إطلاق العرض الخاص لفيلم «المطران» … باسل الخطيب: تسليط الضوء على مرحلة مهمة وحاسمة في حياة المطران كبوجي … حسن م يوسف: يعبّر عن الدين الوطني الذي يعتبر أن الطريق إلى اللـه يمر عبر الوطن
| وائل العدس - تصوير مصطفى سليم
بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيل المطران إيلاريون كبوجي، أطلقت وزارة الإعلام العرض الخاص لفيلم «المطران» مساء الأحد في دار الأسد للثقافة بحضور وزير الإعلام د. بطرس حلاق ووزيرة الثقافة د. لبانة مشوح ومحافظ دمشق عادل العلبي إلى جانب عدد من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بالشأن السينمائي.
الفيلم من تأليف حسن م يوسف وإخراج باسل الخطيب وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وبطولة رشيد عساف وسامية الجزائري وباسل حيدر وآمال سعد الدين وليا مباردي ويحيى بيازي وأمير برازي وترف التقي ونادين قدور وأحمد رافع وسيزار القاضي وحسن دوبا وهافال حمدي ومحمود الويسي ومحمود خليلي وأسيمة يوسف وغسان عزب ورائد مشرف وأنس الحاج ومروان غريواتي.
وقبيل عرض الفيلم قدّم وزير الإعلام لأفراد أسرة الفيلم دروعاً تكريمية، حضر منهم المؤلف الموسيقي سمير كويفاتي ومدير التصوير والإضاءة ناصر ركا والممثلون آمال سعد الدين وباسل حيدر وليا مباردي إضافة إلى كاتب ومخرج الفيلم، في حين تغيب الأب إلياس زحلاوي الذي قام بالمراجعة الدينية والتاريخية للفيلم، وأيضاً تغيب الفنان يحيى بيازي وترف التقي.
والجدير ذكره أن الفيلم أحرز جائزة التحكيم في مسابقة نور الشريف للفيلم العربي في الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط.
شاهد حي
تدور أحداث الفيلم عن المطران السوري إيلاريون كبوجي، بعد أن أنهى دراسته اللاهوتية في معهد القديسة حنة في القدس أواخر أربعينيات القرن الماضي، فكان شاهداً حياً على نكبة فلسطين ومأساة شعبها عام 1948.
يعود إلى المدينة المقدسة عام 1965 مطراناً للروم الكاثوليك، ليكون شاهداً على استمرار المأساة ونكسة حزيران 1967 وسقوط القدس بيد الاحتلال، لتبدأ مرحلة مهمة من حياته، كان فيها من جهة راعياً صالحاً لشؤون رعيته وكنيسته، ومن جهة أخرى مناضلاً في سبيل استعادة الشعب الفلسطيني حريته وحقوقه الإنسانية المشروعة، حيث حوكم من سلطات الاحتلال بتهمة نشاطه السياسي ودعمه للمقاومة، في محاكمة تاريخية تعتبر من أشهر محاكمات القرن العشرين، وسجن إثرها لمدة أربع سنوات قبل أن يتم نفيه إلى روما.
يسلط الفيلم الضوء على سنوات المعتقل التي كابد فيها المطران شتى أنواع العذاب والمعاناة من دون أن يتنازل عن مواقفه الوطنية والإنسانية، قبل أن يتدخل الفاتيكان لإطلاق سراحه المشروط بإبعاده عن فلسطين ومنعه من زيارة أي دولة عربية وعدم ممارسته لأي نشاط سياسي، قبل أن يعود أخيراً إلى وطنه سورية عام 1979 بترحيب واحتضان القائد الخالد حافظ الأسد.
القضية الأولى
أوضحت قصة الفيلم مدى العزة والكرامة اللتين تميزان الشعب العربي بصفة عامة والسوري بصفة خاصة، وقد ظهرتا في شخص المطران الذي تحمَّل الضغوطات والممارسات غير الإنسانية ضده من جانب الاحتلال ولم يخضع له.
كما شدد على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى عند سورية قيادة وشعباً.
لكن رسالة الفيلم الأكثر رسوخاً كانت بأن إيلاريون كبوجي رغم كل معاناته وتشريده وإبعاده عن مدينة القدس التي أحب لم يتوقف يوماً عن الدعوة لتحريرها من مغتصبيها وبأنها ستعود يوماً وأن مهد المسيح لن يظل إلى الأبد بيد الغزاة والقتلة.
وهناك دلالات كثيرة لازمت المطران كبوجي تشير إلى إخلاصه وتفانيه للقضية الفلسطينية، ومنها أنه لم يفارقه مفتاح بيت «أم عطا» في القدس والسكين «الأمانة».
العمل قدّم سيرة ذاتية بأسلوب علمي روعيت فيه معايير النجاح عبر إيصال المعلومات التاريخية الموثوقة في واقع الحياة المتسارع الذي يمنع البعض من قراءة الكتب والمراجع، فجاء أقرب إلى الوثيقة عبر تقديم شخصية المطران بكامل تفاصيلها الإنسانية، بعمل فني توخى تقديم رؤية جمالية.
الفيلم لم يكن مجرد عمل فني يسلط الضوء على حياة المطران فقط، بل كان قراءة وطنية وفكرية وثقافية وإنسانية، قراءة تبحث في أعماق الماضي وتستحضر الواقع الحالي.
قالوا لـ «الوطن»
مخرج الفيلم باسل الخطيب كشف أنه تم تصوير مسلسل «حارس القدس» وفيلم «المطران» في وقت واحد، لكن المسلسل يغطي حياة المطران كاملة في حين لم يكن ذلك هدفنا في الفيلم.
وقال: اخترنا تسليط الضوء على مرحلة مهمة وحاسمة بحياة المطران كبوجي المرتبطة بنضاله ومقاومته للاحتلال ثم اعتقاله وسجنه وحتى عودته إلى سورية عام 1979، هذه المرحلة الزاخرة بالأحداث والمواقف الدرامية الوطنية والإنسانية.
وأكد الكاتب حسن م يوسف أن المطران كبوجي يعبر عن الدين الشعبي في منطقتنا والذي جسده أيضاً عز الدين القسام الذي غادر جبلة شيخاً وقاوم الاحتلال واستشهد على أرض فلسطين.
وأضاف إن المطران يعبّر عن الدين الوطني الذي يعتبر أن الطريق إلى اللـه يمر عبر الوطن، وأن القيم التي جسدها في حياته هي التي حولته لقيمة في حياة الناس.
وتابع أن كبوجي لم يكن غامضاً ولا نخبوياً، بل كان صريحاً وواضحاً بحيث يقول «من لا يحب أمته خائن لربه».
المؤلف الموسيقي سمير كويفاتي أوضح أنه أضاف للموسيقا التصويرية عدة تفاصيل لم تكن موجودة في المسلسل لضرورات سينمائية، مركزاً على الموسيقا الأكثر روحانية.
بدوره الممثل باسل حيدر أكد أن المطران كبوجي رمز وطني جدير بأن يوثق بأعمال فنية وكل ما هو جميل ويرقى لمستوى نضاله، مشيراً إلى أن المطران صاحب تاريخ مشرف ونضال كبير ويحق له أن تؤرخ حياته.
أما الممثلة آمال سعد الدين فبيّنت أن شخصية المطران نطمح لها جميعاً، هذه الشخصية المحبة والقوية التي تتبنى القضية وتدعمها حتى آخر رمق، مشيرة إلى أن كبوجي وحد الأديان وكان يزور المساجد كزياراته للكنائس لأنه كان يحكي بلسان الإنسان.
وأخيراً، شددت الممثلة ليا مباردي على أهمية إنتاج أعمال فنية من هذا النوع، لأن الدراما والسينما مقلتان بأعمال السير الذاتية، موضحة أن المطران كبوجي لم يكن رجل دين فقط بل كان رجل سياسة ورجلاً مناضلاً، وكان من الضروري أن ينتج فيلم سينمائي عن حياته، مشيرة إلى أن الفيلم أضاف لمسيرتها الفنية الكثير.
وأكدت أنها كانت متخوفة من أداء شخصية «الراهبة مريم» لأن لها عدة مراحل عمرية، كاشفة أن المخرج باسل الخطيب ساعدها كثيراً.