ثقافة وفن

الأدب وتقادم عمره الزمنيّ

| منال محمد يوسف

نكتبُ عن ماهيّة جماله، عن رقراق نهره العذب، عن صفحات خالدة.

كُتبتْ في صفحاته وفي وصفه المتعالي المقام، وما زالتْ تُكتبُ في وصف حاله ونبل ترحاله.

في الأدب وتقادم عمره الجماليّ لا نزالُ نكتبُ ونبحثُ عن أشرعة القصائد التي يُبتغى الإبحار بها، لا نزالُ نبحثُ عن «سرّ الأدب وكيف ينعكس ضوء الأزمنة عليه»؟

نبحثُ عن إرثه الوهّاج الذي يُمثّل رُبّما خير جواب على تطور الأدب عبر السنين وكيف أصبح يُمنح قدماً وتقادماً عبقرياً يستحق الوقوف عندهما.

في الأدب وتقادم عمره الفكريّ والثقافيّ ما زلنا نقرأ عن الأدب المكتوب من الألفِ إلى الياء بلغةِ النضوج الفكريّ الذي تقادمَ نوره مع تعاقب الأزمان، وأصبحت مشكاته المُثلى تُمثّل «ضوء الأبجدية الأول» وأخذت تغدو كالقناديل الوهّاجة تُعلّق على شجرة الأدب وتوقد بعض مشاعلها وتوثق بعض عُراها أو عُرى جمالها الأدبيّ وعزفه المتفرّد.

في الأدب وتقادم «نور الأعوام الوهّاج عليه»لا نزالُ نكتبُ تواريخ تصف حاله عبر العصور، وتكتبُ عن «زهر فحواه وعطر محتواه»، تكتبُ عن شجرته الطيبة وجذوره المغروسة والنابتة في أرضِ الزّمان والمتوّجة بشيءٍ يدعم أمثولته العظمى وعُراها الوثقى التي تمتد منذُ أقدم التاريخ وإلى يومنا هذا.

في الأدب وتقادم عمره الجماليّ لا نزالُ نكتبُ ونستعير من شموسه ما يُنير لنا دروبنا وما يذكّرنا بهؤلاء الذين مضوا على دروب الإبداع الحقيقيّ وكانوا شموساً وأقماراً في دنياه.

كانوا فحواه الجماليّ الذي يحفظ «وجه السنين ويُكرّم وجهها» ويُخبر عمَّا حصل بها، ويُدوّن فهرسة الوجود الإنساني الذي يختصر عمر التقادم الزمنيّ، ويوضح أوجه العلاقة بين «الأدب والتقادم الزمنيّ».

ويطلعنا على معطيات مهمة قامت برفد أنهر الأدب عبر العصور، وكذلك قامت بمنحه خير المهمات وخير الصفات الدالة والمدلول على وصف حالها المكاني والزّمانيّ.

فعندما نقرأ «الأدب وحال واقعه عبر الأزمنة» نلمح شموساً وهّاجة السير التاريخية والأدبية، وإشارات ضوئية موجودة بين كلّ مُجلّد أدبيّ وآخر.

نلمح وشاح الأدب المُطّرز بجمال الأعوام ومكنون درّه الثمين ونستقرئ كيف تطور الأدب وأصبح حاله يُذكّرنا بحال «التراكميّة المعرفيّة»، بحال الشيء المعرفيّ الذي يُراد القطاف من أشجاره النابتة على ضفاف أنهر الزّمان.

وهنا يُقصد أنهر الشيء الذي يُختزل في معنى الأدب وبالمقابل يختزل سموّ كلّ معانيه السامية ويسمو كُلّما تقادمَ «عمره الأدبيّ والزمنيّ معاً»، وكُلّما تقادم نور جماله وأصبح يزدادُ حضوراً رفيع المنشأ، ويروي حكاية الأدب من الألف إلى الياء خلال العصور الماضية.

وهنا نقرأ عن مفهوم الأدب ونوره الوهّاج الذي أشرقَ عبر السنين وترك بصمته النيّرة، ترك مصداقية تزهو بها «شفافية الأدب» التي عكستها «مرآة العصور»، عكست تطور الأدب وكلّ ما جاء وقيلَ فيه وكلّ ما تلاه من تطورٍ فكريّ ثقافيّ ضمته مجلّدات الأدب.

وما جاء لِيشكّل فصولاً من التراكمية الجديدة المتجدّدة التي تُضيف إلى لغة المعارف الصغرى والكبرى على حدٍّ سواء.

تمنحها أحقية الإبداع المبتكر ونور غرسها ومشعل نورها الذي لا ينطفئ، وإنما يبقى كالشيء وأثره الطيب لا يختفي قمره رغم تقادم السنين ولا نزال نرى كيف تمنح الأدب ذلك التوهّج والنضوج الفكريّ وكيف تجعله «لغة العصور الناطقة» التي لا تموت؟

وبالتالي كيف تمتثل كالشموس المشرقة التي لا تغيب، تُختصر به جماليّة الأدب نهجاً قويماً وتوقدُ لها الكثير من «شموع التقادم الزمنيّ» وتجعلها تُشرق وتُضيء بلاطات الأدب وتمنحها بالتالي شيئاً من «نور الأبجديات الخالدة ونبضها الباقي»، تمنحها مصداقيّة في دساتير وصفها الأول والأخير.

وكذلك تُعرّفنا على حال الأدب ونور التقادم الزمنيّ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن