستقبال المتسولين في حمص وأن أي حالة موجودة لم يكن لديها عائلة تهتم بها يتم إرسالها إلى دمشق لاستقبالها ومعالجة موضوعها، وأما باقي المتسولين فيتم تنظيم ضبوط بحقهم ويتعهدون بعدم العودة للتسول وتسليمهم إلى ذويهم.

من جانبه أكد مدير مكتب مكافحة التسول في حمص ياسر جروان لـ«الوطن» أن محافظة حمص تعتبر من أقل المحافظات التي تنتشر فيها هذه الظاهرة من حيث أعداد المتسولين والمتشردين مقارنة بالمحافظات الأخرى، لافتاً إلى أن أعداد المتسولين في العام الماضي انخفضت بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام قبل الماضي، مستبعداً أن يكون هناك وجود لأي شبكات تدير عمليات التسول ولم يتم الاشتباه في ذلك حتى تاريخه.

وأشار جروان إلى أن أغلبية المتسولين الذين يتم ضبطهم من النساء والأطفال وهم من مكتومي القيد ولا يمتلكون أي أوراق ثبوتية تثبت هوياتهم في السجل المدني، مشيراً إلى أنه يتم إصدار شهادات تعريف خاصة بهم من مخاتير المناطق التي يقطنون بها بعد تنظيم الضبط اللازم، مبيناً أنه في حالة ضبط أي حالة تسول يتم إحالة المتسول إلى القضاء المختص سواء كان بحوزته هوية شخصية أم إخراج قيد أو شهادة تعريف، وفي حال كان المتسول مكتوم القيد ولا يحمل أي وثيقة ثبوتية له يتم تسليمه إلى قسم الشرطة التابع للمنطقة التي تم ضبطه فيها عن طريق النائب العام بالمحافظة.

وبيّن جروان أن عدد حالات التسول التي تم ضبطها منذ بداية العام الماضي وحتى تاريخه وصلت إلى 56 حالة منها 20 حالة تسول لنساء و10 أطفال ذكور و11 حالة لأطفال إناث و11 حالة لرجال مكتومي القيد، مشدداً على ضرورة تعاون المجتمع المدني مع مكتب مكافحة التسول لمكافحة هذه الظاهرة وعدم تجاوبهم مع المتسولين وعدم إعطائهم أي مبلغ من المال وإعلام المكتب ليقوم بواجبه على الفور.

من جهته أكد قائد شرطة محافظة حمص اللواء عبدو يوسف كرم لـ«الوطن» أنه لا صحة لوجود أي شبكات تدير التسول وتستغل الأشخاص في المحافظة وأن هذه المعلومات غير دقيقة ويتأكد ذلك من خلال الضبوط المنظمة في الوحدات الشرطية التي تثبت عدم وجود هذه الشبكات على مستوى المحافظة، مؤكداً أنه تم أخذ هذه المعلومات على محمل الجد وستقوم الوحدات الشرطية بالعمل الجاد والمراقبة واتخاذ كل الإجراءات القانونية بحق هؤلاء وفي حال ثبت ذلك بالتنسيق مع إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص.

وأشار كرم إلى أنه تم توجيه العناصر الشرطية بالتشدد لمنع هذه الظاهرة قرب إشارات المرور وفي مواقع خدمتهم والإعلام الفوري للوحدة الشرطية عن أي حالة يتم ضبطها في منطقة عملها، مبيناً أن قيادة الشرطة تقوم حالياً بتنفيذ آلية العمل المعتمدة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لضبط المتسولين والمتشردين من خلال تخصيص الخطين الساخنين (108 و115) لإبلاغ غرف العمليات عن حالات التسول والتشرد وأماكن وجودها لتقوم فوراً بإعلام الدوريات المنتشرة في المدينة لضبط تلك الحالات وتسليمها للقسم المختص وتنظيم الضبط اللازم أصولاً.

وأوضح قائد الشرطة أنه يتم إيداع الرجال بالنظارة والنساء والأطفال مؤقتاً بجناح خاص في فرع سجن حمص المركزي مع مراعاة معايير التعامل مع الأطفال، ويتم تسليمهم في صباح اليوم التالي إلى مكتب مكافحة التسول لتقديمهم بمؤازرة وحداتنا إلى المحامي العام بحمص لاتخاذ الإجراء القانوني المناسب بحقهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن